الحدث
أغلقت تركيا مجالها الجوي في وجه الطائرات المدنية والعسكرية الروسية المتجهة إلى سوريا لمدة ثلاثة أشهر، بحسب ما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو. وقال "أوغلو" إنه نقل القرار إلى نظيره الروسي "سيرجي لافروف"، الذي نقله بعد ذلك إلى الرئيس "فلاديمير بوتين". وأضاف: "بعد يوم أو يومين، قالوا: أصدر بوتين أمرًا، ولن نطير بعد الآن".
الرأي
تعتبر هذه هي المرة الثانية التي تُقيّد فيها تركيا مرور الأصول التابعة لروسيا عبر مناطق سيادتها منذ بدء الحرب. حيث سبق أن صنّفت الغزو الروسي لأوكرانيا باعتباره "حالة حرب"، ومن ثم قيّدت مرور السفن الحربية في مضيق البوسفور طبقا لبنود معاهدة منترو.
ويستهدف القرار التركي رحلات نقل مقاتلين من سوريا إلى جبهات القتال في أوكرانيا، وربما أي إمدادات لوجيسيتة أخرى محتملة يتم نقلها من القاعدة الروسية في سوريا إلى أوكرانيا، خاصة بعد تقييد أنقرة مرور السفن الحربية الروسية، حيث كشف وزير الخارجية التركي عن حركة عبور كانت مبرمجة لأربع سفن حربية روسية من مضيق البوسفور، لكنّ أنقرة طلبت إلغائها بعد إندلاع الحرب، واستجابت موسكو ضمن اتفاقية منترو.
ورغم أن قرار إغلاق المجال الجوي يمثل موقفا هو الأكثر حدة منذ بدء حرب أوكرانيا، لكنّه في العموم مازال لا يمثل تحولا نوعيا في الموقف التركي المتوازن تجاه الحرب. فرغم الإدانة التركية للحرب، ودعم أنقرة اللوجيستي لأوكرانيا والتعاون العسكري العميق خاصة في مجال الطائرات بدون طيار، إلا أنها مازالت حريصة على عدم كسب عداء روسيا من خلال رفض العقوبات الغربية القاسية. كما تسعى لممارسة وساطة بين الجانبين الروسي والأوكراني.
وتسعى تركيا لتجنب إنهيار التفاهمات الأمنية التركية الروسية في شمال سوريا، مما قد ينتج عنه تجدد التهديدات الأمنية خاصة نشاط المجموعات المسلحة الكردية وسعيها إلى فرض منطقة حكم ذاتي على الحدود السورية التركية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنهيار الاستقرار الأمني في المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال السوري، قد يجدد مخاطر موجات اللجوء من شمال سوريا إلى الأراضي التركية، وهو ما يمثل هاجسا لحكومة الرئيس "رجب طيب أردوغان" التي تسعى لتهدئة الاحتقان المحلي المرتبط بزيادة غضب الشارع التركي تجاه تفاقم الضغوط الاقتصادية خاصة معدل التضخم، والذي تربطه المعارضة بصورة واسعة باستضافة العديد من الجاليات الأجنبية العربية، بهدف زيادة التعبئة ضد الحكومة.