المصدر: فيتش سوليوشنز - فيريسك أناليتيكس
الترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
هجوم أصفهان الأخير قد يشير لاستعداد "إسرائيل" لاستهداف مواقع التخصيب النووي الإيرانية
إن الانفجارات التي وقعت في مصنع أسلحة في أصفهان وسط إيران في الـ28 من كانون الثاني/ يناير الماضي، تؤكد حالة التوازن الهش خلال عام 2023؛ فوفقًا لوزارة الدفاع الإيرانية، تم تنفيذ الهجوم من قبل ثلاثة طائرات بدون طيار "Quadcopter" المعروفة أيضًا باسم Micro Arial Vehicles (MAV)، تحمل كميات صغيرة من المتفجرات. كما أفادت الوزارة أن اثنتين من مركبات الصعود من المريخ أُسقطت بواسطة أنظمة مضادة للطائرات تحرس المصنع، بينما انفجرت إحداها على سطح المبنى وسببت أضرارًا محدودة.
ورغم عدم إعلان أي جهات حكومية أو غير حكومية مسؤوليتها حتى الآن، فقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أنه نسب الهجوم إلى "إسرائيل". كما جاء هذا الهجوم بعد وقت قصير من تقارير وسائل إعلام حكومية إيرانية عن اندلاع حريق منفصل في مصفاة نفط، بمدينة تبريز شمال غرب إيران، رغم أنه لا يزال من غير الواضح إذا كان الحدثان مرتبطين ببعضهما أم لا. يُذكر أن مصنع الأسلحة المستهدف قريب نسبيًا من خريطة موقع أصفهان النووي للمواقع النووية الإيرانية.
من جانبها، نفت الإدارة الأمريكية أي تورط في تلك الضربة، بينما نُسبت في السابق هجمات مماثلة ضد حي يسيطر عليه "حزب الله" في بيروت (في آب/ أغسطس 2019) وداخل إيران (في حزيران/ يونيو 2021) إلى إسرائيل. وإذا كان هذا التقييم صحيحًا، فمن المعتقد أن "إسرائيل" ربما اختارت ضرب المصنع في أصفهان لسببين رئيسيين:
أولًا: في حين أنه من المستحيل حاليًا تأكيد الذخائر التي أنتجها مصنع الأسلحة نفسه، إلا أنه ربما تم تحديده كموقع محتمل يمكن أن يطور رأسًا حربيًا قادرًا على حمل حمولة نووية. ورغم أن إيران تعمل على تطوير قدرات التخصيب النووي منذ تخلي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2018، فإن أحدث الأبحاث مفتوحة المصدر تشير إلى أن طهران لا تمتلك حاليًا رأسًا حربيًا يمكنه حمل قنبلة نووية.
ثانيًا: يُعتقد أن موقع الهجوم الأخير له دلالة جغرافية؛ حيث تستضيف أصفهان أيضًا أربعة مفاعلات نووية (تستخدم حاليًا لأغراض مدنية)، وبالتالي قد يحمل الهجوم أيضًا إشارة إلى استعداد "إسرائيل" لاستهداف مواقع التخصيب النووي الإيرانية، في ظل السيناريو المحتمل بعدم التوصل لاتفاق.
وبغض النظر عن المسؤولية، فقد جاء الهجوم متسقًا مع افتراضات حول الوضع الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023، بأنه سيتسم بتوازن هش خلال العام؛ حيث يتوقف احتمال تراجع العنف أو تزايده في العديد من المسارح إلى حد كبير، على احتمال العودة إلى الامتثال لشروط "خطة العمل الشاملة المشتركة ". وبشكل أكثر تحديدًا، يبدو أن الهجوم يعيد تأكيد وجهة النظر بأن "إسرائيل" ستستمر في استخدام الأعمال السرية التي يمكن إنكارها، والهجمات المستهدفة ضد الأفراد والمؤسسات ذات الصلة بالمجمع الصناعي العسكري الإيراني، لإبطاء تقدم طهران نحو تطوير قدراتها النووية.
وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن هذا الهجوم يأتي على خلفية المخاطر العالية والمتنامية، المتعلقة بالعودة المحتملة للامتثال الأمريكي والإيراني المتبادل لشروط "خطة العمل الشاملة المشتركة". وعليه، فإن التوقعات تميل لصالح العودة إلى الصفقة، لأن هذا من شأنه أن يخدم المصالح الجيوسياسية الأوسع لكلا البلدين.
احتمال التصادم بين إيران وبين الولايات المتحدة و"إسرائيل" سيزداد خلال هذا العام
من المقرر أن يصل خطر المواجهة العسكرية بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى مستوى جديد خلال عام 2023؛ فهناك أمل ضئيل في التوصل لحل دبلوماسي، لأن استخدام إيران القوي للقوة ضد المتظاهرين المحليين جعل عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015 شبه مستحيل. إن وقت "انطلاق طهران" (أي الوقت اللازم لتوفير اليورانيوم اللازم لصنع قنبلة نووية واحدة) يُقاس بالأيام الآن، كما إن عودة "بنيامين نتنياهو"، رئيسًا للحكومة "الإسرائيلية" الأكثر تشددًا على الإطلاق تزيد من احتمال نشوب صراع.
إن مؤشر التوترات بين الدول يُظهر أن الاحتكاك يتزايد على طول خطوط التصدع الجيوسياسية في الشرق الأوسط. ومع عدم وجود مسار دبلوماسي واضح لتخفيف تلك التوترات، فهناك احتمال متزايد أن "إسرائيل" أو الولايات المتحدة ستقرر استخدام القوة العسكرية لوقف تقدم طهران النووي خلال عام 2023. كما إن احتواء الصراع سيكون صعبًا، حيث ستكافح أسواق الطاقة، التي ما زالت تعاني من الغزو الروسي لأوكرانيا، لامتصاص صدمة كبرى أخرى.