المصدر: بيزنس مونيتور إنترناشيونال
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
لقي الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مصرعه في الـ19 من أيار/ مايو الجاري، إثر تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقله بالقرب من مدينة جلفا الواقعة على الحدود مع أذربيجان. ورغم مفاجأة الحدث، إلا أن تركّز السلطة في يد المرشد الأعلى، علي خامنئي، والحرس الثوري سيضمن استمرار الحكم، خصوصًا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. فعلى المستوى المؤسساتي، ينص الدستور على أن يتولى النائب الأول للرئيس، محمد مخبر، منصب الرئيس مؤقتًا على أن تجرى الانتخابات في غضون خمسين يومًا (بنهاية تموز/ يوليو القادم). وبشكل عام، يُعتبر "مخبر" حليفًا وثيقًا لـ"خامنئي"، فضلًا عن كونه تابعًا أيديولوجيًا لـ"رئيسي" خلال رئاسته، ما يشير إلى أن التغييرات ستكون محدودة في السياسات الداخلية والخارجية خلال فترة ولايته القصيرة.
ومن خلال استقراء حادث تحطم المروحية يمكن أن نخلص إلى أربعة أفكار أولية:
أولًا: من خلال التقارير الأولية فقد ألقى النظام الإيراني باللوم في الحادث على سوء الأحوال الجوية، ويُعتقد أنه سيتمسك بهذه القصة بغض النظر عما تظهره التحقيقات لاحقًا، كما لا يُستبعد احتمال أن يكون الحادث قد تم تدبيره من قبل جهات فاعلة أجنبية أو محلية. فعلى سبيل المثال، قد يشتبه المسؤولون الإيرانيون في جهاز "الموساد"، نظرًا لعلاقات "إسرائيل" الدافئة مع أذربيجان وأنشطة الجهاز المزعومة في المنطقة، إضافةً إلى زيادة التوترات مؤخرًا بين إيران و"إسرائيل". ومع ذلك، وبغض النظر عن نتيجة التحقيق في الحادث، فمن المرجح أن يحجم المسؤولون الإيرانيون عن لوم "إسرائيل" علنًا لتجنب المواجهة المباشرة معها، في وقت تتضاءل فيه شعبية النظام وتتفاقم الصعوبات الاقتصادية، كما تخوض الجماعات المدعومة من إيران قتالًا على عدة جبهات في منطقة الشرق الأوسط. وإذا تحقق هذا الاحتمال (وإن كان ضعيفًا) بأن تلقي إيران باللوم في الحادث على "إسرائيل"، فمن المحتمل بقوة أن تقوم بتنفيذ ضربة انتقامية أكثر شدة ضدها، ما سيؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية.
ثانيًا: من المتوقع أن تزيد الأحداث من مخاطر الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران على المدى القصير، وأن تزيد من تقويض شرعية النظام؛ فقد تراجعت نسبة إقبال الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في آذار/ مارس 2024 إلى مستوى قياسي بلغ 41.0%، وهو أقل بكثير من المتوسط الذي يقترب من 60% في الفترة منذ تشكيل الجمهورية الإسلامية عام 1979. وما يزيد الأمر صعوبةً في هذا السياق أن النظام لديه 50 يومًا فقط لتقديم مرشح لديه القدرة على أن يثير شهية الناخبين للإقبال على الانتخابات. ورغم أن شخصية المرشح الذي سيقدمه النظام لا تزال غير معروفة، لكن الاضطرابات في السياسة الداخلية في هذه المرحلة على الأرجح ستكون محدودة بسبب الطبيعة الراسخة للمؤسسات الإيرانية.
ثالثًا: يعتقد أيضًا أن وفاة "رئيسي" سيكون لها تأثير محدود للغاية على السياسة الخارجية؛ فالسياسة الخارجية من صلاحيات المرشد الأعلى وليس الرئيس. وبالتالي، من المرجح أن تستمر إيران في تحقيق أهداف سياستها الخارجية الحالية، بما فيها السعي لبناء علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، والحفاظ على علاقات عمل مع الدول المجاورة، والاستمرار في التعامل بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة لتقليل مخاطر التصعيد، مع الحفاظ على نفوذها في المنطقة خصوصًا في سوريا واليمن والعراق ولبنان. ورغم أنه من المتوقع استمرار الحوار غير المباشر بين الولايات المتحدة وإيران، فإن آلية هذه المحادثات ربما تتطلب إعادة الهيكلة؛ حيث كان وزير الخارجية الراحل "عبد اللهيان" أحد المحاورين الرئيسيين، وسوف يتطلب ذلك فترة من التكيف حتى يتم إنشاء قنوات وعلاقات دبلوماسية جديدة.
أخيرًا: سوف تبرز مسألة الخلافة داخل التسلسل الهرمي السياسي في إيران إلى الواجهة؛ حيث كان من المتوقع بقوة أن يلعب "رئيسي" دورًا حيويًا إما في عملية الخلافة أو في خلافة المرشد الأعلى نفسه البالغ من العمر 85 عامًا. وعليه، فمن المتوقع أن يراقب "خامنئي" عن كثب كيفية تعامل الفصائل السياسية مع عملية الانتقال الرئاسي، وأن يبدأ سريعًا في تنظيم عملية الانتقال لضمان استقرار النظام.