تحديات معقّدة أمام الحكومة الجديدة في ظل تنفيذ مجتزأ لاتفاق الرياض
في أجواء مثّل فيها فوز "بايدن" في انتخابات الرئاسة الأميركية عاملًا حاسمًا في الدفع نحو تشكيل الحكومة اليمنية، والقفز على بنود اتفاق الرياض وآليته التنفيذية، خاصة ما يتعلق بالشق الأمني والعسكري، تبدو فرص الحكومة الجديدة ضئيلة لجهة تطبيع الحياة وإعادة الأمن وبناء مؤسسات الدولة. وعلى المدى المنظور، لن تتمكن الحكومة من تحقيق اختراق جوهري في أي من الملفات محل الخلاف بينها وبين المجلس الانتقالي، وعلى رأسها تنفيذ بقية الانسحابات التي نصت عليها اتفاقية الرياض.
وفي حين تسعى السعودية لاستباق أي تحرك أمريكي يقوّض من نشاطها وإدارتها للملف اليمني، من خلال محاولة إنهاء الانقسامات داخل صف "الشرعية" وإتاحة المجال للحكومة لتمارس مهامها من داخل اليمن، ستتجه الإمارات لتعقيد المشهد اليمني أكثر، والدفع بأدواتها الممثلة بالمجلس الانتقالي والأحزمة الأمنية للعمل على إفشال أي تحرك من شأنه أن يزيد من نفوذ الحكومة في مدينة عدن على حساب قوى الانفصال التي تدعمها وتسند تحركاتها. كما ستدفع أبو ظبي التي تتخوف من إضعاف دورها في اليمن خاصة عقب المصالحة السعودية القطرية، باتجاه إعاقة تنفيذ بنود الاتفاق لتضمن بقاء أدواتها على الأرض متماسكة وقوية.
من ناحية أخرى، ستسعى المملكة الى مزيد من الإجراءات للاستحواذ على إدارة ميناء "نشطون" في محافظة المهرة، ولن تقتصر في تحقيق ذلك على أدواتها الخشنة فحسب، بل ستتجه، مستفيدةً من النموذج الإماراتي في عدن، إلى الدعم المحلي في المحافظة من خلال تشييد المشاريع الخدمية إضافة إلى استقطاب شريحة واسعة من الكتلة الصلبة لقبائل المحافظة.
معادلة حوثية مستمرة بين الهجوم والاستعداد للحوار
ستكون جماعة الحوثي أكثر حرصًا على استغلال أي فرصة للحوار أو التهدئة لترميم جبهتها الداخلية التي تهالكت بسبب خلافاتها الداخلية والتصفيات والمعارك التي استهلكت عدداً كبيراً من قياداتها العسكرية. في المقابل، لن توقف الجماعة معاركها الدائرة مع "الشرعية"، وستوسّع من دائرتها في أغلب الجبهات إذا ما تم تحديد موعد جديد لعقد مفاوضات بين الطرفين، كوسيلة ضغط درجت عليها ضمن سياسة ثابتة خلال سنوات الصراع.
كما ستتجه الجماعة نحو تطوير قدراتها العسكرية خاصة البحرية وبدعم مباشر من طهران، ولن يُثنيها قرار الولايات المتحدة بتصنيفها جماعة "إرهابية" عن مواصلة تهديد الملاحة الدولية، حيث ترى إيران في جماعة الحوثي إحدى أوراق التأثير لرفع العقوبات عنها، وإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق المتعلق بملفها النووي المبرم عام 2015. في المقابل، ستحافظ الجماعة على اتصالاتها المباشرة وغير المباشرة مع السعودية، مدرِكةً حاجة المملكة للتوصل لاتفاق يضمن لها الخروج من مستنقع الحرب التي استنزفتها بشكل كبير دون تحقيق أهدافها.