الحدث:
انتهت في الـ21 من كانون الأول/ يناير زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى العاصمة الروسية موسكو والتي استمرت لمدة يومين، وتضمنت اجتماعًا مطولًا استمر ثلاث ساعات بين "رئيسي" ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين. وتطرق الاجتماع إلى قضايا ذات طابع استراتيجي؛ أمني وعسكري وتجاري، من بينها محادثات حول صفقة محتملة لشراء معدات عسكرية روسية بقيمة 10 مليارات دولار، تشمل مقاتلات حربية ومنظومة الدفاع الجوي "إس-400". كما تطرق الاجتماع إلى المستجدات في أفغانستان في ظل سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة مؤخرًا، وتطورات الأوضاع في سوريا.
الرأي:
تعتبر زيارة "رئيسي" إلى موسكو أول زيارة خارجية له والأولى لرئيس إيراني إلى روسيا منذ عام 2017، في حين يأتي الحديث عن رغبة إيران في شراء أسلحة روسية في ظل رفع الأمم المتحدة، في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، للحظر الدولي على شراء إيران لأسلحة تقليدية، وكذلك رغبة طهران في تحديث بعض جوانب منظومتها الدفاعية التي عطلتها العقوبات المتلاحقة. كما تأتي الزيارة في ظل تصاعد التهديدات التي تتعرض لها إيران من عدة جهات في مقدمتها عمليات "إسرائيل" الأمنية المستمرة.
في هذا الإطار، يُرجح أن تدفع طهران تكلفة الصفقة في حال إتمامها عبر المقايضة باستخدام السلع الإيرانية، أو من خلال قرض روسي يُسدد على فترة طويلة، وذلك في ظل تواصل تجميد الأموال الإيرانية بالخارج. لكن لا تبدو موسكو متحمسة لبيع أسلحة متطورة إلى إيران، نظرًا لرغبتها في تجنب إضافة مزيد من التوتر لعلاقاتها مع الغرب، أو إزعاج "إسرائيل" التي ستعتبر نفسها المستهدف الأول بتلك الأسلحة.
من جهة أخرى، تتداخل العلاقات الأمنية بين الجانبين الروسي والإيراني في عدة ملفات من أبرزها سوريا، خصوصًا طلب تل أبيب من روسيا تحجيم الوجود الإيراني، والذي بات واضحًا أنه محل تفاهم روسي "إسرائيلي"، خاصةً مع تجنب منظومات الدفاع الصاروخي الروسية التصدي للغارات "الإسرائيلية" المتواصلة على بنية تحتية عسكرية إيرانية في سوريا، كان آخرها في ميناء اللاذقية قرب قاعدة حميميم الروسية، وهو ما يتطلب مناقشة القضايا الأمنية العالقة بين روسين وإيران في سوريا عبر شخصيات رفيعة المستوى.
كما جاءت زيارة "رئيسي" إلى موسكو تزامنًا أيضًا مع بدء النسخة الثالثة من مناورات "الحزام الأمني البحري" في الـ22 من الشهر الجاري، بين قوات إيرانية وروسية وصينية شمال المحيط الهندي، وهي المناورات التي انطلقت لأول مرة عام 2019 بهدف تعزيز العلاقات العسكرية البحرية بين الدول الثلاثة، والتصدي لعمليات القرصنة البحرية وبالأخص في باب المندب والمحيط الهندي. ويأتي ذلك في ظل انفتاح طهران على موسكو وبكين بصورة استراتيجية، تعزز من التقدير بأن محورًا معاديًا للغرب في طريقه لتطوير آليات تعاونه.
في السياق أيضًا، يمثل الملف الأفغاني كذلك قضية ذات اهتمام مشترك بين البلدين، على خلفية تخوفهما من تحول الأراضي الأفغانية إلى قواعد خلفية لجماعات مسلحة تستهدف البلدين، مثل الجماعات البلوشية فيما يخص إيران، والجماعات الإسلامية من آسيا الوسطى والقوقاز التي ترى موسكو أنها تمثل تهديدًا مباشرًا لمصالحها بالمنطقة.