المصدر: دراجونفلاي إنتيليجنس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
سيظل الأردن على الأرجح يعيش حالة من الأمن خلال عام 2024؛ فوسط تصاعد الصراع الإيراني الأمريكي على ما يبدو في المنطقة، ينتاب البعض مخاوف تجاه الأوضاع داخل المملكة. ورغم تصاعد المشاعر المعادية للغرب خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الدعوات لمقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية، إلا أنه لا توجد مؤشرات لتعرض الأجانب لخطر المضايقة أو العنف. لكن التداعيات الرئيسية لحرب غزة ستنبع بشكل رئيسي من تعطل حركة المرور بسبب الاحتجاجات شبه الأسبوعية المؤيدة لفلسطين.
وستظل الجرائم الصغيرة والقيادة المتهورة من المخاطر اليومية الرئيسية في الأردن، فيما لا يزال مستوى التهديد الإرهابي بالنسبة للأردن معتدلًا؛ وإن كان الجهاديين قد هددوا منذ بداية الحرب بشن هجمات في المملكة، لكنهم على الأغلب لا يملكون القدرة على شن عمليات واسعة النطاق. فمن المرجح أن تقع حوادث فردية عابرة، كعملية طعن أو إطلاق نار ضد قوات الأمن في المناطق السياحية أو بالقرب من المؤسسات الحكومية. ونظرًا لطبيعة الصراع في غزة، فإن المصالح "الإسرائيلية" (رغم ندرتها) ومصالح الولايات المتحدة على وجه الخصوص ستكون هدفًا لتلك الهجمات إن وقعت.
استمرار المشاعر المعادية للغرب والمشاكل الاقتصادية خلال عام 2024
يشهد الوضع في الأردن حالة من الغضب الشعبي الكبير بشأن العمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزة، وذلك لعدة أسباب ليس أقلها أن جزءًا كبيرًا من السكان ينحدرون من أصل فلسطيني. كما إن الدعم الأمريكي والغربي الكبير لـ"إسرائيل" منذ بداية الصراع أدى إلى تفاقم المشاعر المعادية للغرب في جميع أنحاء البلاد، وأثار موجة من التعاطف مع "حماس". وقد وضع ذلك الحكومة الأردنية في موقف صعب لتحقيق التوازن في علاقاتها الدبلوماسية والأمنية مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، مع عدم تأليب الشعب ضدها، الأمر الذي من شأنه أن يهدد استقرار النظام. كما تفرض الحرب المستمرة بين "إسرائيل" و"حماس" تحديات على الاقتصاد الأردني المتعثر بالفعل؛ فقد انخفضت السياحة بشكل كبير في الأشهر الأولى من الحرب، إذ ساهم هذا القطاع بـ14.6% من اقتصاد البلاد عام 2023، بحسب أنباء محلية نقلًا عن وزير السياحة. وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أفادت وسائل إعلام محلية بانخفاض معدلات إشغال الفنادق والحجوزات بنسبة 50-75% في الشهرين التاليين لبداية الصراع. كما تفيد التقارير بأن المقاطعة الواسعة للماركات التجارية الغربية في المملكة أثرت سلبًا على العمال المحليين، نظرًا لأن الشركات الغربية لديها فرص عمل أقل من المعتاد لمن يعملون بعقود بدون ساعات عمل، أو أنهم يفكرون حتى في الاستغناء عن الموظفين الدائمين.
الاحتجاجات ستكون المعرقل الرئيسي في البلاد
من المحتمل أن تكون الاحتجاجات شبه الأسبوعية المؤيدة لفلسطين هي النتيجة العملياتية الأكثر وضوحًا لحرب غزة في الأردن خلال عام 2024، خصوصًا في عمّان والمدن الكبرى الأخرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين ووادي الأردن على الحدود مع الضفة الغربية. ومن المحتمل أيضًا حدوث احتجاجات متفرقة في النصف الأخير من العام بسبب التأثير الاقتصادي للحرب، لكن لا يُتوقع أن ينتشر ذلك على نطاق واسع. فقد قمعت السلطات بالقوة مثل هذه الاضطرابات على مدى العقد الماضي، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2022 اعتقلوا ما لا يقل عن 30 معلمًا وناشطًا لمحاولتهم تنظيم احتجاجات واسعة.
