قام الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، في الـ13 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، باختيار المنشقة عن الحزب الديمقراطي، تولسي غابارد، مديرةً للاستخبارات الوطنية، ما أثار العديد من الأسئلة حول سياسته المستقبلية تجاه سوريا. فقد تقربت "غابارد" من أشخاص مقربين من نظام "بشار الأسد" في وقت كانت فيه واشنطن بأكملها، بما في ذلك "ترامب" نفسه، تعارضه بشدة. وفي حين تفاخر ترامب بتنفيذ ضربات ضد نظام "الأسد" عام 2017، فإنه يضع الآن على رأس مجمع الاستخبارات أحد المحاربين القدامى في الجيش، والتي قامت أيضًا عام 2017 بزيارة مجاملة لـ"رجل سوريا القوي".
تأييد "غابارد" لنظام "الأسد"
سافرت "غابارد" لأول مرة إلى سوريا عام 2015 وتنقلت من مناطق المعارضة إلى دمشق، عندما كانت البلاد على وشك السقوط في أيدي المعارضة، قبل أن تنضم روسيا إلى القتال في الـ30 من أيلول/ سبتمبر عام 2015 وتنقذ نظام دمشق. كما قامت "قوة المهام الطارئة السورية" (منظمة أمريكية) بنقل "غابارد" إلى الحدود السورية التركية، التي ما زالت تحت سيطرة المعارضة. ووفقًا لـ"معاذ مصطفى"، رئيس منظمة مؤيدة للثورة السورية، فقد كانت "غابارد" في ذلك الوقت تثير الشكوك حول مسؤولية "الأسد".
لاحقًا، عادت "غابارد" إلى سوريا عام 2017 واختارت الذهاب مباشرة إلى مناطق سيطرة النظام والتقت "الأسد"، لتصبح أول ممثلة أمريكية رسمية تزور الزعيم السوري منذ عام 2012. وقالت "غابارد" إنها كانت تُجري مهمة لتقصي الحقائق تحت رعاية "المركز العربي الأمريكي للمجتمع الاقتصادي والاجتماعي" (ACCESS)، وهو منظمة خيرية مقرها أوهايو، وتساءلت وقتها عن مسؤولية النظام السوري عن تنفيذ ضربات كيميائية ضد شعبه، رغم التأكيد على وقوع الهجمات من قبل مجمع الاستخبارات الأمريكي، الذي تستعد لرئاسته.
دائرة المؤيدين لـ"الأسد" تتسع في الولايات المتحدة
لقد رافق "غابارد" في دمشق "بسام خدوان"، رئيس منظمة "ACCESS" آنذاك، والذي يقال إنه قريب من "الحزب القومي الاجتماعي السوري" (SSNP)، الفرع السوري واللبناني للحزب الوطني الاشتراكي الألماني في ذلك الوقت. كما إن "خدوان" قريب من منشق ديمقراطي آخر هو النائب السابق عن ولاية أوهايو، دينيس كوسينيتش، الذي شارك أيضًا في الرحلة إلى سوريا عام 2017. وقد ذهب "خدوان" تحت رعاية "حركة التضامن السوري"، وهي جمعية أمريكية تأسست عام 2012 لتعزيز "تغيير السردية" تجاه دمشق؛ أو بعبارة أخرى "إعادة تأهيل الأسد في الغرب".
وقد سُئلت "غابارد"، التي تدافع عن مبدأ عدم التدخل الأمريكي، من قبل "ترامب" عن رؤيتها لسوريا بمجرد عودتها من دمشق عام 2017، ومنذ ذلك الحين أصبحت أقرب إلى "ترامب"، خصوصًا في ظل الدعم من الاستراتيجي السابق في البيت الأبيض، ستيف بانون. كما استشارها "ترامب" مرة أخرى في شباط/ فبراير الماضي، على الرغم من أن طموحات الرئيس المنتخب بشأن سوريا لا تزال غير واضحة.
ورغم أن المرشح لمنصب وزير الصحة، روبرت كينيدي، قال إن "ترامب" أخبره أنه يود سحب القوات الأمريكية التي ما زالت متمركزة في سوريا، فلا توجد معلومات أخرى متاحة حتى الآن حول موقف الرئيس المستقبلي تجاه "الأسد"، الذي يريد تطبيع العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت منذ عام 2011. ومن المقرر فحص علاقات "غابارد" بسوريا خلال جلسات استماع مجلس الشيوخ، لتأكيد تعيين مديرة الاستخبارات الوطنية مستقبلًا؛ حيث تشكل مواقفها المؤيدة لروسيا مصدرًا آخر للجدل.