المصدر: إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
لن يتم على الأغلب إعادة فتح خط الأنابيب بين العراق وتركيا خلال الأشهر الثلاثة القادمة، رغم تصريح الحكومة التركية مرارًا بأن استمرار الإغلاق يرجع إلى الفحص الفني، وأنها ستفتح "قريبًا" ملف "محكمة التحكيم الدولي" (ICA). بالمقابل، فإن تأجيل زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى بغداد المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر القادم يعتبر دلالة على عدم رغبة تركيا في التعاطي مع الحكومة الفيدرالية العراقية لإعادة فتح خط الأنابيب، حتى يتم حل قضايا التحكيم أو تسويتها لصالحها. وسيشمل ذلك القضية المستمرة في محكمة التحكيم الدولي "ICA" ضد تركيا لانتهاكها تلك الاتفاقية بين عامي 2018 و2022. وبالتالي، فمن المتوقع أن تسعى تركيا (على أقل تقدير) لاستغلال تراجع الوضع المالي المتزايد في إقليم كردستان للضغط على الحكومة الفيدرالية، للتنازل عن مطالب الأضرار التي رفعتها إلى محكمة التحكيم الدولي وإسقاط الدعوى القضائية الجارية أمام المحكمة، حتى تتمكن أنقرة من إعادة فتح خط الأنابيب.
من جهة أخرى، لا يُرجّح أن تقدم الحكومة الاتحادية تنازلات لحكومة إقليم كردستان بشأن الموازنة، التي قد تمكنها من سداد الديون لشركات النفط والتجار. وتجدر الإشارة إلى أنه مع إغلاق تركيا خط الأنابيب منذ آذار/ مارس الماضي، لا تستطيع حكومة الإقليم تزويد الحكومة الفيدرالية بتلك الإيرادات التي كانت تتحصل عليها من بيع 400 ألف برميل يوميًا من النفط، كما هو منصوص عليه في موازنة العراق، لتحصل على حصتها من الموازنة المحددة بـ12.67%. وحتى لو أعيد فتح خط الأنابيب، فإن "جمعية صناعة النفط في كردستان" (APIKUR)، التي تمثل ست شركات نفط عالمية (IOCs) في الإقليم، قالت في بيان لها في الـ29 من آب/ أغسطس الماضي إن أعضاءها لن ينتجوا النفط قبل توضيح الآلية التي سيتم الدفع لهم من خلالها. يذكر أن الديون المستحقة لشركات النفط العالمية في الإقليم تبلغ 3.5 مليار دولار، في حين تبلغ أقساط الديون لتجار النفط حوالي ستة مليارات، وقد تم إيقاف المدفوعات في آذار/ مارس ولا يُرجح أن يتم استئنافها طالما ظل خط الأنابيب مغلقًا.
ورغم الاجتماعات العديدة التي عُقدت بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية منذ آذار/ مارس، إلا أن ممثل حكومة الإقليم صرّح في الرابع من أيلول/ سبتمبر الجاري بأن المفاوضات حول الموازنة قد فشلت. كما إن الزيارة النادرة التي قام بها "مسرور بارزاني" إلى بغداد في الـ14 من الشهر الجاري والرسالة التي قيل إنه أرسلها إلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يحذر فيها من انهيار الإقليم ويدعو إلى التدخل الأمريكي، تشير إلى تزايد قناعة حكومة الإقليم بأن خياراتها متضائلة وأن نفوذها محدود على بغداد في ظل فقدان استقلالها المالي. ومن المرجح أن يتعرض رئيس الوزراء العراقي، محمد الشياع السوداني، لضغوط من حكومته لعدم تقديم تنازلات لحكومة الإقليم تتجاوز عرض قانون القروض المصرفية المتفرقة.
إن اعتماد حكومة كردستان الكلي على الحكومة الفيدرالية للحصول على الإيرادات منذ آذار/ مارس الماضي جعلها غير قادرة على تلبية المدفوعات الأساسية، ما يزيد من احتمال حدوث إضرابات واحتجاجات. فقد اعتادت حكومة الإقليم على مدفوعات الحكومة الفيدرالية (غير المنتظمة والجزئية والمحظورة) منذ عام 2014، وسط نزاع طويل حول صادراتها النفطية المستقلة. ومع ذلك، فمنذ إغلاق خط الأنابيب أصبحت حكومة الإقليم تعتمد بشكل كامل على الحكومة الفيدرالية للحصول على الإيرادات. وقد كانت عوائد قطاع النفط المستقل في حكومة كردستان مهددة بالفعل بحكم المحكمة الاتحادية العليا في شباط/ فبراير 2022، لكن رغم الحكم فقد واصلت حكومة الإقليم تصدير النفط بشكل مستقل، وبالتالي استمرت في الحصول على الإيرادات في ظل غياب مدفوعات الحكومة الاتحادية. وقد توقفت هذه العمليات آخر مرة عام 2020، عندما لم تلتزم حكومة الإقليم باتفاقية عام 2019 لنقل 250 ألف برميل يوميًا إلى بغداد مقابل تحويلات الموازنة.
بناءً على المعطيات السابقة، فإن استمرار غياب تحويل الموازنة بالتوازي مع استمرار إغلاق مصرف العراق الدولي سيؤدي إلى زيادة التأخير في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في كردستان بشكل كبير؛ حيث لم يتم دفع رواتب شهر تموز/ يوليو 2023 حتى الآن. بدورها، وافقت الحكومة الفيدرالية في الثالث من الشهر الجاري على تقديم قرض بقيمة 382 مليون دولار لدفع الرواتب، لكن هذا لن يغطي سوى نصف رواتب القوى العاملة. وقد هدّد المعلمون في الإقليم بعدم العودة إلى عملهم عند إعادة فتح المدارس، كما هدد الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية بالإضراب الذي إن تم تنفيذه فإنه سيحدث وسط تفشي وباء الكوليرا داخل الإقليم.
إضافةً إلى الإضرابات، يُرجح أن تشهد محافظتا السليمانية وحلبجة احتجاجات تتضمن إغلاق الطرق وتخريب مكاتب الأحزاب السياسية، لكن ذلك لن يؤدي على الأرجح إلى إلحاق الضرر بالممتلكات التجارية أو تعطيل حقول الغاز. ومن الممكن أيضًا أن تندلع احتجاجات على نطاق أصغر في دهوك وأربيل، لكن لا يُتوقع أن يؤدي كل هذا إلى زعزعة استقرار الإقليم.