دبلوماسية خارجية ناعمة لمحاصرة الأزمة الاقتصادية واختبار للعلاقة مع "بايدن"
ضمن سياق سياسة دبلوماسية جديدة انتهجتها الحكومة التركية، ستواصل أنقرة خلال الربع القادم إعادة ترتيب علاقاتها الخارجية، دون أن يعني ذلك تنازلاً عن حضورها في ملفاتها الأساسية في المنطقة، بل ستسعى من خلال جهودها الدبلوماسية لتحقيق حالة من الهدوء وإتاحة الفرصة أمام الاقتصاد التركي للاستقرار والتحسن في ظل ما يعانيه من أوضاع صعبة، والاستعداد للتعامل مع الرئيس الأمريكي الجديد القادم إلى البيت الأبيض.
وعلى الرغم من القيود الثقيلة في العلاقة التركية الأمريكية، سواءً تلك المتعلقة بنظام اس 400، أو مواقف "بايدن" تجاه الأكراد ونزاع شرق المتوسط، فإن أنقرة ستعمل جاهدة لاحتواء أي صدام محتمل، وتعظيم المصالح المشتركة مع واشنطن، بما فيها مسألة التقارب مع "إسرائيل"، التي تأمل من خلالها تركيا الحد من التحرك المعادي لها في الكونغرس، وكسر حالة العزلة التي تعاني منها في مسألة تقسيم المياه الاقتصادية شرقي المتوسط وتفتيت الجبهة المناوئة لها. ولكنها ستبقى جهوداً مشكوكاً في مدى تقدمها لإدراك أطرافها مسبقاً طبيعة التحرك التكتيكي والمؤقت لها.
وفي ملف العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، ستذهب أنقرة للتهدئة وفتح الطريق أمام الحوار. وعلى وقع المصالحة الخليجية، والمؤشرات الكبيرة التي ظهرت على وجود مساع لتقارب تركي سعودي، ستحرص أنقرة على تعزيز هذا المسار، كما من المتوقع أن تُسفر إعادة تموضع نقاط المراقبة التركية في الشمال السوري، إلى تقليل فرص حصول مواجهات عسكرية كبيرة.
تحديات سياسية ومجتمعية في ظل صعوبات اقتصادية
يتجه "أردوغان" للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية وقضائية، بالتزامن مع استكمال الانتخابات الداخلية لـ"حزب العدالة والتنمية" في المدن، تمهيداً للانتقال إلى عقد المؤتمر العام وضخ دماء جديدة في صفوف الهيئة القيادية، تلبيةً لتطلعات المرحلة المقبلة في إطار الاستعداد للانتخابات المفصلية المقررة عام 2023، ولقطع الطريق على الأحزاب التي خرجت من رحم العدالة. من جهتها، المعارضة نهجها في مهاجمة سياسة الحكومة، وتكرار دعواتها لعقد انتخابات مبكرة، والتي من غير المتوقع تحققها، على الأقل في الربع القادم من العام.
اقتصاديًا، ستتواصل ارتدادات جائحة كورونا على الاقتصاد التركي خلال الربع الأول من العام الجاري، وستعمل الحكومة على تكثيف إجراءاتها لمكافحة الفايروس قبل نهاية الربيع بالتزامن مع مواصلة توزيع اللقاح، استعداداً لموسم السياحة الذي يساهم بشكل كبير في تحريك العجلة الاقتصادية. في حين ستتوقف قدرة البنك المركزي في كسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، على مدى نجاعة سياساته المالية والحد من أزمة ميزان المدفوعات، في ظل تراجع حاد في احتياطات العملة الأجنبية ومتطلبات التمويل الخارجي البالغة 182 مليار دولار في العام 2021.