استنفار رسمي وفصائلي مواكب للانتخابات الفلسطينية
ستسيطر أجندة الانتخابات البرلمانية الفلسطينية على المشهد السياسي خلال الأشهر المقبلة، وستفتح الباب واسعاً أمام حراكٍ فصائلي لترتيب شكل التحالفات والمنافسة الانتخابية، وستتجه الأنظار نحو إمكانية تشكيل قائمة مشتركة بين حركتي حماس وفتح، وموقف التيارات المتصارعة داخل فتح، لا سيما دور محمد دحلان ومروان البرغوثي، إذ أن تشكيلهما لقائمة موحدة سُيحدث إرباكاً كبيراً داخل فتح. وعلى الرغم من ذلك كله، لا يمكن استبعاد إمكانية تأجيل الانتخابات مرةً أخرى، لا سيما في حال لم تنجح مشاورات القاهرة المرتقبة بين حركتي حماس وفتح.
من جانبه، سيواصل رئيس السلطة، محمود عباس، مساعيه الحثيثة لإعادة هيكلة بنى السلطة وتوسيع نفوذ الموالين له داخل حركة "فتح"، بما سيقود لاستبعاد أكبر للفئات المحايدة والتكنوقراط في إدارات السلطة ومؤسسات المنظمة، في حين من المتوقع أن تشمل التغييرات الأجهزة الأمنية من خلال تعيين نواب لقادة الأجهزة. من جهتها، ستعمل أجهزة أمن السلطة على تعزيز الوضع الأمني في الضفة الغربية، بالتوازي مع تصاعد الخلافات الداخلية في حركة "فتح" وتوجّه "دحلان" لزيادة نفوذه المالي والسياسي في المناطق الأمنية الرخوة، وعمله المستمر على استقطاب الفئات المهمشة داخل فتح ومنظمة التحرير. إضافة للمشاكل العشائرية وشكوك في قدرة السلطة على ضبط الحالة الأمنية في المخيمات.
انعطافة سياسية وأمنية للسلطة لا تخلو من تحديات سياسية واقتصادية
سيقود مجيء الرئيس الأمريكي "بايدن" لتحولاتٍ ذات تأثير مهم على مجمل المشهد الفلسطيني، بحيث ستُكمل قيادة السلطة الفلسطينية انعطافتها السياسية والأمنية، لناحية تعزيز قنوات التنسيق الأمني مع الاحتلال "الإسرائيلي" وتكثيف الجهود الدبلوماسية مع دول الإقليم لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال وفق "صيغة ميونخ"، وهو ما سيقود لتحسين علاقة السلطة بكلٍ من مصر والأردن. في حين سيبذل رئيس السلطة "عباس" جهده لتحسين العلاقة مع السعودية مع الحفاظ على العلاقة بتركيا وقطر. لكن ستبقى فرص حدوث تطور سياسي في ملف المفاوضات منخفضة للغاية لعدم استعداد الاحتلال "الإسرائيلي" للدخول في آتون هذه المسارات خلال الفترة المقبلة، حيث يبدو الاحتلال أكثر استعداداً لتوسيع تفاهماته الإقليمية بعيداً عن ربطها بالملف الفلسطيني.
وعلى الرغم من تلقي السلطة لأموال المقاصة، إلا أنه من المستبعد حصول انتعاشة حقيقية للاقتصاد الفلسطيني خلال الربع الأول من العام الحالي، خاصة في ظل توقع استمرار العمل بإجراءات تقييد الحركة جزئياً وعدم القدرة على توفير لقاحات بصورة واسعة للمواطنين الفلسطينيين. في المقابل، من المتوقع أن تستأنف الولايات المتحدة دعمها المحدود للسلطة والمنظمات الإغاثية، بالإضافة لعودة بعض الدول الخليجية لتقديم المساعدات بعد التراجع في حجم الدعم الذي طرأ خلال الأشهر الأخيرة من فترة "ترامب". في حين سيواجه قطاع غزة مزيداً من التحديات لا سيما في ظل محاولة الاحتلال استثمار الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بفعل انتشار فيروس كورونا، لناحية الضغط على حركة حماس لتقديم تنازلات في ملف الجنود الأسرى.