قراءة استشرافية لمحاور التهديد الأمني لدول الخليج

الساعة : 17:00
7 سبتمبر 2024

المصدر: دراجونفلاي إنتيليجنس

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا

تلخيص:

ستظل دول الخليج على الأرجح تتسم بدرجة من الأمن خلال العام القادم؛ فلم تتأثر تلك الدول حتى الآن بدرجة كبيرة بالتحولات الإقليمية والتوترات العسكرية في ظل الحرب على غزة. لكن على مدار السنوات الخمس القادمة، فقد تنخرط مجموعات مدعومة من إيران في أي صراع عسكري إقليمي بالمنطقة وتستهدف القواعد الأمريكية في دول الخليج، خصوصًا في السعودية، ومن المحتمل جدًا أن تكون الموانئ والمطارات والبنية التحتية للنفط أهدافًا لتلك الأطراف خلال ذلك الصراع.

ورغم أنه من المرجح أن يظل الوضع الأمني في دول الخليج مستقرًا خلال العام القادم، فإن المخاطر الأمنية الرئيسية في هذه البلدان قد تنبع من القيادة المتهورة للسيارات، ثم بدرجة أقل من الجرائم البسيطة. وستظل هذه الدول على الأغلب بعيدة عن التأثر بالحرب في غزة؛ فعلى سبيل المثال احتج عشرات الآلاف من الناس في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ضد "إسرائيل" ودعمًا للفلسطينيين، لكن لم يكن هناك أي نشاط تقريبًا في الخليج، وهذا يعكس مدى القمع المستمر الذي تمارسه سلطات تلك الدول ضد المعارضة.

من ناحية أخرى، فقد أدت الحرب في غزة إلى تصاعد التهديد الإرهابي على مستوى العالم، بما في ذلك  دول الخليج، لكن يبدو أن الجهاديين غير قادرين على تنفيذ عمليات هناك أكثر من حوادث عابرة من قبيل إطلاق نار أو عملية طعن. ورغم أن الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة ألمحت إلى أنها ستستهدف المصالح العسكرية الأمريكية في الخليج، لكن قدرتها على تنفيذ ذلك ما زالت موضع شك إلا إذا اندلعت حرب إقليمية كبرى. من ناحية أخرى، يعتبر الحوثيون الجماعة الوحيدة القادرة على شن هجمات مستمرة بطائرات مسيّرة أو صواريخ على السعودية أو دول الخليج الأخرى، لكن لا يبدو أنهم مستعدون للمخاطرة بمفاوضات السلام من خلال القيام بذلك في الوقت الحالي.

التصعيد الإقليمي لن يؤدي لتدهور كبير في أمن الخليج

ما زالت التوترات الإقليمية تلوح في الأفق؛ حيث قالت إيران إنها سترد على "إسرائيل" لاغتيالها زعيم حركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران نهاية تموز/ يوليو الماضي، وربما تحاول القيام بذلك خلال الأسابيع القادمة لكن هذا لن يؤثر على أمن الخليج بشكل كبير. وإذا أطلقت إيران وحلفاؤها طائرات مسيّرة وصواريخ باتجاه "إسرائيل"، فمن المحتمل ألا تحلق هذه الطائرات فوق دول الخليج أو تستهدفها، وفي أقصى تقدير قد تغلق السعودية مجالها الجوي شمال المملكة.

رغم ذلك، سيظل خطر اندلاع حرب إقليمية واسعة بين إيران و"إسرائيل" عاليًا على مدى السنوات الخمس القادمة، وسيكون لذلك تأثير كبير على الخليج، خصوصًا إذا شاركت الولايات المتحدة في تلك الحرب. ففي هذه الحالة ستسعى الجماعات المسلحة المدعومة من إيران إلى استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في تلك الدول، لكن أغلب هذه القواعد تقع خارج المدن الكبرى. والاستثناء هو السعودية؛ فقد يشن الحوثيون هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ ضد البنية الأساسية الحيوية، مثل المطارات والموانئ وحقول النفط.

خطر التهور في قيادة السيارات

من المرجح أن تظل قيادة السيارات بنمط متهور ​​في دول الخليج من أكبر مصادر الخطر الأمني، وقد طبقت السلطات في العديد من هذه الدول سياسات لتحسين هذا الأمر خلال السنوات الأخيرة، لكن السائقين كثيرًا ما يلاحقون سيارات أخرى بسرعات جنونية غير عابئين باستخدام الإشارات. أما مخاطر الجرائم البسيطة، فمن المرجح أن تظل منخفضة في دول الخليج؛ فمعدلات الجريمة منخفضة بشكل عام في هذه البلدان، ​​وهذا يعكس مستوى الرخاء الاجتماعي العام والردع الاجتماعي والقانوني القوي كذلك. كما إن المغتربين في تلك البلدان والذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، تعتمد تصاريح عملهم على وجود سجل شرطة نظيف. واستنادًا إلى مراقبة وسائل الإعلام المحلية ومحادثات مع جهات اتصال تعيش هناك أو تسافر إلى هناك، فإن عمليات السرقة وخطف الحقائب تحدث أحيانًا في المناطق المزدحمة في كل من الكويت والسعودية وعمان والبحرين.

التهديد الإرهابي سيظل مرتفعًا

إن التهديد الإرهابي في الخليج مرتفع إلى حد ما، ومن المرجح أن يظل على هذا الحال، على الأقل طالما استمرت حرب غزة أو إذا نشب صراع في لبنان أو إيران. فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، استغل الجهاديون الصراع للتحريض على الهجمات على مستوى العالم، وذكروا دول الخليج عدة مرات؛ فعلى سبيل المثال، في أكتوبر 2023 انتقد "تنظيم القاعدة" في شبه الجزيرة العربية دولة الإمارات التي اعتبرها داعمة لـ"إسرائيل"، وذكر أنه "بعد سقوط إسرائيل ستتبعها الإمارات".

