دراسة حول سياسات واستراتيجيات محور المقاومة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية

الساعة : 13:12
8 أبريل 2025

المصدر: تشاتام هاوس

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

تلخيص:

أجرى "معهد تشاتام هاوس" دراسة حالة عن العراق وبلاد الشام، ضمن (برنامج أبحاث أدلة الصراعات عبر الحدود والسياسات والاتجاهات) "XCEPT" (الممول من هيئة التنمية الدولية البريطانية). تضمنت هذه الدراسة ورقة بحثية تدرس مرونة وتكيّف ما يسمى بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران، في مواجهة التحديات الكبيرة التي واجهها عام 2024. فبعد هجوم "حماس" على "إسرائيل" في السابع من أكتوبر 2023، شنت "إسرائيل" حربًا عابرة للحدود مستهدفةً هذا المحور، ما أدى لإضعاف "حزب الله" بشكل كبير وإسقاط نظام "الأسد" في سوريا، واضطرار إيران لتعزيز علاقاتها مع الحلفاء في العراق واليمن. ورغم هذه النكسات التي مُني بها المحور، إلا أنه أظهر قدرة ملحوظة على التكيّف، مستفيدًا من شبكات تمتد خارج مكوناته التقليدية، بما في ذلك العلاقات مع الصين وروسيا وحتى بعض الخصوم السابقين مثل دول الخليج العربي.

مرونة من خلال التكيف

لعله من نافلة القول أن نقول إن المحور أكثر من مجرد مجموعة من الجماعات؛ فهو نظام شبكي يتجاوز حدود الدول. وقد نجحت إيران وحلفاؤها تاريخيًا في التعامل مع الصدمات، من خلال التحالفات الاستراتيجية والعلاقات الاقتصادية والشبكات غير الرسمية. ففي عام 2024، اعتمدت إيران بشكل أكبر على الحلفاء في العراق واليمن، ووسّعت علاقاتها مع القوى العالمية مثل الصين وروسيا، ما يبرز قدرتها على إعادة تشكيل الشراكات. كما يدير المحور تدفقات الأموال وتجارة الطاقة لتجنب العقوبات واستدامة عملياته؛ فجماعات مثل "حزب الله" و"الحشد الشعبي" والحوثيين متأصلة في الهياكل الحكومية، وتجمع بين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي للحفاظ على السلطة وتأمين الموارد.

بالمقابل وعلى المستوى العالمي، فإن تراجع الهيمنة الأمريكية خلق عالمًا متعدد المحاور يتميز بعلاقات مرنة بدلًا من كتل صارمة. وقد عملت إيران على استغلال هذه الديناميكية للتواصل ليس فقط مع الدول ذات التفكير المماثل، لكن مع الحلفاء التقليديين للغرب كذلك، ما يعزز نفوذها الإقليمي والعالمي. وقد ساعدتها في ذلك قيود السياسات الغربية؛ حيث تعتمد الاستراتيجيات الغربية على سياسات موجهة للدول، مثل الضربات العسكرية والعقوبات الاقتصادية أو بناء مؤسسات بديلة، لكنها تفشل في معالجة الترابط داخل المحور. كما إن العقوبات تضر بالسكان المحليين أكثر من النخب، أما التسوية السياسية فغالبًا ما تعزز الفساد بدلًا من تحسين نظام الحكم.

وبالتالي، فإن الحل يكمن في تبني نهج جديد من قبل الغرب؛ إذ تقترح الدراسة استراتيجية طويلة الأمد مصممة لعالم متعدد المحاور، تقوم على ثلاث عمليات رئيسة:

1.     رسم الخرائط؛ من خلال فهم التفاعل بين الجهات الحكومية وغير الحكومية داخل الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي.

2.     الانخراط بدلًا من العزلة؛ عبر الانخراط مع إيران وشركائها من خلال وسطاء يمكنهم التفاوض على صفقات تركز على المنفعة المتبادلة والاستقرار الإقليمي.