وعادةً ما تقام الاحتجاجات بعد صلاة الجمعة وتستمر حتى المساء، ومن المحتمل أيضًا تنظيم مظاهرات متفرقة في أيام أخرى. ففي عمّان يتجه المشاركون إلى التجمع بالقرب من المسجد الحسيني الكبير وسط المدينة، وغالبًا ما يقوم المتظاهرون هناك بتعطيل حركة المرور في شارع الأمير محمد وشارع الملك طلال وشارع قريش المزدحم بالفعل. كما جرت المظاهرات بالقرب من السفارات "الإسرائيلية" والأمريكية والبريطانية والفرنسية، وفي وادي الأردن يميل المتظاهرون إلى إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى معبر اللنبي الحدودي إلى الضفة الغربية أو التجمع بالقرب من ذلك المعبر.
رغم ذلك، من المتوقع أن تكون معظم الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين صغيرة وسلمية، ففي الفترة من تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر قام عدة آلاف من الأشخاص بالاحتجاج وأعمال الشغب بشكل أسبوعي، ردًا على العمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزة، ما أدى لأعمال تخريب وحرق إطارات وإلحاق أضرار بالممتلكات واشتباكات مع قوات الأمن. ومنذ ذلك الحين، انخفض عدد المشاركين في مثل هذه الاحتجاجات إلى عدة مئات من الأشخاص؛ حيث اقتصر الأمر على تعطيل حركة المرور. وقد تراجعت الاستجابة الشعبية لمثل هذه الأحداث بعد عدة أشهر من العمليات "الإسرائيلية" في غزة، ومع ذلك فهناك عوامل قد تثير مزيدًا من نوبات الشغب هذه، وتشمل ما تقوم به حكومة وجيش "إسرائيل" من:
• إعلان العزم على حكم غزة
• قصف مكثف على مدينة رفح جنوب القطاع
• منع المساعدات تمامًا عن غزة مرة أخرى وقطع تمويل وكالة "الأونروا"
• قتل عدة آلاف من الأشخاص في عمليات الضفة الغربية
بدورها، ستتدخل قوات الأمن على الفور لوقف أي أعمال شغب متعلقة بالحرب؛ فلطالما كان هذا هو الخط الأحمر بالنسبة للحكومة الأردنية، رغم أنها حاولت تصوير نفسها على أنها متعاطفة مع الاحتجاجات المتضامنة مع القضية الفلسطينية.
التهديد الإرهابي ضد الأفراد والمنشآت سيبقى محدودًا
لن يكون الأفراد الغربيون على الأرجح أهدافًا للعنف في الأردن، رغم أن الحرب زادت من المشاعر المعادية للغرب بين الشعب الأردني، لكن تركيز ذلك انحصر إلى حد كبير في الكيانات التجارية والدبلوماسية في البلاد. وقد دفع ذلك المتظاهرين إلى الهتاف بشعارات مناهضة للغرب ومعادية لـ"إسرائيل" خلال الاحتجاجات، ومقاطعة بعض العلامات التجارية الغربية بسبب دعمها المتصور لـ"إسرائيل"، لكن لم تُرصد أي تقارير عن تعرض أفراد للمضايقات خلال الأشهر الأخيرة.
ومن المتوقع أن يظل التهديد الإرهابي في المدن الأردنية معتدلًا؛ أي إن هناك احتمالًا معقولًا بأن الجماعات الإرهابية لا تزال عازمة على تنفيذ هجمات في المملكة؛ فقد هددت بشن هجمات على القنوات الإلكترونية التي تجري مراقبتها منذ بداية الحرب بين "إسرائيل" و"حماس". لكن لا يوجد مؤشرات قوية على أن الجهاديين قادرون على القيام بعمليات واسعة النطاق في الأردن، وذلك لعدم وجود شبكات إرهابية نشطة داخل البلاد، كما إن السلطات أثبتت قدرتها العالية على منع مثل هذه الهجمات على مدار العقد الماضي.
يذكر أن الهجوم الأكثر دموية وقع خلال العقد الماضي في كانون الأول/ ديسمبر 2016، عندما قتل مسلحون تابعون لتنظيم "داعش" سبعة ضباط شرطة وثلاثة مدنيين، في هجوم على مدينة الكرك (90 كلم جنوب عمّان). واستنادًا إلى الهجمات الأخيرة، فإن الشكل الأكثر ترجيحًا للهجمات المتوقعة هو حوادث طعن أو إطلاق نار على قوات الأمن والسياح والمسؤولين المحليين. ونظرًا لاستمرار الصراع في غزة، فإن المصالح "الإسرائيلية" (رغم ندرتها) ومصالح الولايات المتحدة على وجه الخصوص ستكون هدفًا لتلك الهجمات. وقد كان آخر هجوم بالمتفجرات في شباط/ فبراير 2019، عندما أدى انفجار قنبلتين لمقتل مدني واثنين من أفراد قوات الأمن في وادي الأزرق بمحافظة البلقاء.