لا حكومة قريبًا بانتظار جلاء المتغيّرات الاقليمية وفريق السلطة يواصل "تجويف الطائف"
لن تشهد الفترة المقبلة ولادة قريبة على الأغلب للحكومة العتيدة، حيث من المرجّح استمرار فترة "تصريف الأعمال" والتكليف، ترقبًا لمآل مسار الاتفاق النووي الأميركي-الإيراني وانعكاساته على "حزب الله" ودوره الإقليمي، في ظل إدراك الأطراف اللبنانية الأهمية الاستثنائية لتشكيل الحكومة، التي ستكون مشرفة على الاستحقاقات الدستورية لعام 2022 (الانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية)، بالتزامن مع ملفات حيوية أخرى بدءًا من ترسيم الحدود في الجنوب ومع سوريا، مرورًا بملفات صواريخ حزب الله الدقيقة، وانتهاءً بضبط المعابر ومراقبة المرفأ والمطار.
وسيتجه فريق السلطة إلى التشدّد والتصلّب بشكل أكبر في الملفات الداخلية، والإمساك بمفاصل الدولة الأمنية والإدارية، وسيُمارس، بالأخص فريق الرئيس "عون"، مزيدًا من الإمعان في تجويف "اتفاق الطائف" تحت شعار "استرداد صلاحيات المسيحيين"، إلى جانب فتح معارك قضائية وقانونية تحت ستار مكافحة الفساد وهو ما سيرفع في المقابل من حدة الاشتباك السياسي والإعلامي مع الأطراف السياسية.
وبينما ستستمر دول الخليج خلال الربع القادم في النأي بنفسها عن الأوضاع الداخلية، فلن يطرأ كذلك أي تغييرات في سياسة واشنطن تجاه دعم الجيش اللبناني مع استمرار مسار العقوبات، وإن بوتيرة أقل، دون أن يكون من المستبعد قيام "إسرائيل" بأعمال أمنية تجاه "حزب الله".
تآكل متزايد في الوضع الاقتصادي ومواصلة سياسة الدعم تؤجل الانفجار الاجتماعي
سيستمرّ تآكل الوضع الاقتصادي والاجتماعي لكن دون الوصول إلى قاع الانهيار، في ظل قرار دولي بمنع الانهيار الكبير والكامل عبر ضخ جرعات مالية من بوابة المساعدات الإنسانية سواءً لضحايا انفجار بيروت أو العائلات الأكثر فقرًا. وبالتوازي مع ذلك، سيواصل مصرف لبنان سياسة دعم المواد الأساسية في ظل قرار حكومة تصريف الأعمال رفضها رفع الدعم، وإعلان المصرف توفر نحو 2 مليار دولار مما سيكفي لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه لعدة أشهر، ويقلل من ارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير.
في غضون ذلك، وبرغم سياسة الدعم، إلا أن الشارع قد يشهد احتجاجات ستبقى "محدودة" وتحت نطاق السيطرة، فيما سيؤدي ارتفاع الدين العام وزيادة الانكماش في معدلات النمو، لتزايد معدلات الفقر والبطالة، الأمر الذي سينعكس زيادة في معدلات الهجرة، وسيسهم في تنامي تفلّت الأمن الاجتماعي وتصاعد معدلات الجرائم، توازيًا مع ارتفاع الأصوات المطالبة بـ"الأمن الذاتي".