3.     تطوير آليات المساءلة؛ من خلال التخفيف التدريجي للعقوبات مقابل قيود قابلة للتحقق على تخصيب اليورانيوم، والأنشطة العسكرية والاقتصادية الإقليمية، مع ضمان حماية السكان المتضررين.

كما تشير الدراسة إلى ضرورة الاستفادة من سقوط "الأسد"؛ حيث سلط انهيار نظامه الضوء على أهمية الحفاظ على السلطة المحلية والاتصال عبر الحدود، لتحقيق المرونة داخل المحور؛ إذ إن فقدان الاثنين أضعف موقف "الأسد". وفي النهاية، تؤكد الورقة على الحاجة إلى استراتيجيات مبتكرة ومتكيفة لمواجهة تعقيدات محور المقاومة، في ظل التغيرات السريعة في النظام العالمي.

قدرة المحور على التكيف في مواجهة التحديات

توضح الدراسة كيف يعمل المحور ويتكيف ضمن النظام العالمي المتغير، مؤكدةً على الحاجة إلى استراتيجيات مبتكرة لمواجهته. فعلى مر تاريخه، أظهر "محور المقاومة" قدرة على التكيف استجابةً للصدمات الخارجية، ورغم تعرضه لانتكاسات عديدة خلال عام 2024، لكنه يظل أكثر مرونة مما يعترف به كثيرون.

وبعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، أطلقت "إسرائيل" حربًا عابرة للحدود بهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وكان الهدف إضعاف وإزاحة إيران وحلفائها، الذين نفذوا ضربات جوية دعمًا لفلسطين، والمعروفين مجتمعين بـ"محور المقاومة". وتشمل هذه المجموعة كلًا من "حماس" و"حزب الله" في لبنان والحوثيين في اليمن ونظام "بشار الأسد" في سوريا، وأجزاءً من قوات "الحشد الشعبي" في العراق. وبالاعتماد على تقنيات متقدمة، نفذت "إسرائيل" استراتيجية "الحرب الشاملة" التي دمرت وأفرغت أحياء ومدن في غزة ولبنان.

ورغم أن الحملة "الإسرائيلية" أضعفت شبكة التحالفات الإيرانية في المنطقة بشكل كبير، لكنها لم تقضِ عليها بالكامل، حتى إن الانهيار المفاجئ لنظام "الأسد" أواخر عام 2024 لم ينهِ المحور، الذي أثبت أنه أكثر مرونة مما يعترف به عديد من المراقبين الغربيين. وتعود هذه المرونة إلى قدرة المحور على التكيف واستخدام شبكاته الإقليمية الواسعة؛ فقد تمكنت إيران من استخدام هذه الشبكات للتكيّف مع الصدمات، بما في ذلك تلك المرتبطة بالسياق الذي أعقب السابع من أكتوبر. لكن إضعاف "حزب الله" في لبنان وفقدان حليفها في سوريا دفع طهران إلى الاعتماد على أعضاء آخرين في المحور، مثل "الحشد الشعبي" في العراق والحوثيين في اليمن؛ حيث بدأت هاتان المجموعتان بالتعاون الوثيق لتعزيز سلاسل الإمداد والتخفيف من خسائر المحور في الساحات الأخرى.

قدرة المحور على التكيف داخل بيئته

ليس المحور مجرد مجموعة من الجماعات المسلحة أو الجهات غير الحكومية؛ فشبكاته السياسية والاقتصادية والعسكرية والأيديولوجية متأصلة بعمق في الدول والأقاليم التي ينشط فيها، وتتجاوز حدود الدول لتصل إلى الساحات الإقليمية وحتى العالمية. فعلى سبيل المثال، تمتد سلاسل إمداد إيران العسكرية إلى روسيا (التي وقعت شراكة أمنية جديدة مع إيران في كانون الثاني/ يناير 2025)، بينما تمتد سلاسل الإمداد الاقتصادية إلى الصين، التي أصبحت السوق الرئيسي للنفط والغاز الإيرانيين الخاضعين للعقوبات.

