المصدر: ستراتفور
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
ستؤدي التوترات المتزايدة بين السعودية والإمارات إلى زيادة المنافسة الاقتصادية والدبلوماسية والدفاعية، ما سيجعل من الصعب على بعض الشركات العمل في كلا البلدين، كما سيؤدي إلى تفاقم المخاطر الأمنية في دول مثل السودان واليمن. ففي الـ18 من تموز/ يوليو الماضي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بتصاعد التوترات بين الحليفين السابقين في الخليج العربي، وركزت على التعليقات غير الرسمية التي أدلى بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للصحفيين في كانون الأول/ ديسمبر 2022 التي أشار فيها إلى الإمارات "طعنتنا في ظهرنا"، مهدِّدًا باتخاذ إجراءات مضادة بسبب الخيانة المتصورة من قبل الإماراتيين.
ورغم أن الحكومة السعودية لم تؤكد هذا التقرير، إلا أن تصريحات ولي العهد المزعومة تعكس التوترات الكامنة بين البلدين، والتي تحركها المنافسة في مجال التنمية الخاصة والسياسات الخارجية المتباينة؛ حيث تشتد المنافسة بين كل من الرياض وأبو ظبي في مجالات الاستثمار والسياحة والعمالة الماهرة والسمعة كمركز أعمال إقليمي، خصوصًا في ظل تداخل نماذج التنويع الاقتصادي لدى الطرفين. كذلك، فإن للبلدين سياسات خارجية متضاربة؛ مثل الخلاف الطويل حول كيفية التعامل مع الحرب في اليمن، والانقسامات الأخيرة حول الجهة التي ينبغي أن تُدعم في الصراع الأهلي الدائر في السودان.
إلا أن هذا التنافس المتزايد بين الإمارات والمملكة من المحتمل أن يظل مركّزًا في المجال الاقتصادي؛ حيث تركز الأولى على الأرجح على جذب المزيد من الاستثمار والعمالة، فيما ستواجه المملكة مثل هذه التحركات الإماراتية بسياسة "الجزرة والعصا"، وهو ما يخلق حالة من الضبابية فيما يتعلق ببيئة العمل، حيث يرجّح أن ترد الرياض بحزم في بعض الأحيان، وذلك بسبب أسلوب الحكم الذي يتبعه ولي العهد والثقل الاقتصادي والجغرافي الأكبر للمملكة. كما إن التنمية السريعة في المملكة والعقود الحكومية المربحة مغرية جدًا للشركات، ويمكن للمملكة أن تكثف جهودها لإجبار الشركات على نقل المزيد من عملياتها إلى أراضيها.
أما على الصعيد الإقليمي، فلكل من المملكة والإمارات استراتيجيات متباينة وطويلة الأجل لتأمين نفوذهما على طول البحر الأحمر في السودان، ما سيقود إلى تفضيل كل منهما لنتائج مختلفة في الصراع الدائر في السودان. فالبلدان لهما استثمارات كبيرة في السودان خصوصًا في الموانئ والزراعة، بهدف المساعدة في ضمان أمنهما الغذائي وكسب النفوذ على التجارة الدولية عبر البحر الأحمر إلى قناة السويس، وبالتالي فإن هذه المنافسة الاقتصادية تؤثر على توجه كلا الطرفين لدعم أحد الفصيلين المتحاربين في السودان.
على صعيد إقليمي أوسع، من المرجح أن تستخدم السعودية والإمارات الاستثمار والمساعدات الاقتصادية لجذب دول مثل تركيا ومصر والأردن وتونس إلى تحالفاتها الإقليمية؛ حيث يقوم السعوديون والإماراتيون حاليًا بضخ الأموال في تركيا. فمن جهتها، حصلت المملكة على وعد من تركيا ببناء مصنع "Bayraktar TB2" للطائرات بدون طيار على أراضيها، بينما يستثمر الإماراتيون في قطاعي الزراعة والطاقة في تركيا.
بالمثل، يفعل الطرفان الشيء نفسه مع مصر؛ حيث يشعر كلاهما بالقلق بشأن استقرار النظام لكنهما يريدان أيضًا دعم مصر في الصراع الأهلي السوداني؛ فمصر تدعم الجيش السوداني لكنها مترددة في الإقدام على تدخل عسكري لإنهاء الصراع. أما في الأردن وتونس، فيختلف الطرفان حول تهديد الإسلام السياسي؛ حيث تعتبره الإمارات تهديدًا وجوديًا وتريد قمعه بالكامل، بينما تعتبره الرياض أمرًا مقبولًا طالما أنه يتحرك في إطار عمل الحكومات القائمة الموالية للسعودية. لكن الإماراتيين سيحاولون استخدام المساعدات لتقويض وجهة النظر السعودية حول الإسلام السياسي في تلك البلدان.