المصدر: فيتش سوليوشنز
الترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
من المتوقع أن يكتسب التطبيع بين نظام "الأسد" والدول العربية زخمًا خلال الأشهر القادمة؛ فقد أتاح الزلزال الأخير الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا فرصة للدول العربية للتقرب منه، مع استغلال البعض الفرصة لتحسين العلاقات. وقد قام "الأسد" بزيارة رسمية إلى عمّان في شباط/ فبراير الماضي، هي الثانية له إلى دولة عربية منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011. كما استقبل "الأسد" وفدًا عربيًا رفيعًا من كل من العراق والأردن وفلسطين وليبيا ومصر والإمارات ولبنان وعُمان، شدد خلاله المشاركون على ضرورة عودة سوريا إلى "موقعها الطبيعي" في البيئة العربية.
وتُظهر هذه التحركات حرص الدول العربية الكبرى على الضغط لإعادة دمج "الأسد" في الدوائر الدبلوماسية العربية؛ فمن وجهة نظر تلك الدول، يمكن أن توفر هذه العملية مكاسب اقتصادية، وتحدّ من التهريب عبر سوريا، وتشجع على عودة اللاجئين السوريين. ومن المرجح أن تستمر المبادرات خلال الأشهر القادمة، وأن تتصالح هذه الدول مع "الأسد" باعتباره جزءًا من الحل السياسي في سوريا.
في ظل هذه الأجواء، سيسعى "الأسد" بدوره للاستفادة من هذه الفرصة لتطبيع العلاقات مع السعودية، حيث أبدا كلا الجانبين بوادر تليين في مواقفهما المتعارضة في الأشهر الأخيرة؛ فقد سمح النظام السوري باستئناف الواردات من المملكة في كانون الثاني/ يناير الماضي، ما يُظهر بوادر تراجع التوترات. بالمقابل، أرسلت المملكة مساعدات إلى النظام عقب الزلزال، بينما أقر وزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، في الـ19 من شباط/ فبراير الماضي بأن الوضع الراهن "غير عملي"، وأن الدول ستضطر إلى التعامل مع نظام "الأسد" في "مرحلة ما". ومن هنا، فإن هذه التطورات تعتبر مؤشرًا على أن المملكة ستسعى لإعادة العلاقات مع "الأسد" في المستقبل القريب، مع استعداد الأخير للاستفادة من قبول أوسع في الأوساط الدبلوماسية العربية.
ومن خلال تطبيع العلاقات مع "الأسد" أيضًا، ستسعى السعودية للحد من النفوذ الإيراني في بلاد الشام وتحسين العلاقات مع روسيا، وقد تسعى لاحتواء الوجود العسكري لطهران في سوريا كذلك. وبالتالي، فمن المتوقع أن يكون انفتاح السعودية على "الأسد" وإعادة إدماجه عربيًا مشروطًا بتقديم تنازلات فيما يتعلق بعلاقاته مع إيران، وقد تكون هذه التنازلات في شكل تقليص الوجود العسكري الإيراني في مناطق معينة، تحديدًا جنوب سوريا حيث أصبح السكان المحليون غير راضين عن وجود الميليشيات المدعومة من إيران.
ومن شأن الحد من النفوذ الإيراني في سوريا أن يقلص من نفوذ "حزب الله" في كل من سوريا ولبنان، وهو ما سيثبت أنه هدف استراتيجي رئيسي للسعودية. وبالمثل، ستستفيد المملكة من التطبيع المحتمل للعلاقات مع نظام "الأسد" لتحسين العلاقات مع روسيا، في ظل سعيها للاستفادة من العلاقات الاقتصادية المتطورة. وعلى المدى المتوسط إلى الطويل، ستعزز هذه الجهود الدبلوماسية أيضًا فرص الشركات السعودية في زيادة صادراتها إلى سوريا، والمشاركة في عملية إعادة الإعمار بعد الصراع.
لكن مقابل ذلك، سيظل "الأسد" يواجه معارضة من بعض الدول العربية مثل قطر والكويت والمغرب، ومعارضة دولية كذلك من الولايات المتحدة. فرغم إرسالها مساعدات للنظام السوري، لا تزال قطر أكثر حذرًا من السعودية في تطبيع العلاقات مع "الأسد"؛ حيث أكد متحدث باسم وزارة خارجيتها أن موقف الدوحة تجاه سوريا لم يتغير. بالمثل، يُعتقد أن الكويت ستكون حذرة أيضًا من تطبيع العلاقات مع "الأسد" إذا لم يكن هناك إجماع واسع من قبل مجلس التعاون الخليجي. أما بالنسبة للمغرب، فمن المتوقع أنّ توافقه مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحسين العلاقات مع "إسرائيل"، سيقلل من حساسية التوجه لإصلاح العلاقات مع "الأسد".
على نطاق أوسع، لا تزال الولايات المتحدة تعارض إعادة دمج "الأسد" على الساحة الدولية، لأنها تسعى لدعم موقف "قوات سوريا الديمقراطية" شرق سوريا وللحدّ من النفوذ الروسي في المنطقة. حتى الآن، لا يُتوقع أي تحرك من قبل أيّ من هذه الدول لتحسين العلاقات مع "الأسد" بسبب مصالح كل منها في المنطقة.