المصدر: ميدل إيست إنستيتيوت
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
تمهيد:
نشر "معهد الشرق الأوسط" دراسة مطولة تضمنت عدة مقالات لمجموعة من الباحثين والخبراء والأمنيين الغربيين، حول ملامح مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "MENA" خلال عام 2024، وقام مركز "صدارة" باختيار مجموعة منها لترجمتها ونشرها تباعًا، وهذا هو الجزء التاسع من هذه السلسلة.
الجزء التاسع:
العام الحالي ربما يشهد صراعًا على السلطة داخل النظام في إيران
مع دخولها عام 2024، تواجه إيران صراعًا أعمق على السلطة داخل النظام، إضافةً إلى حالة التغير المستمر في المنطقة؛ فعلى مدار العام الجاري ربما تخضع أجندة طهران للاختبار على نحو لم يسبق له مثيل، وقد تعود مواجهتها النووية مع الغرب بقوة. أما في الداخل، فمن المتوقع أن تكون انتخابات آذار/ مارس 2024، لاختيار أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) المكون من 290 عضوًا ومجلس الخبراء المكون من 88 عضوًا، مخيبة للآمال. فمن جانبه، سيعمل مكتب المرشد الأعلى، علي خامنئي، من خلال سيطرته المحكمة على عملية فحص المرشحين، على التأكد من عدم توفر خيار حقيقي للناخبين، وبالتالي من المتوقع أن يتراجع إقبال الناخبين إلى أدنى مستوياته. ولن يجد "خامنئي" (البالغ من العمر 84 عامًا) أمامه من فرصة سوى ملء هذين المجلسين بالمتملقين، الذين تتمثل مهمتهم الرسمية في اختيار خليفة له. فكل شيء يتم ترتيبه على الطراز السوفييتي، ولم يشعر الشعب الإيراني قط بهذا القدر من الغربة عن النظام، ومع ذلك فإن المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، بدءًا من المرشد الأعلى فما دونه، لا يسمعون صوت ذلك الشعب ويعتقدون أن القمع سيحافظ على قبضتهم على السلطة.
في هذه الأثناء، يستعد القابعون داخل خيمة النظام لخوض معركة النفوذ، وهو ما يعني صراعًا بين المتشددين؛ حيث سيتنافس فصيل الرئيس الحالي، إبراهيم رئيسي، ضد رئيس مجلس الشورى (البرلمان)، محمد باقر قاليباف، الذي يعتبر أحد مساعدي "خامنئي" والمرشح الرئاسي المحتمل لعام 2025. أما ما يسمى "التيار المعتدل"، مثل أنصار الرئيس السابق، حسن روحاني، وحتى الشعبويين مثل الرئيس الأسبق سيء السمعة، محمود أحمدي نجاد، قد يتظاهرون بأن لهم أهمية لكنهم ليسوا كذلك؛ إذ لا يثق بهم "خامنئي" كما إن الشعب الإيراني لم يعد يعتقد أن التصويت له أهمية في الجمهورية الإسلامية.
على الصعيد الإقليمي في المنطقة، وبمباركة "خامنئي"، سيواصل "رئيسي" على الأرجح عملية الانفتاح على الدول العربية؛ حيث يأتي استمرار خفض التصعيد مع الرياض على رأس الأولويات، لكن الأمر الأكثر خطورة هو أن تمتد حرب غزة إلى الدول المجاورة، وفي هذه الحالة سيكون من المستحيل التنبؤ بمآلات الأمور في المنطقة. وسوف يتعين على محور المقاومة الذي تقوده إيران تحقيق توازن صعب؛ البقاء مخلصًا لفكرة التشدد في موقفه كوسيلة للضغط على الولايات المتحدة و"إسرائيل"، لكن دون أن يثير حفيظة كل من السعودية والإمارات وغيرها من الدول المحتمية بأحضان واشنطن.
دوليًا، وكما كان الحال خلال عام 2023، سيكون هناك أمران مؤكدان بشأن العلاقات الأمريكية الإيرانية: فلن يكون البلدان بعيدين أبدًا عن أزمة محتملة، ولا يملك أي منهما في الوقت ذاته رؤية حقيقية لكسر الجمود. ففي العام الماضي، توصلت طهران وواشنطن لتفاهم غير معلن؛ حيث اتخذ كل منهما خطوات معينة لتهدئة التصعيد وتأكد من عدم نشوب صراع عسكري بينهما. لكن هذا كان فقط لمنع الحرب، ولن ينهي هذا التفاهم غير المعلن ملحمة إيران النووية مع الغرب خلال عام 2024، كما إنه لن يكون كافيًا لخلق مساحة لنوع من الحوار حول الملفات الإقليمية، بما فيها حرب غزة.
في هذا الإطار، يتعرض البيت الأبيض في عهد "بايدن" بالفعل لانتقادات كثيرة بسبب هذا التفاهم الضمني مع طهران، وبالتالي فلن يقامر بأي مبادرات إضافية تجاه إيران في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبالمقابل، يوجد عامل مثبط مماثل لـ"خامنئي" وأنصاره الذين يفضلون العيش في وضع "اللاحرب واللاسلم" في مواجهة واشنطن، بدلًا من المخاطرة بتعريض توازن القوى الدقيق في طهران للخطر من خلال القيام بأي مبادرات جريئة تجاه الأمريكان. ففي إيران، ترتبط مسألة كيفية التعامل مع العلاقات مع الولايات المتحدة ارتباطًا وثيقًا بالمنافسة داخل النظام على السلطة؛ فهي ليست قضية سياسة خارجية في حد ذاتها، لكنها تتعلق بشكل أساس بالطبيعة المستقبلية للجمهورية الإسلامية.
أليكس ڤاتانكا
مدير برنامج إيران وزميل أول في برنامج البحر الأسود