على الصعيد الدولي، يتحول النظام العالمي بعيدًا عن القطبية الأحادية الأمريكية نحو نظام متعدد المحاور يتميز بعلاقات مرنة وغير مستقرة؛ وفي هذا السياق لا تلتزم الدول بمجموعة واحدة من الحلفاء، بل تعمل بطريقة انتقائية تعتمد على المصالح والمواقف. وقد سمحت هذه الديناميكية لإيران بالعمل ليس فقط مع حلفائها التقليديين، لكن أيضًا مع دول كانت تعتبر خصومًا تقليديين، مثل دول الخليج العربي، التي أصبحت الآن تتفاعل مع إيران عبر تحريك التدفقات المالية والطاقة.

على المستوى المحلي لمكونات المحور، أظهر انهيار نظام "الأسد" في كانون الأول/ ديسمبر 2024 أهمية الحفاظ على الشرعية المحلية والارتباط العابر للحدود؛ حيث فقد "الأسد" شرعيته بين السوريين بعد أن اعتمد بشدة على القمع العنيف، ما أدى إلى تآكل سلطته الاجتماعية، وبحلول أواخر 2024 لم يكن بإمكان إيران أو حلفاء "الأسد" الخارجيين الدفاع عنه.

أما على مستوى العلاقات مع الغرب، فقد فشلت أدوات السياسة الغربية، مثل الضربات العسكرية والاغتيالات والعقوبات الاقتصادية، في تفكيك الشبكات الاقتصادية التي يعتمد عليها المحور، بسبب عدم وضوح الخطوط المؤسسية والجغرافية. كما أثرت العقوبات بشكل كبير على السكان المحليين، بينما كان لدى النخب القدرة على التكيف، وبالتالي تحمّل المواطنون عبئًا مضاعفًا لتأثير الاقتصادات العابرة للحدود، وأضرار السياسات الغربية.

وإن كان من توصيات سياسية في هذا الإطار، فيجب على صانعي السياسات الأمريكيين والبريطانيين وأمثالهم اتباع استراتيجية طويلة الأجل تعتمد على ثلاث خطوات:

1.     رسم خريطة النظام بأكمله؛ لفهم التفاعل المعقد بين الجهات الحكومية وغير الحكومية والحلفاء والخصوم.

2.     الانخراط مع الوسطاء، والعمل معهم داخل الشبكة العابرة للحدود لتعزيز الحوار مع إيران وحلفائها.

3.     التركيز على المساءلة، ووضع آليات لمحاسبة المحور وتأثيراته السلبية على الجماهير.

كيف يواجه المحور تحدي سلطة بلدان تواجده

رغم أن محور المقاومة يملك القدرة على التكيف مع الصدمات الخارجية، لكن سكان الدول التي ينتشر فيها واجهوا معاناةً كبيرة؛ حيث يوضح سقوط نظام "الأسد" أن الضغط الأكبر على إيران وحلفائها يأتي من الجمهور. وبينما أظهرت إيران وشبكاتها تاريخيًا قدرة ملحوظة على الصمود في وجه النكسات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، فقد عانى سكان تلك البلدان التي تعمل فيها؛ حيث أضرت العقوبات وغيرها من التدخلات السياسية الخارجية باقتصادات تلك الدول المتعثرة أصلًا، وبقدرتها على توفير مستوى معيشي أساسي للمواطنين، بينما ركزت التغييرات العابرة للحدود (التي تبناها أعضاء المحور للتغلب على الصدمات التي لحقت ببيئتهم) في المقام الأول على قدرة نخب المحور على البقاء. كما أدى سوء الإدارة إلى احتجاجات حاشدة في جميع البلدان التي سعى فيها أعضاء المحور للسلطة العامة، بما في ذلك في إيران (عامي 2009 و2023)، وسوريا (عام 2011)، والعراق ولبنان (عام 2019). وقد أظهر سقوط نظام "الأسد" في سوريا أن أكبر تهديد للمحور والجماعات المكونة له هو خيبة الأمل بين قواعدهم الاجتماعية في كل بلد.

