المصدر: كونترول ريسكس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
نشر موقع "كونترول ريسكس" استشرافًا مختصرًا عن البيئة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، أشار فيه إلى أن هذه البيئة ستكون عاصفة خلال عام 2025. وفيما يلي أهم القضايا الحساسة التي تمت مراقبتها واستشراف مآلاتها، والتي من المرجح أن يكون لها تأثير كبير على المشهد الإقليمي.
1. مصير وقف إطلاق النار بين "حماس" و"إسرائيل":
تم توقيع الاتفاق على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بين "حماس" و"إسرائيل" في الـ19 من كانون الثاني/ يناير الماضي، وكان من المتوقع أن تبدأ المفاوضات بشأن المراحل التالية بهدف ترسيخ نهاية دائمة للصراع بحلول شباط/ فبراير. فمن جهتها، أضعفت "إسرائيل" قدرات "حماس" بشكل كبير، وموقف "نتنياهو" السياسي يمنحه مجالًا أكبر لإنهاء الصراع في قطاع غزة، إلا أنه رغم ذلك، من المرجح أن تستمر حالة الضبابية بشأن الوضع الحالي وبشأن هياكل الحكم في الأراضي الفلسطينية عام 2025؛ فقد بدأت المحادثات بين "حماس" و"فتح" (المهيمنة في السلطة الفلسطينية) في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكن من غير الواضح إن كانت ستتمخض عن هيئة حاكمة في القطاع. ومن المرجح أن تتبنى "إسرائيل" نهجًا متشددًا بشكل متزايد تجاه الأراضي الفلسطينية، وأن تحتفظ بقواتها في غزة طوال عام 2025، ومن المرجح أيضًا أن تستأنف جهودها لتسريع ضم أجزاء من الضفة الغربية.
الورقة الرابحة: حل الدولتين
يتمثل هذا السيناريو في أن تقوم "إسرائيل" بإبرام صفقة تطبيع كبرى مع الدول العربية والسلطة الفلسطينية، بوساطة الولايات المتحدة وبقيادة السعودية، مع موافقة "إسرائيل" على شروط تضمن قيام دولة فلسطينية على مبادئ حل الدولتين.
2. تبني إيران استراتيجية إقليمية
من المرجح أن تكبح إيران، التي ضعفت عسكريًا بصورة كبيرة، نفسها ووكلاءها عن اتخاذ إجراءات عدوانية ضد "إسرائيل" والولايات المتحدة وحلفائهما. بالمقابل، ستشارك طهران على الأرجح في التحركات الدبلوماسية والمناقشات الخلفية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية والجهات الفاعلة الإقليمية، وستحاول ثني الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن تبني حملة الضغط الأقصى ضدها. ورغم التزام إيران بالرد على هجوم "إسرائيل" في الـ26 من تشرين الأول/ أكتوبر، فمن المتوقع أن تستخدم طهران وقف إطلاق النار في لبنان وغزة كمبرر لعدم الاستجابة.
من المتوقع أيضًا أن تسعى طهران للاستفادة من برنامجها النووي ودعمها لروسيا، والعلاقات التي تطورت حديثًا مع بعض الدول في مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك دول الخليج. كما ستؤكد طهران على أن وكلاءها يحتفظون بالقدرة على الرد، ما يُظهِر أنها ليست معزولة أو واقعة تحت ضغط الردع ولديها أدوات تحت تصرفها حال تصعيد "إسرائيل" أو الولايات المتحدة.
الورقة الرابحة: صفقة كبرى
وهذا يعني أن تبرم الولايات المتحدة وإيران صفقة كبرى، لا تتناول فقط الملف النووي بل تشمل أيضًا دعم إيران للوكلاء والأنشطة المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
3. طموحات إقليمية وعالمية للجماعات المسلحة الجريئة
ستظل أفغانستان ملاذًا للجماعات المسلحة ذات الطموح الإقليمي والعالمي؛ فرغم أن تنظيم "القاعدة" التابع لطالبان لا يزال يحافظ على مستوى منخفض من الظهور، لكنه يواصل تعزيز قدراته وتعميق علاقته التكافلية مع الحكومة. وبينما تواصل طالبان غض الطرف فيما يتعلق بتنظيم "القاعدة"، فإنها ستظل غير قادرة على كبح جماح قدرات تنظيم "الدولة الإسلامية" في خراسان ونيته في شن هجمات خارج أفغانستان وباكستان.
في الوقت نفسه، قد يؤدي سقوط نظام "الأسد" في سوريا إلى تفتت يمكن أن تستغله الجهات الفاعلة العابرة للحدود، مثل "داعش" و"القاعدة"؛ وكمؤشر على ذلك، فقد زاد معدل هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2024. واعتبارًا من منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بدأت المعارضة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" طريقها إلى تعزيز سلطتها، لكن عملية بناء الدولة لا تزال في مراحلها المبكرة وتكتنفها عقبات كثيرة. وعليه، فإن الانهيار السريع للسلطة الجديدة في سوريا سيصب مباشرةً في صالح الحركات الإرهابية العابرة للحدود، من خلال تدهور البيئة الأمنية بشكل أكبر وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، التي يمكن أن تحسن فرص تجنيد عناصر في صفوفها.
