المصدر: فيتش سوليوشنز
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
أُعلن تعيين ولي عهد الكويت، مشعل الأحمد الجابر الصباح، أميرًا للبلاد في الـ16 من كانون الأول/ ديسمبر 2023، بعد وفاة الأمير الراحل، نواف الأحمد الصباح. وكان "مشعل"، الذي تم تعيينه وليًا للعهد في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، مسؤولًا عن إدارة العديد من شؤون البلاد اليومية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، عندما فوّضه "الشيخ نواف" للقيام بالعديد من مسؤولياته بسبب وضعه الصحي.
ونظرًا للدور المهم الذي لعبه "الشيخ مشعل" في صنع السياسة الكويتية، ستظل البلاد تحت قيادته تواصل السير في نفس التوجهات السياسية. وبينما يُرجح أن يلعب الأمير الجديد دورًا في الإدارة اليومية للبلاد أكثر نشاطًا من سلفه، لكنه قد يفوض كثيرًا من مسؤولياته خلال السنوات المقبلة بسبب عمره (يبلغ حاليًا 83 عامًا)، ومع ذلك يُتوقع أن تستمر سياسة الكويت في نفس الاتجاه على المدى القصير.
وبما أن "الشيخ مشعل" كان شخصية رئيسية في السياسة الخارجية الكويتية في عهد سلفه "الشيخ نواف"، فمن غير المرجح حدوث تحول كبير في الموقف الدبلوماسي للبلاد. وبالتالي، فإن الكويت ستواصل التحالف الوثيق مع السعودية و"أوبك+"، ما يعني الاستمرار في المسار ذاته فيما يتعلق بسياسة الطاقة. في الوقت نفسه، ستواصل الكويت متابعة الوساطة مع إيران والعراق بشأن النزاعات المستمرة حول ترسيم الحدود البحرية.
أما على الصعيد الداخلي، فسيسعى "الشيخ مشعل" للحفاظ على التحسن النسبي في العلاقات بين الحكومة ومجلس الأمة لخلق مساحة للإصلاح. لكنّ التحدي المباشر أمام الأمير سيكون تعيين خليفة له في منصب ولي العهد، إضافةً لرئيس وزراء جديد؛ حيث من المرجح أن يهيمن ذلك على السياسة الكويتية على المدى القصير، إذ إنه بموجب المادة الرابعة من الدستور، لدى الأمير سنة واحدة لتعيين ولي العهد الجديد. وليس واضحًا في الوقت الحالي من سيختاره "الشيخ مشعل" لهذا الدور، لكن أي مرشح محتمل يجب أن يكون من نسل فرعي "آل الجابر" أو "آل سالم" من عائلة الصباح الحاكمة، وسيتطلب ذلك موافقة مجلس الأمة.
ومن المرجح أيضًا أن يكون ولي العهد الجديد ذا خبرة واسعة في الحكومة، لضمان استمرار السياسة والخلافة السلسة؛ وبناءً على هذه المعايير يمكن أن تشمل قائمة المرشحين المحتملين كلًا من رئيس الوزراء الحالي، الشيخ أحمد نواف (ابن الشيخ نواف)، ووزير الدفاع، الشيخ أحمد الفهد، ووزير الداخلية، الشيخ طلال خالد (كلهم في الخمسينيات أو الستينيات من العمر). ونتيجة لذلك، سيكون اختيار "الشيخ مشعل" مهمًا للغاية؛ فقد تشهد الكويت تحولًا عن الحكم الثمانيني والبدء في نقل السلطة إلى جيل أصغر سنًا من عائلة الصباح.
كما إن اختيار ولي العهد الجديد سيأتي تزامنًا مع تعيين رئيس وزراء جديد، وقد شهدت الإدارة الحالية بقيادة "الشيخ أحمد نواف" تحسنًا ملحوظًا في العلاقات مع مجلس الأمة. وقد أتاح ذلك للحكومة مساحة أكثر ملاءمة لصنع السياسات، لمواصلة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تشتد الحاجة إليه. ونتيجة لذلك، قد يكون لاختيار رئيس وزراء ومجلس وزراء جديدين آثار كبيرة على بيئة صنع السياسات في الكويت، خصوصًا إذا كانت الإدارة الجديدة أقل نجاحًا في الحفاظ على علاقات أكثر دفئًا مع السلطة التشريعية.
ورغم تحسن العلاقات بين الحكومة ومجلس الأمة، فإن هذا لم يؤد بعد إلى إقرار إصلاحات كبيرة؛ فسوف تستمر معارضة المشرعين المحافظين والشعبويين في عرقلة جهود الحكومة لإصدار قانون الدين العام، لتمكين الكويت من الاستفادة من أسواق الدين لتغطية العجز المالي. كما إنهم سيعارضون تخفيضات الإنفاق العام، خصوصًا على الرواتب والإعانات، فضلًا عن إدخال تدابير جديدة لزيادة الإيرادات.
واعتمادًا على مدى سرعة تعيين "الشيخ مشعل" خليفةً له، قد تظهر التوترات داخل عائلة "الصباح" وأعضاء مجلس الوزراء كمتنافسين محتملين على منصبي ولي العهد ورئيس الوزراء، سعيًا للوصول إلى هذه الأدوار القيادية. وفي حين أن المخاطر التي تهدد الاستقرار السياسي في الكويت ستظل محدودة للغاية، لكن ذلك قد يشهد تدهورًا طفيفًا في بيئة صنع السياسات، لا سيما إذا كانت التوترات داخل مجلس الوزراء تعيق الجهود الرامية لإدخال إصلاحات جديدة.