المصدر: فيتش سوليوشنز
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
إن انتهاء الحرب بين "إسرائيل" و"حماس" قد يؤدي إلى تغيير في الديناميكيات بين الأطراف المتحاربة في سوريا؛ ويمكن تحديد أربعة آثار رئيسية لنهاية الحرب من شأنها أن تؤثر على ديناميكيات السلطة في البلاد:
أولًا: تعزيز الوجود الإيراني في سوريا
ستعزز إيران وجودها في سوريا لزيادة نفوذها الجيوسياسي في ضوء الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"؛ حيث سترغب طهران في ضمان وجود عسكري أكثر توسعًا من خلال وكلائها في سوريا كرادع لـ"إسرائيل". بالمثل، سترغب إيران أيضًا في حماية الطرق التي تمر عبر سوريا لضمان إمدادات الأسلحة إلى "حزب الله"، وهذا من شأنه أن يضمن جاهزية الحزب لمواجهة أي حرب محتملة واسعة النطاق مع "إسرائيل". إضافةً لذلك، فإن تعزيز الوجود الإيراني سيواصل الضغط على القوات الأمريكية للانسحاب من سوريا، وهو ما تعتبره إيران هدفًا طويل المدى. بالمقابل، فإن الوجود الكثيف للميليشيات المدعومة من إيران في سوريا سيؤدي لاستمرار تعرض البلاد للغارات الجوية "الإسرائيلية".
ثانيًا: تنويع الأكراد لتحالفاتهم بعيدًا عن الولايات المتحدة
ستسعى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لتنويع تحالفاتها، بحيث تصبح أقل اعتماداً على الشراكة الأمريكية؛ فقد قامت الولايات المتحدة في عهد "ترامب" بسحب معظم قواتها المتمركزة في سوريا عام 2019، تاركةً "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية)، الجناح العسكري لهذه الإدارة، مكشوفةً أمام الغزو التركي لأجزاء من أراضيها. ومنذ ذلك الحين، زادت "قسد" تعاونها مع كل من نظام "الأسد" وروسيا لمحاربة تنظيم "داعش" ولضمان بقائها السياسي. ومع تزايد تعرض الوجود الأمريكي في سوريا للهجمات وضعف شعبيته في الداخل عقب الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، من المرجح أن تختار الإدارة الذاتية الدخول في محادثات مع النظام السوري للحفاظ على حكمها الذاتي، وهو ما سيمكّنها من المحافظة على نفوذها وتعزيزه في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ثالثًا: تركيز السياسة التركية على إضعاف "قسد"
ستركز تركيا سياستها على إضعاف "قسد"، التي تعتبرها امتدادًا لـ"حزب العمال الكردستاني" الكردي وتهديدًا لأمنها القومي؛ فقد استغلت تركيا توجّه الاهتمام إلى حرب غزة لضرب مواقع استراتيجية لـ"قسد". ويُعتقد أن تستمر أعمال تركيا العسكرية لإضعاف الإدارة الذاتية في المستقبل المنظور، لكنها ستنتظر على الأرجح نهاية الحرب بين "إسرائيل" و"حماس" لتقييم تحركاتها الرئيسية التالية في سوريا، والتي ربما تُفضي إلى مسار إعادة الانخراط في محادثات مع "الأسد"، لإضعاف الإدارة الذاتية. لكن هذه الانفراجة في العلاقات ستظل مستبعدة، ما سيترك الوضع شمال غرب البلاد، تحديدًا في إدلب وريف حلب، في طريق مسدود؛ ونتيجةً لذلك ستستمر المناوشات المتقطعة، وبالتالي لا يُرجح أن تتغير مناطق النفوذ بشكل كبير.
رابعًا: زيادة زخم احتجاجات السويداء
سوف تكتسب احتجاجات السويداء مزيدًا من الزخم لكن لا يُتوقع أن يكون لها تأثير كبير على نظام "الأسد"؛ فرغم استمرار تلك الاحتجاجات خلال حرب غزة، إلا أن التركيز على الحرب أدى حتى الآن لاحتواء زخمها. رغم ذلك، ومع نهاية الحرب، قد ينتهز المتظاهرون بالمحافظة الجنوبية ذات الأغلبية الدرزية الفرصة لتكثيف أعمالهم. وفي ظل رغبة "الأسد" في تجنب مواجهة كبيرة في السويداء، لعدم تعريض أمن نظامه للخطر وتفاقم التوترات الطائفية، من المرجح ألا يقدم النظام على استخدام قوة كبيرة لقمع الاحتجاجات، وقد يؤدي ذلك إلى تحول السويداء إلى منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي تحكمها فعليًا الميليشيات الدرزية.
والخلاصة:
إن المخاطر التي تهدد مستقبل سوريا تتوقف على تطورات الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، ورغم أن هذا لا يمثل وجهة نظر أساسية، لكن في حال حدوث تصعيد كبير في الحرب يتضمن مواجهة أكثر اتساعًا بين "إسرائيل" و"حزب الله" جنوب لبنان، فقد يتم جرّ سوريا إلى الحرب من خلال مناوشات على مرتفعات الجولان التي تحتلها "إسرائيل". وقد يؤدي ذلك إلى زيادة زعزعة استقرار نظام "الأسد"؛ حيث تتطلع أطراف أخرى إلى تحقيق مكاسب عسكرية في مناطق مختلفة من الشمال السوري.