فعلى سبيل المثال، أفادت التقارير بأن التدفقات المالية غير المشروعة من لبنان إلى سوريا، ردًا على العقوبات الدولية، أثرت على الاقتصاد اللبناني وقيمة الليرة اللبنانية؛ ففي عام 2022 أفاد البنك المركزي اللبناني بأن تهريب الدولار الأمريكي، خصوصًا إلى سوريا، كان عاملًا رئيسيًا في انخفاض قيمة العملة اللبنانية، وتسبب الطلب المتزايد على الدولار في لبنان في "ارتفاع حاد" في سعر الصرف. وأدى هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية، بجانب عوامل أخرى، إلى ارتفاع حاد في تكلفة المعيشة في لبنان، بما في ذلك زيادة مذهلة في أسعار المواد الغذائية (بنسبة 483% على أساس سنوي)، من كانون الثاني/ يناير 2021 إلى الشهر ذاته عام 2022.

كما تحمل الشعب العراقي وطأة اقتصاد المحور المتماسك؛ حيث ارتفعت معدلات التضخم المحلية مع إرسال قوات "الحشد الشعبي" كميات كبيرة من الدولارات إلى حلفائها في جميع أنحاء المنطقة، وفرضت الولايات المتحدة قيودًا أكثر صرامة على البنوك المشاركة في هذه التجارة. وكما حدث في لبنان، أدى الطلب على الدولار إلى ارتفاع سعر صرف الأخير مقابل الدينار العراقي، وأدى هذا التفاوت في السعر إلى زيادة كبيرة في تكلفة العديد من السلع المستوردة، بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية، ما أثر بشدة على حياة العراقيين اليومية.

كيف تبني جماعات المحور قوتها الاجتماعية وتحافظ عليها

كان على إيران وأعضاء المحور استعادة سلطتهم المحلية والحفاظ عليها؛ ليس فقط من خلال الإكراه بل أيضًا من خلال استخدام أشكال أيديولوجية واقتصادية من القوة الاجتماعية. وقد سخّروا مبادئ أيديولوجية تتراوح بين القومية العرقية ومناهضة الإمبريالية لقمع المعارضة؛ فعلى المستوى الاقتصادي استغلوا نفوذهم على الدولة لدعم مجتمعاتهم من خلال العمل كبديل عن الدولة. وفي ظل غياب الدولة وضعف دورها الفاعل، كانت الجماعات المتحالفة مع إيران تؤدي وظائف عادةً ما تقوم بها الحكومة، لاستعادة بعض الشرعية بين قاعدتها الداعمة، وأصبح الحفاظ على القوة المحلية عنصرًا حاسمًا في قدرة المحور على التكيف مع الصدمات الخارجية.

ومن الأمثلة على ذلك استخدام "حزب الله" جمعية تابعة له (جمعية القرض الحسن) كنظام مصرفي بديل. وبفضل ترخيصها من وزارة الداخلية اللبنانية كمنظمة خيرية لا مصرفًا تجاريًا، مكّنت الجمعية "حزب الله" من تقديم قروض صغيرة بدون فوائد لسكان لبنان المتعثرين، في ظل انهيار القطاع المصرفي الرسمي في البلاد. وبصفتها خارج النظام المصرفي اللبناني التقليدي، أصبحت المصارف الفعلية، مثل "القرض الحسن"، أدوات حيوية للحزب لتعزيز دعمه. ورغم العقوبات الأمريكية التي زعمت أن هذه الكيانات سهّلت الأنشطة المالية للحزب، كان الاستخدام الرئيسي لهذا النظام للمساعدة على استعادة السلطة الاقتصادية للحزب بين الطائفة الشيعية في لبنان.

