المصدر: إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
اختتم قائد القوات المسلحة السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في الـ12 من أيلول/ سبتمبر الجاري، جولة قام بها إلى كل من جنوب السودان ومصر وقطر وإريتريا، عقب أول ظهور علني له خارج العاصمة الخرطوم منذ بدء القتال بين القوات المسلحة ومنافستها "قوات الدعم السريع" في نيسان/ أبريل الماضي.
عسكريًا، اضطرت القوات المسلحة إلى التنازل عن سيطرتها على معظم أنحاء الخرطوم، لكنها تظل القوة المهيمنة في مدينة أم درمان المجاورة للعاصمة وفي بورتسودان ذات الأهمية الاستراتيجية. وأفادت مصادر من داخل السودان بأن قوات الدعم السريع تسيطر الآن على معظم أنحاء الخرطوم، التي كانت في السابق معقلًا للقوات المسلحة. أما خارج الخرطوم فلا تزال القوات المسلحة تسيطر نسبيًا على أم درمان المجاورة للعاصمة والتي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، إضافةً إلى القاعدة الجوية الرئيسية في وادي سيدنا التي تمنحها احتكارًا للقوة الجوية، وقاعدة سلاح المدرعات الرئيسية التي تضم وحدة النخبة ومستودعًا لوجستيًا مهمًا. رغم ذلك، فإن سيطرة القوات المسلحة على قاعدة سلاح المدرعات تواجه خطرًا من قبل قوات الدعم السريع.
أما على المستوى الإقليمي والدولي، فبعد مكاسب قوات الدعم السريع في الخرطوم، يسعى "البرهان" لتقديم نفسه على أنه رئيس الحكومة الشرعية في السودان، كما يسعى للحصول على دعم سياسي وعسكري دولي. وقد كان الهدف من حضور "البرهان" اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وجولته الإقليمية، هو تقديم نفسه باعتباره السلطة الحكومية الشرعية الوحيدة في البلاد، إضافةً لحشد أكبر عدد من المؤيدين والحصول على الدعم الإقليمي والدولي سياسيًا وعسكريًا، والذي هو في أمس الحاجة إليه. والجدير بالذكر أنه كان يرتدي ملابس مدنية، بدلًا من الزي العسكري الذي اعتاد أن يرتديه خلال المرات النادرة التي ظهر فيها علنًا في السودان.
في السياق ذاته، يشير اختيار الدول التي زارها "البرهان" إلى أنه يسعى في المقام الأول للحصول على دعم من لاعبين إقليميين مهمين؛ فأهمية قطر تكمن في كونها مصدرًا محتملًا للدعم المالي، في حين تأتي أهمية كل من مصر وجنوب السودان على التوالي كمصدر محتمل لإمدادات الأسلحة وكوسطاء محتملين كذلك. لكن حتى الآن لم يصدر أي إعلان عن نتائج زيارات "البرهان" الخارجية، وبالتالي فإن التقديرات تشير إلى أن الدعم المالي أو العسكري العلني الإقليمي أو الدولي لـ"البرهان" لا يزال غير مرجح في هذه المرحلة. وقد يُحْجِم الداعمون الخليجيون المحتملون عن تقديم ذلك الدعم بسبب خطر الانتقام المتوقع من قبل قوات الدعم السريع، ضد أعمالهم الزراعية ومصالحهم التجارية الأخرى في السودان.
على الصعيد المحلي، ورغم سيطرة قوات الدعم السريع على جزء كبير من العاصمة الخرطوم، لم يتمكن أي من الطرفين أن يحقق نصرًا حاسمًا، وعليه فمن المرجح أن يؤدي هذا القتال غير الحاسم الذي طال أمده، ناهيك عن سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، إلى أن تصبح بورتسودان العاصمة الإدارية والمالية الفعلية للسودان. فمنذ بدء القتال في الخرطوم في نيسان/ أبريل الماضي، قامت معظم مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية، بما فيها الأمم المتحدة، بنقل موظفيها وأصولها إلى بورتسودان، المركز التجاري الرئيسي في البلاد؛ حيث أفاد رئيس الغرفة التجارية لولاية البحر الأحمر أن 80% من الشركات السودانية والأجنبية الكبرى قد انتقلت (مؤقتًا) إلى المدينة الساحلية. وتشير التقديرات إلى أنه إذا طال أمد القتال الحالي (كما هو مرجح)، حتى إذا لم تتمكن قوات الدعم السريع من السيطرة الكاملة على الخرطوم، فمن المرجح أن تصبح بورتسودان العاصمة الفعلية للسودان تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية.
أما منطقة سيطرة قوات الدعم السريع فستشمل بحكم الأمر الواقع الخرطوم ودارفور، ما سيمكّن قائدها، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، من الاحتفاظ بالسيطرة على عائدات تعدين الذهب. وفي حال تقسيم السودان بحكم الأمر الواقع، فمن المرجح أن يستمر النشاط التجاري مع مراعاة التعطيل العارض في جميع أنحاء ولاية البحر الأحمر من قبل العشائر الإقليمية، التي تسعى للحصول على تنازلات سياسية أو مزايا تجارية من السلطات. وفي حين سيسيطر ميناء بورتسودان على تدفق البضائع عبر الميناء إلى داخل السودان، من المتوقع أن تحتفظ المنطقة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع بمصادر أخرى للإمدادات البرية.