المصدر: آي إس ﭙي آي
الترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
وافقت المملكة العربية السعودية رسميًا على الانضمام إلى "منظمة شنغهاي للتعاون" (SCO) كشريك في الحوار، عقب زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى المملكة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهو قرار يؤكد على "عمق توجه الاقتصاد السعودي نحو آسيا"، لكن ليس من المحتمل أن يمثل هذا التطور تغيرًا في مجمل العلاقات السعودية الأمريكية. وبهذ القرار أيضًا تدخل الرياض لأول مرة منتدى متعدد الأطراف بقيادة القوى الشرقية، ما يعزّز آفاق التواصل والتعاون مع الدول المعادية لواشنطن أو غير المتحالفة معها.
ومع ذلك، فإن "منظمة شنغهاي للتعاون" لا تزال تبدو منقسمة للغاية، تجاه تصميم وتنفيذ سياسات قادرة على تغيير التوازنات العالمية، لكن في الوقت نفسه يمكن أن تكون العلاقات الثنائية أكثر فاعلية، خصوصًا بالنسبة للطموحات السعودية. بشكل عام، وخلال السنوات الأخيرة، بدأت دول الخليج تطرق أبواب "المنظمة"، ما يعكس العلاقات الاقتصادية والتجارية المتنامية بين دول الخليج وآسيا، وفي عام 2022 تم قبول إيران كعضو كامل ومن المقرر أن تدخل عضويتها حيز التنفيذ في نيسان/ أبريل الجاري. كما انضمت كل من قطر ومصر كشريكين في الحوار، في حين بدأت في قمة سمرقند 2022 عملية ضم كل من الإمارات والبحرين والكويت وجزر المالديف وميانمار كشركاء حوار جدد.
أما بالنسبة للسعودية، فبانضمامها للمنظمة أصبحت المملكة شريكًا في منتدى تُعتَمد فيه الصينية والروسية لغتي العمل الرسميتين، وهذا يؤكد الواقع (أو التوجه العام) الذي قررت الرياض أن تكون جزءًا منه. إن للصين والهند، وبدرجة أقل روسيا، دور مركزي في عملية إعادة بناء المعايير متعددة الأقطاب للسياسة الخارجية السعودية، فيما يتعلق بالطاقة والعلاقات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن المملكة تتجاوز الآن بهذا الخيار العلاقات الثنائية، لأنها تشارك في منتدى متعدد الأطراف؛ فمن خلال "المنظمة" يُرجّح أن تتمكن الرياض من الوصول إلى أسواق جديدة ومشاريع بنية تحتية، بدءًا من جمهوريات آسيا الوسطى. كما تعتبر أفغانستان هدفًا محتملًا آخر للاستثمارات السعودية؛ حيث يُظهر الصينيون والروس اهتمامًا متزايدًا بكابول التي تحكمها طالبان الآن، بينما ركز السعوديون فقط على المبادرات الإنسانية حتى الآن، بسبب إرث الثمانينات من القرن الماضي.
على صعيد توجه المنظمة نفسها، فإن المملكة تنضم إليها في الوقت الذي تقوم فيه تدريجيًا بتحجيم إطارها الأصلي المتمحور حول الأمن، لتتبنى توجهًا جديدًا نحو الاقتصاد؛ إذ إن الاختلافات في وجهات النظر (الصين وروسيا)، والمنافسات المستمرة (الصين والهند) في المنتدى تضعف إمكاناته السياسية. ولهذا السبب أيضًا، من غير المرجح أن تؤثر مشاركة الرياض في "المنظمة" على العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل مباشر؛ فقد كررت المملكة ودول الخليج في كثير من الأحيان خيارها متعدد الأقطاب، ومع هذا فإن الانخراط المتزايد متعدد الأطراف في منظمة معادية للغرب سيعزّز العلاقات السعودية مع القوى الشرقية.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن وجود السعودية وإيران داخل "المنظمة"، (على التوالي كشريك في الحوار وعضو كامل)، يمكن أن يدعم المحاولات الصينية لتخفيف التوترات في الخليج وأن يعزز التعاون الاقتصادي، خصوصًا بعد أن وقّع الطرفان في بكين اتفاقية إعادة العلاقات الدبلوماسية. وهذا من شأنه أن يُترجم إلى مزيد من النفوذ السياسي للصين تجاه دول الخليج؛ وإن كان لن يغير كثيرًا في قواعد اللعبة في علاقة واشنطن بالرياض، إلا أنه يعتبر خطوة متقدمة نحو شراكة خليجية آسيوية أوثق.