المصدر: Gulf States
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة/ اضغط هنا
بدأت الإمارات تكثف من تواجدها في السودان، حيث يُعتقد أن مستشار الأمن القومي، طحنون بن زايد، يلعب الدور الأهم في ذلك، في حين يظهر من الجانب السوداني رجل الأعمال السوداني، أسامة داود عبد اللطيف، الذي يُنظر إليه على أنه وثيق الصلة بالنظام العسكري في الخرطوم، ويقال إن له علاقة قوية مع "طحنون". بدوره، يخطط "عبد اللطيف"، وهو رئيس مجلس إدارة "مجموعة دال" السودانية العملاقة، لتطوير ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر، كجزء من حزمة استثمارية بقيمة ستة مليارات دولار تشمل سلسلة من كيانات أبوظبي.
ففي تصريحات لوكالة "رويترز" في الـ21 من حزيران/ يونيو، قال "عبد اللطيف" إنه تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن ميناء ومشروع زراعي، والذي أصبح الآن في "مرحلة متقدمة" مع استكمال الدراسات والتصاميم. وبحسب مخطط "عبد اللطيف"، فإن الخطة تتضمن إنشاء ميناء بطول 200كلم شمال بورتسودان، بمساعدة شركة "موانئ أبوظبي"، إضافةً إلى منطقة تجارة حرة ومطار دولي.
كما سيتم تطوير مشروع زراعي بقيمة 1.6 مليار دولار، على مساحة 400 ألف فدان (160 ألف هكتار)، من قبل "شركة دال" للزراعة و"الشركة الدولية القابضة" (IHC) ومقرها أبو ظبي، وذلك بالقرب من أبو حمد على نهر النيل شمال الخرطوم. ومن المتوقع أن يمول "صندوق أبوظبي للتنمية" طريقًا جديدًا بطول 500 كلم يربط الأراضي الزراعية بالميناء. أخيرًا وليس آخرًا، سيتم إيداع 300 مليون دولار في بنك السودان المركزي من مصدر لم يذكر اسمه.
ويبدو هذا المشروع مشابهًا جدًا لمخطط آخر مرتبط بمستثمرين سعوديين، والذي تضمن أيضًا مشروعًا زراعيًا كبيرًا على نهر النيل وتطوير ميناء البحر الأحمر. فقد ذكر كل من وزيري المالية، جبريل إبراهيم، والاستثمار، الهادي محمد، لصحيفة "سودان تربيون" في تموز/ يوليو 2021، أنهما ناقشا خططًا مع مستثمرين سعوديين خلال رحلتهما إلى الرياض، لكن يبدو أن تلك الخطط لم تحرز تقدمًا.
كذلك، فإن المشروع الإماراتي لا يبدو أنه يحرز تقدمًا أيضًا بالشكل الذي أفصح عنه "عبد اللطيف"؛ ففي بيان صادر في الـ21 من حزيران/ يونيو لسوق أبو ظبي للأوراق المالية، قالت شركة "موانيء أبوظبي" إنها "لم توقع أي اتفاقيات فيما يتعلق بمشروع مشترك لبناء ميناء في السودان... لكن هناك مناقشات أولية جارية مع السلطات المعنية في السودان."
جدير بالذكر أن "مجموعة دال"، التي تعمل في قطاعات كثيرة كالزراعة والطاقة والرعاية الصحية والتعدين، لديها مكتب في المنطقة الحرة بمطار دبي، وكذلك في الرياض والصين وماليزيا. ومع ذلك، فإن الشركات الإماراتية المذكورة جميعها من أبو ظبي، والعديد منها له علاقات قوية مع "طحنون"، بما في ذلك "الشركة الدولية القابضة" (IHC)، التي يرأسها هذا الرجل القوي. وفي شباط/ فبراير، استحوذت (IHC) على حصة في "موانيء أبو ظبي"، وخلال الأسابيع الأخيرة، زار "طحنون" كلًا من لندن والدوحة، ويعتقد أن ملفات السودان وليبيا كانت على جدول أعماله.
تنافس داخلي بالخرطوم
تأتي بوادر الاهتمام الإماراتي الأكبر وسط صراع على السلطة في السودان بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، الذي استولى على السلطة بانقلاب نيسان/ أبريل 2019، ومرة أخرى بانقلاب آخر في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وبين نائبه، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي كان يزور أبو ظبي بانتظام في السنوات الأخيرة، وأثبت ولاءه لأبو ظبي من خلال قيادة فرقة كبيرة من الجنود في حرب اليمن.
من جهته، حافظ "البرهان" على روابط قوية مع القيادة السعودية والإماراتية في الماضي، لكن علاقته تبدو الآن أكثر توترًا من تلك التي يتمتع بها "حميدتي"؛ فقد كان "البرهان" في الإمارات في الـ11 من آذار/ مارس للقاء ولي عهد أبوظبي آنذاك ورئيس الإمارات الحالي، محمد بن زايد، بحضور "طحنون" أيضًا. لكن "البرهان" تلقى دعمًا محدودًا، ربما لأنه أمر بالإفراج عن العديد من السجناء الإسلاميين في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمن فيهم زعيم "حزب دولة القانون والعدالة"، محمد علي الجزولي. كما تم إرسال وزير المالية، جبريل إبراهيم، وهو زعيم سابق للمتمردين في دارفور، إلى السعودية في نيسان/ أبريل لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد العربي، بهدف تأمين تمويل بقيمة مليار دولار، ورغم ذلك، لم يتم الإعلان عن صفقة تمويل.
ومنذ توليه السلطة، حاول "البرهان" ترسيخ موقعه من خلال تركيز السلطة داخل مؤسسات مثل وزارة الدفاع، وتطوير العلاقات مع الحلفاء الإقليميين؛ فكانت أولى رحلاته بعد استيلائه على السلطة إلى القاهرة والإمارات في أيار/ مايو 2019، وفي الآونة الأخيرة، زار كلًا من مصر وليبيا وتشاد في محاولة لتعزيز موقفه.
التواصل مع روسيا
يشير بعض المراقبين إلى أن اهتمام أبوظبي المتزايد بالسودان يعمل أيضًا على التقريب بين الخرطوم وموسكو؛ فقد كان رد روسيا على الانقلاب في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 صامتًا بشكل متوقع، ودارت مناقشات مجددًا حول السماح لروسيا بتطوير قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر في السودان. كما زار "حميدتي" موسكو في عدة مناسبات، حيث حصل في شباط/ فبراير على مساعدة عسكرية ودعم استخباراتي من خلال "وكالة أبحاث الإنترنت" (Glavset).
ورغم ذلك، فقد استخدم "البرهان" وزارة الدفاع للسيطرة بشكل أكبر على ميناء السودان والمشاريع الصناعية الأخرى في المنطقة الشرقية، ما يقلل من إمكانات "حميدتي" وداعمه الرئيسي (الإمارات) لتأمين وصول روسيا إلى المنطقة، وقد يكون تطوير ميناء جديد على البحر الأحمر أحد السبل للتعامل مع هذه القضية.