الشرق الأوسط سيتحول من التطبيع إلى التصعيد خلال عام 2024

الساعة : 16:15
29 ديسيمبر 2023

المصدر: ميدل إيست إنستيتيوت

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا

تمهيد:

نشر "معهد الشرق الأوسط" دراسة مطولة هي عبارة عن عدة مقالات لمجموعة من الباحثين والخبراء والأمنيين الغربيين، حول ملامح مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "MENA" خلال عام 2024، قام مركز "صدارة" باختيار مجموعة منها سيتم ترجمتها ونشرها تباعًا.

(الجزء الثالث)

الشرق الأوسط سيتحول من التطبيع إلى التصعيد خلال عام 2024

مع سيطرة الحرب في غزة وأصدائها الإقليمية على التغطية الإخبارية والمنتديات الدولية والمناقشات السياسية حول الشرق الأوسط على مدى الأشهر القليلة الماضية، يتم إغفال أن الاتجاه السائد في معظم العام كان التحول الواسع نحو التهدئة والتقارب وتطبيع العلاقات. وبدافع من التصور السائد بشأن تزايد انفصال الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط وتراجع الموثوقية في واشنطن بصورة متزايدة، اتخذت الجهات الإقليمية الفاعلة خطوات لمعالجة مخاوفها. وربما يكون اتفاق التطبيع المبرم في آذار/ مارس 2023 بين الخصمين الإقليميين منذ فترة طويلة، السعودية وإيران، أوضح مثال على ذلك (حتى لو كانت بكين توسطت اسميًا في الاتفاق). كما كان هذا الاتجاه واضحًا أيضًا في التقارب التركي مع كل من السعودية والإمارات ومصر و"إسرائيل"، والدفع المثير للجدل من قبل بعض الدول العربية لإعادة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من حالة العزلة بعد الحرب الأهلية التي دامت 12 عامًا في البلاد، والمحادثات الجارية بين السعودية والحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

في الوقت نفسه، شهد عام 2023 اتجاهًا مختلفًا قويًا؛ حيث استمرت التوترات بين بعض الجهات الرئيسية الفاعلة وتصاعدت بعضها في حالات أخرى؛ فقد استمرت الحروب الأهلية في كل من اليمن وليبيا وسوريا وإن ظلت مجمدة إلى حد كبير، بينما اندلع صراع جديد في السودان منتصف نيسان/ أبريل الماضي، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. وغالبًا ما تُنسَى في واشنطن هذه الحرب الأهلية التي تدور رحاها في تلك الدولة الرئيسية في شمال شرق أفريقيا، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص وتشريد قرابة سبعة ملايين داخليًا أو إلى دول الجوار.

أبعد من ذلك، فقد استمرت حرب روسيا على أوكرانيا في التأثير على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كذلك، خصوصًا فيما يتعلق بالأمن الغذائي الإقليمي، حتى مع اقتراب إيران من روسيا وتكثيف دعمها المادي لجهود موسكو الحربية. كما شهد جنوب القوقاز تجدد القتال أيضًا؛ حيث استعادت أذربيجان السيطرة على إقليم كاراباخ في عملية عسكرية في أيلول/ سبتمبر بعد حصار دام شهورًا، وهي خطوة من المرجح أن تعزز نفوذ أنقرة (حليفة باكو الوثيقة) في المنطقة على حساب موسكو وطهران.

ورغم أن نطاقها كان مقيدًا بسبب التركيز على الصين والحرب الروسية الأوكرانية، فقد واصلت إدارة "بايدن" الجهود على مدار العام لدفع مبادرات دبلوماسية جديدة ("مصغرة" ومتعددة الأطراف) لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي. وقد شملت هذه المبادرات "منتدى النقب" وتجمع "I2U2" (الذي يضم كلًّا من الهند و"إسرائيل" والولايات المتحدة والإمارات)، والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، فضلًا عن الجهود المبذولة للبناء على "اتفاقيات أبراهام" التي أُطلقت في عهد "ترامب" من خلال محاولة الوصول للتطبيع السعودي "الإسرائيلي"، (الذي أعيق لكن من الواضح أنه لم يخرج عن مساره بسبب السياسات المتطرفة التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرف في "إسرائيل" وتصاعد العنف في الضفة الغربية).

وكان الهجوم الذي قادته "حماس" على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والحرب اللاحقة في غزة، سببًا في إثارة علامات استفهام كبرى حول مستقبل هذه المبادرات، بل وسياسة الولايات المتحدة في التعامل مع المنطقة على نطاق أوسع. ورغم أنه لا يوجد يقين حول ما يحمله العام الجديد، لكن من غير المرجح أن يكون الشرق الأوسط "أكثر هدوءًا" كما روج له كبار المسؤولين الأمريكيين في وقت سابق من هذا الخريف.

أليستاير تايلور

رئيس تحرير معهد الشرق الأوسط