المصدر: آي إس ﭙي آي
الترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
من المتوقع أن يؤدي تطبيع الرياض علاقاتها مع دمشق إلى تخفيف المخاطر السياسية الداخلية بسوريا؛ ففي الـ12 من نيسان/ أبريل الجاري التقى وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، بنظيره السعودي، فيصل بن فرحان، في أول اتصال دبلوماسي بين البلدين منذ بدء الصراع السوري عام 2011. واتفق البلدان على تطبيع العلاقات وناقشا الحل السياسي المتوقع للصراع السوري، كما تطرقا للقضايا الاستراتيجية التي تهم البلدين، مثل عودة اللاجئين السوريين والحد من تهريب المخدرات، مع التشديد على ضرورة عودة سوريا إلى "محيطها العربي".
وفي حين تأتي الزيارة في إطار سعي كل من السعودية وسوريا لتطبيع علاقاتهما في ظل تحسن العلاقات الدبلوماسية للرئيس السوري، بشار الأسد، مع الدول العربية، فإنها أيضًا ستُزيد من فرص المملكة في جني ثمار عملية إعادة الإعمار المحتملة في سوريا بعد التسوية السياسية للصراع. كما تأتي الزيارة عقب الاتفاق السعودي الإيراني، وتعكس الرغبة في تقليل التوترات الإقليمية، وترافق تطبيع العلاقات بين تونس وسوريا كذلك، واللتين أصدرتا بيانًا مشتركًا يعلن أن البلدين سيفتحان سفارتيهما.
في هذا السياق، يُعتقد أن الاتفاق سيمهد الطريق لدول مجلس التعاون الخليجي الباقية، مثل الكويت وقطر، لتطبيع العلاقات مع "الأسد"؛ حيث سبقتهما كل من الإمارات وعُمان والبحرين والسعودية أخيرًا. فبعد الاتفاق السعودي السوري وفي الـ14 من الشهر الجاري، دعا مجلس التعاون الخليجي الدول الأعضاء لمناقشة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، في محاولة لتهدئة مخاوف الدول الأعضاء الأخرى التي لم تطبع العلاقات بشكل كامل مع "الأسد "، خصوصًا قطر والكويت. ومن المرجح أن تتوافق الأخيرتان في نهاية المطاف مع النظام السوري في ظل انخفاض مستوى التوتر الإقليمي مع إيران، وأن تتماشى كل منهما مع السياسة الخارجية لمجلس التعاون.
لكن بالمقابل، سيظل المغرب يشكل عقبة أمام عودة سوريا إلى الجامعة العربية؛ حيث سيظل آخر دولة في الجامعة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع نظام "الأسد" حتى مع قيام الكويت وقطر بذلك. والجدير بالذكر أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية تتطلب قرارًا بالإجماع من جميع الأعضاء، بينما يُعتقد أن يظل المغرب معارضًا لهذا الأمر، وذلك من أجل التوافق مع السياسة الخارجية لكل من "إسرائيل" والولايات المتحدة. فقد أصبح المغرب شريكًا استراتيجيًا مهمًا لـ"إسرائيل" منذ تطبيع العلاقات بينهما؛ حيث وافق على زيادة التعاون العسكري مع تل أبيب. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد بدأ المغرب يتماشى مع سياستها الخارجية بعد تأييدها له في قضية الصحراء الغربية عام 2020، كونها الدولة الغربية الوحيدة التي فعلت ذلك. وبالمثل، فإن دعم سوريا لاستقلال الصحراء الغربية، الذي يعتبره المغرب أمرًا محوريًا في سياسته الخارجية، سيظل عقبة بين البلدين، ومن غير المرجح أن يغير "الأسد" موقفه، وذلك للحفاظ على حلفائه المقربين مثل الجزائر.
من جهة أخرى، فإن تحسّن العلاقات الإقليمية لسوريا سيضمن دورًا لـ"الأسد" في أي تسوية سياسية مستقبلية للصراع السوري؛ خصوصًا في ظل اعتراف دول عربية رئيسية مثل السعودية بسيادة نظامه؛ فمن المتوقع أن تُكْسِب مثل هذه التحركات "الأسد" شرعية كرئيس لسوريا في نظر المجتمع الدولي. إضافةً لذلك، ونظرًا لأنه لا يوجد طرف آخر لديه القدرة ولا الهدف حاليًا على إزاحة "الأسد" من السلطة بالوسائل العسكرية، فإن موقعه في القيادة، في ظل ذوبان الجليد في العلاقات مع الجيران العرب، سيقوّي موقفه في أي حل محتمل للصراع.
رغم كل ذلك، لا يبدو أن حلًا سياسيًا للصراع يلوح في الأفق على المدى القريب، نظرًا لأن القوى الخارجية الدولية الكبرى لا تزال تعارض إعادة تأهيل "الأسد" في الدوائر الدبلوماسية الدولية؛ إذ إن معارضة الولايات المتحدة الحازمة لبقائه في السلطة ستظل عقبة رئيسية أمام حل الصراع. فقد أعربت واشنطن بوضوح عن عدم موافقتها على تطبيع العلاقات مع "الأسد"، وضاعفت العقوبات التي تستهدف أفراد عائلته في الـ28 من آذار/ مارس الماضي. وبالتالي، فمن غير المرجّح أن تتنازل الولايات المتحدة عن أي من مصالحها في سوريا، أو أن تسحب قواتها من الأراضي التي تسيطر عليها "قسد" شمال شرق سوريا في المدى القريب.