رغم ذلك، لا يبدو أن الجهاديين قادرون على شن هجمات واسعة في دول الخليج؛ فمن المتوقع أن تقتصر الهجمات على حوادث إطلاق نار أو طعن في منطقة مزدحمة أو ضد موقع ديني شيعي. ففي الشهر الماضي قتل ثلاثة مسلحين ستة أشخاص في مسجد شيعي في مسقط بعُمان، وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن ذلك. ويبدو أن السلطات في المنطقة مستعدة بشكل عام لإحباط أي مؤامرات تنطوي على تخطيط لتنفيذ تفجيرات في أي مكان؛ وفي كانون الثاني/ يناير الماضي ألقت قوات الأمن الكويتية القبض على خمسة أفراد بسبب خطة مرتبطة بـ"تنظيم الدولة" لتفجير أماكن عبادة شيعية، كما ألقت القبض على شخص اتهمته بالتخطيط لهجوم مماثل على القوات الأمريكية في أيار/ مايو الماضي.

تهديد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران سيكون منخفضًا

تشكل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران أيضًا تهديدًا لدول الخليج؛ ويرجع ذلك أساسًا إلى العدد الكبير من القواعد العسكرية الأمريكية في تلك البلدان. ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ذكرت الجماعات المسلحة العراقية أنها تعتبر القواعد الأمريكية في الإمارات والكويت "أهدافًا مشروعة"، كما هدد الحوثيون الشهر الماضي باستهداف البنية التحتية الحيوية في السعودية مرة أخرى، وهددت الجماعات المسلحة المتمركزة في البحرين في الماضي المصالح "الإسرائيلية" هناك.

رغم كل ذلك، فإن قدرات تلك الجماعات على مهاجمة دول الخليج بنجاح تبدو محدودة؛ فقد حاولوا القيام بذلك في السنوات الأخيرة دون جدوى، كما فشلت الجماعات المسلحة في العراق في القيام بذلك عدة مرات رغم قربها من دول الخليج، وكان الحوثيون الجماعة الوحيدة التي هاجمت دول الخليج بنجاح، حيث هاجموا كلًّا من السعودية والإمارات. لكن منذ العام الماضي، يبدو أن التقارب بين المملكة وإيران ومحادثات السلام السعودية الحوثية الجارية قد ثنت الجماعة عن شن مثل هذه الهجمات، ويبدو أنها صارت تفضل استهداف "إسرائيل" والسفن البحرية والتجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

الاحتجاجات ستكون محدودة للغاية

لا يُرجح أن تشهد دول الخليج احتجاجات حاشدة؛ فعادة ما تقمع الحكومات المحلية بسرعة أي شكل من أشكال الانتقادات العامة، بما فيها تلك المتعلقة بقضايا حساسة مثل "إسرائيل" وفلسطين. ففي تموز/ يوليو الماضي قامت السلطات الإماراتية بترحيل طالب أجنبي، لأنه هتف "الحرية لفلسطين" على خشبة المسرح في حفل تخرجه في أبو ظبي. كما ذكرت تقارير أن السعودية احتجزت في الأشهر الأخيرة عددًا غير معلوم من المواطنين، لمجرد نشرهم تعليقات مؤيدة لفلسطين ومعادية لـ"إسرائيل" على الإنترنت.

ومع ذلك، فمن المرجح أن تشهد دول الخليج الأخرى احتجاجات صغيرة وسلمية مؤيدة لفلسطين، قد يصل عدد المشاركين فيها إلى بضع مئات، خصوصًا بعد صلاة الجمعة؛ فقد خرجت مظاهرات بشأن هذه القضية وقضايا أخرى (في بعض الحالات) مثل النزاعات العمالية في كل من:

•         قطر: بمسجد الإمام عبد الوهاب بالدوحة

•         البحرين: بالمدن والقرى الشيعية خارج المنامة

•         الكويت: بميدان الإرادة، مدينة الكويت

•         عُمان: بالواجهة البحرية في مسقط، أو أمام المباني الحكومية

وقد كانت مثل هذه الحالات نادرة في دول الخليج في السنوات الأخيرة، ومن المؤكد أن السلطات ستتحرك بسرعة لقمع الاحتجاجات في حالة ظهور أي إشارات مبكرة على تصاعد مثل هذه الاحتجاجات إلى أعمال شغب، أو العنف تجاه الأجانب أو المصالح الأجنبية على سبيل المثال. ومن المعتاد أن تصاحب الاحتجاجات أعداد كبيرة من أفراد قوات الأمن، الذين يستخدمون الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين ويعتقلون المشاركين إذا خرجت الاحتجاجات عن نطاق السيطرة.

استبعاد قيام "إسرائيل" بتنفيذ عمليات اغتيال

إن الاغتيال المستهدف من قبل "إسرائيل" سيناريو محتمل وربما يكون مرجحًا في بعض الدول الخليجية؛ فقد استخدمت "إسرائيل" هذا التكتيك هناك من قبل، وتحديدًا في الإمارات حين اغتالت أحد قادة "حماس" في دبي عام 2010. لكن يبدو أنها تأمل الآن في الحفاظ على علاقات مستقرة مع الإمارات والبحرين، وتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وبالتالي سيكون من المستبعد تعريض كل هذا للخطر. ومع أن العديد من قادة "حماس" مقيمون في قطر، لكن يبدو أن "إسرائيل" تفضل (أو تقدر بشكل أفضل على) تنفيذ مثل هذه العمليات في مكان آخر؛ كما أقدمت على اغتيال "هنية"، الذي كان يقيم في الدوحة، في طهران في الـ31 من تموز/ يوليو الماضي.