المصدر: دراجونفلاي إنتيليجنس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
ملخص تنفيذي:
· من المقرر أن ينتهي الاتفاق النووي الإيراني (المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة "JCPOA") في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.
· يبدو أن هناك رغبة ضعيفة لدى الأطراف الموقعة على الخطة (إيران والصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة) لتمديد الاتفاق بعد انتهائه.
· مع تضييق القنوات الدبلوماسية، يبدو أن نشوب صراع مسلح قصير الأمد تستهدف فيه "إسرائيل" المواقع النووية الإيرانية هو السيناريو الأرجح في السنوات المقبلة.
مع اقتراب الاتفاق النووي الإيراني "JCPOA" من نهايته يبدو أن البيئة الجيوسياسية الحالية، خصوصًا في ظل التوترات المتجددة بين إيران و"إسرائيل" وبين إيران والولايات المتحدة، غير مواتية للأطراف الموقعة على الاتفاق لوضع إطار يمكن من خلاله تمديده إلى ما بعد تاريخ انتهائه في تشرين الأول/ أكتوبر 2025، كما يبدو أن كلًّا من روسيا والصين غير ملتزمتين كثيرًا بهذا الأمر. وفي ظل غياب الاتفاق، ولمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، من المحتمل أن تلجأ "إسرائيل" إلى العمل العسكري ضد المواقع النووية الإيرانية خلال السنوات المقبلة، وبالتالي من المرجح أن تتفاقم مخاطر الصراع الإقليمي.
"خطة العمل" متغيرة وغير مستقرة
يبدو أن إيران لا تزال بعيدة عن تطوير سلاح نووي خلال بضع سنوات؛ ولا يعني عدم تجديد "الاتفاق" أن إيران ستتمكن من الحصول على سلاح نووي فورًا، رغم أنها قريبة من مستوى اليورانيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة النووية (90%). وبعد انسحاب الولايات المتحدة من "الاتفاق" عام 2018، واستنادًا إلى المعلومات التي قدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قامت إيران بزيادة إنتاج اليورانيوم المخصب إلى 60%. لكن في حال انتهاء "الاتفاق"، لن يكون لدى الوكالة الدولية معلومات محدثة حول اليورانيوم الإيراني المخصب.
وفي ضوء المؤشرات الحالية، ليس من الواضح إذا كانت إيران قادرة على القيام بالخطوتين الإضافيتين اللتين قد تؤديان لإنتاج سلاح نووي أم لا؛ وهما تشكيل معدن اليورانيوم وتسليح رأس حربي نووي. واستنادًا إلى التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين، فإن إيران لم تستأنف برنامج التسليح، كما إن هناك تقارير إعلامية متضاربة حول قدرتها على إنتاج معدن اليورانيوم. وقد قال مسؤولون "إسرائيليون" العام الماضي إن "إسرائيل" لن يكون أمامها خيار سوى التحرك إذا "تحركت إيران للتخصيب بدرجة تتجاوز 60%".
تجديد "الاتفاق النووي" غير مرجح
من غير المرجح أن يقوم الموقّعون على "خطة العمل الشاملة المشتركة" بتجديدها؛ وذلك لسببين: أولهما أن الأطراف الموقعة على "الاتفاق"، فضلًا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا تزال على خلاف بشأن قضايا عديدة ليس أقلها آليات التحقق. وقد وافقت الوكالة الدولية مؤخرًا على قرار يدعو إيران إلى منحها حق الوصول إلى المواقع النووية بشكل عاجل، فيما اتهم الموقعون الآخرون طهران مرارًا وتكرارًا بعدم الامتثال لأحكام "الخطة". وفي الخامس من حزيران/ يونيو الجاري، أصدرت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بيانًا مشتركًا يحث إيران على توضيح "القضايا العالقة المتعلقة بالمواد النووية غير المعلنة"، وضمان تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أما السبب الثاني فيتمثل في أن السياق الجيوسياسي الحالي، خصوصًا في ظل استمرار الحرب على غزة وتصاعد التوترات بين إيران من جهة والولايات المتحدة و"إسرائيل" من جهة أخرى، ليس مواتيًا للموقعين على "الخطة" للتوصل إلى اتفاق جديد. فقد ظلت الصفقة في طي النسيان منذ عدة سنوات، خصوصًا منذ عام 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة منها، ويبدو أنه لا توجد إرادة سياسية قوية لدى اللاعبين الرئيسيين لتجديدها، ولم تفعل الصين وروسيا الكثير لاستعادة الاتفاق. كما ساهمت التوترات الدبلوماسية الأوسع بين الغرب وروسيا بشأن أوكرانيا في إيجاد هذا الفتور؛ إذ يبدو أن روسيا على وجه الخصوص لم تعد مستعدة للضغط على إيران في الملف النووي، خاصةً منذ غزوها لأوكرانيا عام 2022.
