إعادة تموضع سياسي نشط مع قدوم "بايدن" وانفكاك عن دائرة الضغط الخليجي
ستتنفس المملكة الصعداء وتتحلل من كثير من الضغوط التي أثقلت حضورها ودورها السياسي على الصعيد الإقليمي خلال الربع الأول من العام الجاري، مع قدوم الرئيس الأمريكي الجديد، وتوقيع الدول الخليجية على المصالحة. وسيكون صانع القرار بعد المصالحة الخليجية بحالة انفكاك أكثر عن مركز الضغط السعودي والإماراتي، وسيأمل، من خلال إنعاش دوره بالمنطقة مجدداً، أن يتمكن من الافلات من ضغوط الابتزاز السياسي مقابل المال.
كما ستكون المملكة بحالة استقرار وهدوء نسبي بعد فترة كانت فيها مجبرة على التعامل مع بيئة مقلقة، ضمن تداعيات حالة الشد الأمريكي الإيراني وإرهاصات الإشتباك والحرب، والتي بدأت بالبرود والهدوء مع رحيل "ترامب". في المقابل، ستترقب عمّان طاقم الخارجية الأمريكية الجديد وتوجهاتها بالمنطقة، لتحديد بوصلة سياستها وتعاطيها مع ملفات شائكة مثل تركيا وسوريا وأزمة شرق المتوسط.
أما على صعيد المسار الفلسطيني، فسيشهد حراكاً أردنياً نشطاً في الشهور المقبلة، سواءً في مواكبة تحضيرات الانتخابات الفلسطينية التي سيكون للمملكة تخوّفاتها الأمنية والسياسية من نتائجها، أو لإحياء مسار حل الدولتين الذي من المتوقع أن يحظى بدعم الإدارة الجديدة للبيت الأبيض، وضمن مسعى سيكون بعيدًا عمّا يُفكر فيه المحور الإماراتي الإسرائيلي، فعمّان التي كسبت رهانها بفوز "بايدن" تأمل أن تكتمل الدائرة بخسارة "نتنياهو" أيضًا.
تأزم بملف الحريات والعلاقة مع المعارضة وفتيل اقتصادي مشتعل
سيبقى التحدي الداخلي ماثلاً أمام صانع القرار في مواجهة تداعيات الحالة الاقتصادية الضاغطة والمستمرة، والتي تزامنت مع تفشي جائحة كورونا، وسط توقعات أن يشهد الربع القادم من العام مزيدًا من الاحتقان والتدهور الاقتصادي ومخاوف من تظاهرات واحتجاجات بالشارع مع أولى أيام رفع مفاعيل "قانون الدفاع". وسيواجه صانع القرار تشكيكًا مستمرًا بشرعية البرلمان بعد تسجيل نسبة تصويت ضعيفة، واستمرار إشراف التيار المحافظ المدعوم من الملك على هندسة تشكيلته ومخرجاته وضبط إيقاعه.
وستبقى حالة الحريات في تراجع مستمر خلال الربع القادم من العام، وسيستمر تيار الملك المحافظ بسياسة الإقصاء والتفرد، وستشهد الساحة الداخلية حالات اشتباك سياسي مرتفع وربما يتطور لحالة حراك على الأرض مع الحركة الإسلامية التي وضعت شرعيتها القانونية على المحك، وكذا نقابة المعلمين المهددة بالحل وبعض المفاعيل الحراكية. في حين من المتوقع، على المدى المتوسط، أن تتراجع درجات الإقصاء والضغط بملف التعامل مع المعارضة مع بدء تفرغ والتفات إدارة الرئيس "بايدن" للملفات الخارجية ومنطقة الشرق الأوسط، وتحرك عجلات المصالحة الخليجية، والتي يُتوقع لها أن تُسهم في خفض منسوب المواجهة مع الإسلاميين في عموم المنطقة.