إلى جانب الأنظمة المصرفية المؤقتة التي يستخدمها "حزب الله"، فإن إلغاء الدعم الحكومي للأدوية قد جعل الوصول إلى هذه المواد أصعب على من هم في أمس الحاجة إليها، لكن الحزب قدم مثل هذه الخدمات لقاعدته الاجتماعية. وفي معرض تسليطه الضوء على التفاوت في إمكانية الوصول إلى الخدمات بين المجتمعات، قال أحد كوادر الحزب: "إذا احتاج شخص من حزب الله أو أمل للذهاب إلى المستشفى، فلن يتعين عليه دفع أي شيء؛ ستتولى حركته جميع النفقات". وقد تردد صدى هذا الشعور في جميع أنحاء لبنان؛ حيث أدت التسوية السياسية لتقاسم السلطة في البلاد إلى لجوء المواطنين إلى الأحزاب السياسية في مجتمعهم، بدلًا من الحكومة، كلما احتاجوا إلى القيام بشيء ما.

وأكد كثير من الأفراد أنهم لجؤوا إلى الأحزاب السياسية، بما فيها "حزب الله"، بدلًا من المؤسسات الحكومية عندما واجهوا مشكلة تتطلب تدخل الدولة أو تنظيمها؛ فعندما سُئل أحدهم هذا السؤال، قال: "لن نكذب على بعضنا، سأذهب إلى أفضل شخص وأحاول الوصول إليه، لأنهم سيخدمونك أكثر من النائب... كل قرية واضح أي حزب سياسي تنتمي إليه".

وترددت أصداء مشاعر مماثلة في الأنبار والبصرة بالعراق؛ حيث سعت جماعات مختلفة مرتبطة بقوات "الحشد الشعبي" إلى فرض سلطتها العامة؛ ففي مدينة القائم الحدودية في الأنبار التي يسيطر فيها أعضاء الشبكة التي تقودها إيران على تجارة النقد والطاقة وغيرها من السلع عبر الحدود إلى سوريا وبلاد الشام، كشفت مناقشات مع الأفراد أن الجمهور تأثر سلبًا بسلاسل التوريد الاقتصادية هذه. ومع ذلك، لجأ الجمهور إلى نفس الجماعات وإلى نخب أخرى، بدلًا من الحكومة الرسمية، لإيجاد آليات للتكيف الاقتصادي أو لحل المشكلات البيروقراطية. وفي بحثه عن فرصة اقتصادية، قال أحد المشاركين: "في إحدى المرات، أراد صديق استئجار متجر، فاضطر للذهاب إلى حزب سياسي للحصول على موافقة لأنه يسيطر على تلك المدينة الحدودية".

تململ شعبي من جماعات المحور

في الختام، كان على الشبكات المرتبطة بمحور المقاومة، أثناء سيطرتها على الأراضي، أن تُرسي سلطتها على السكان الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بينما عانى هؤلاء من التدخلات الدولية كالعقوبات والممارسات الاقتصادية لأعضاء الشبكة. وقد سعت جماعات المحور إلى إدارة الضغوط الداخلية من قواعدها الاجتماعية، مستخدمةً مزيجًا من الإكراه والأيديولوجيا والاستراتيجيات الاقتصادية لملء الفراغ الذي خلّفته الحكومات الرسمية الضعيفة في بلدانها.

ومع ذلك، طالب المواطنون العاديون بمزيد من المساءلة، ما أدى لاحتجاجات وتراجع شرعية المحور في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، احتج العديد من العراقيين الشيعة على النفوذ الإيراني منذ عام 2015 على الأقل، بينما ردد الشيعة اللبنانيون شعار "كلن يعني كلن" خلال انتفاضات عام 2019. وإلى جانب الاحتجاجات، سعى المجتمع المدني باستمرار إلى محاسبة إيران والجماعات التابعة لها على حكمهم. وكانت هذه الدعوة إلى حوكمة أفضل عابرة للحدود الوطنية؛ إذ وحّدت شعوب العراق ولبنان، حيث تضامن المجتمع المدني ضد إيران وجماعات المحور، التي واجهت آنذاك تحدياتٍ لشرعيتها. ويمكن لمثل هذا الضغط الشعبي، إذا استُخدم استراتيجيًا، أن يكون بمثابة رافعةٍ حاسمةٍ لإجبار جماعات المحور على اتباع سلوكٍ أفضل في المستقبل، على عكس الإجراءات التنازلية التي اتبعها صانعو السياسات الغربيون حتى الآن.