وبالتالي، فإن البدائل القابلة للتطبيق لتجديد الاتفاق تبدو مفقودة في الوقت الحالي، لكن تقريرًا لمؤسسة بحثية صدر عام 2022 أشار إلى أنه في حال عدم تجديد الاتفاق، فسيكون من الممكن اتباع نهج تدريجي لاستعادة بعض أجزائه على الأقل. وهذا يعني أن كل دولة موقعة على الاتفاق ستتخذ تدابير فردية للعودة تدريجيًا إلى نوع ما من الامتثال للخطة، لكن لم يقترح أي لاعب رئيسي هذا الخيار بعد.
إيران ستصبح على الأرجح أكثر تشدداً
مع اقتراب موعد تجديد "خطة العمل الشاملة المشتركة"، من المحتمل أن تقوم إيران بتصعيد موقفها العسكري وخطابها العدائي في المنطقة بهدف انتزاع تنازلات من الموقعين على الاتفاق، خصوصًا الولايات المتحدة، مثل رفع العقوبات. فعلى سبيل المثال، قد تهدد إيران باتخاذ إجراء عسكري مباشر ضد "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، وهذا تكتيك راسخ في عقلية الإيرانيين. فخلال محادثات التفاوض على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي خلال عامي 2021-2022، قدمت إيران على ما يبدو دعمًا للجماعات المسلحة في المنطقة للقيام بعمليات عسكرية سرية ضد السفن التجارية والعسكرية في الخليج.
ومن المحتمل أن يستغل المتشددون في إيران احتمال إنهاء الاتفاق النووي لتعزيز الدعم المحلي للنظام، وسيتضمن هذا تأكيدهم على عدم موثوقية الغرب لتعزيز خطابهم حول حرب غزة والتدخل الغربي المتصور في المنطقة. فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، انتقدت السلطات الإيرانية الغرب لدعمه "إسرائيل" وشجعت المظاهرات المؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء البلاد، كما اتهم النظام الإيراني الدول الأجنبية عام 2022 بإثارة احتجاجات واسعة النطاق ضد الحجاب.
مخاطر تصاعد الصراع الإيراني "الإسرائيلي" في سيناريو عدم التوصل لاتفاق
في حال عدم تجديد "الاتفاق" بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2025، فإن مخاطر الصراع في المنطقة على الأرجح ستتفاقم؛ ويرجع ذلك أساسًا إلى أنه لن تكون هناك آلية فعالة ومتفق عليها دوليًا لمراقبة البرنامج النووي الإيراني. ومن المحتمل أن يؤدي هذا إلى زيادة مخاوف كل من السعودية و"إسرائيل" تجاه التهديد الإيراني؛ فقد أعلنت "إسرائيل" مرارًا أنها تريد منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، كما قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، العام الماضي إنه "إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فعلينا أن نحصل عليه".
في ظل هذه المعطيات، يمكن تحديد بعض المؤشرات (دون ترتيب معين)، التي تشير إلى أن العمل العسكري "الإسرائيلي" المباشر ضد المنشآت النووية الإيرانية أصبح محتملًا على المدى الطويل (في غضون خمس سنوات):
• إقدام إيران أو السعودية على قطع علاقاتهما الدبلوماسية.
• قيام "إسرائيل" والسعودية بتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية.
• ممارسة إيران و"إسرائيل" أعمالًا عسكرية مباشرة متواصلة ضد بعضهما البعض.
• إرسال "إسرائيل" إنذارًا نهائيًا إلى إيران لوقف برنامجها النووي عبر التهديد بإجراء عسكري ضدها.
والخلاصة: يبدو أن الصراع العسكري المفتوح والقصير بين إيران و"إسرائيل" هو السيناريو الأكثر منطقية في حال عدم تجديد الاتفاق النووي، لكنه ينطوي على احتمال نشوب حرب أوسع نطاقًا في المنطقة. فإن استهداف "إسرائيل" أو إيران للمنشآت النووية لدى كل منهما سيكون سببًا في إشعال فتيل التصعيد، كما إن الخطاب الرسمي لكلا الطرفين، فضلًا عن الضربات الأخيرة، يشير إلى أن تلك المنشآت تشكل أهدافًا رئيسية لكليهما.