الورقة الرابحة: التهديد المتزايد
قد يشن تنظيم "الدولة الإسلامية" في خراسان أو يلهم هجومًا جماعيًا في الولايات المتحدة أو أوروبا؛ وبالتالي تزيد الدول الغربية من الضغوط على طالبان للحد من التهديدات المسلحة القادمة من أفغانستان، وتنفذ في الوقت نفسه غارات جوية متقطعة تستهدف الملاذات الآمنة للمتشددين.
4. الواقع الجيوسياسي في الشرق الأوسط مع وجود "ترامب"
ستركّز إدارة "ترامب" الثانية سياساتها الإقليمية حول ركيزتين؛ مكافحة النفوذ الإيراني؛ من خلال أقصى قدر من الضغط، وتوسيع "اتفاقيات أبراهام". وهاتان السياستان ليستا متعارضتين؛ فرغم انتقادات "ترامب" المستمرة لإيران، وغضبه المحتمل من تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن إيران مرتبطة بمحاولتي الاغتيال له خلال الحملة الانتخابية، إلا أنه قال إنه سيفكر في العودة إلى طاولة المفاوضات.
وخلال فترة ولايته الأولى (من 2017 إلى 2020)، حاول "ترامب" إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني، فيما يزعم بعض أنصاره أن البيئة الحالية في المنطقة التي تشهد تراجعًا سريعًا لنفوذ إيران الإقليمي، هي أفضل ظرف ممكن لعقد اتفاق يدعم المصالح الأمريكية.
الورقة الرابحة: الضربات الاستباقية
وهذا يعني أن يأمر "ترامب" بشن ضربات استباقية على المواقع النووية الرئيسية في إيران، ما سيؤدي لتدهور كبير في قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
5. المفاوضات وتداعياتها في اليمن
من المرجح أن يواصل الحوثيون في اليمن توقفهم الحذر عن شن الهجمات ضد "إسرائيل"، وضد السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة و"إسرائيل" في البحر الأحمر، وأن يراقبوا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن من المتوقع أن يستأنفوا هجماتهم في بعض الأحوال؛ خصوصًا إذا انتهكت "إسرائيل" الاتفاق أو انسحبت منه.
بدورهم، يمثل الحوثيون آخر ذراع وكيل رئيسي غير مجاور لإيران، وبالتالي من المرجح أن تزيد طهران من دعمها المالي والعسكري للجماعة، كما من المتوقع أن يستخدم الحوثيون قوتهم التفاوضية لفرض شروط على إيران للحفاظ على سلطتهم في اتخاذ القرار، خاصةً فيما يتعلق بشؤونهم الداخلية ومفاوضات وقف إطلاق النار المتوقفة مع السعودية.
الورقة الرابحة: انتشار السلام
أي أن تبدأ محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة وتتقدم بسرعة، وبتيسير من السعودية والإمارات وإيران بحيث تتفق الحكومة المعترف بها دوليًا، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، والحوثيون على نموذج حكم لليمن، من بين قضايا أخرى. وستعمل التطورات الإيجابية على جذب الشركات إلى اليمن، ما يزيد من قدرة الأطراف المتحاربة على الوصول إلى الأموال ويؤدي لتحسن اجتماعي واقتصادي تدريجيًا.
6. تغير الديناميكيات في بلاد الشام
لا تزال "هيئة تحرير الشام" تسيطر على العملية الانتقالية، فيما يعكس تعهد "الهيئة" باحترام حقوق الأقليات سعيها لاكتساب الشرعية الدولية. رغم ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول وحدة وقدرة القوات التي تقودها "الهيئة" على الحكم؛ حيث سيتعين على زعيمها، أحمد الشرع، أن يتعامل مع مجموعة واسعة من المصالح المتنافسة، من الاحتفاظ بولاء الدوائر الانتخابية الإسلامية إلى تأمين الدعم من الفصائل المتمردة والأقليات الجنوبية.
ففي شمال شرق سوريا، تسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بقيادة الأكراد على الأراضي الواقعة شرق نهر الفرات، مع هياكل حكم مستقلة متقدمة سيسعى الأكراد للحفاظ عليها. وسيظل خطر استمرار تقسيم سوريا حاضرًا بقوة، مدعومًا بالخلاف الأيديولوجي بين الإدارة الجديدة التي تقودها "الهيئة" من جهة، وقوات "قسد" من جهة أخرى.
الورقة الرابحة: من الانقسام إلى التصعيد
إن سياسة "ترامب" الانعزالية تقلل من الدعم العسكري المقدم لقوات "قسد"، وبدعم من تركيا قد تبدأ القيادة السورية الجديدة حملة عسكرية لطرد "قسد" من محافظات الرقة ودير الزور والحسكة.