الحدث:
احتضنت العاصمة الروسية موسكو للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، لقاء على مستوى وزيري الدفاع ومديري الاستخبارات من الجانبين التركي والسوري. وجرى الترتيب للقاء من قبل المسؤولين الروس وبحضور وزير الدفاع الروسي، ولم يُعلَن عنه إلا عقب انتهائه. وبحسب بيان وزارة الدفاع التركية، فقد ناقش الاجتماع الثلاثي الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين والمكافحة المشتركة للتنظيمات الإرهابية في سوريا. وأوضح البيان أن الاجتماع "عقد في أجواء بناءة"؛ حيث تم الاتفاق على استمرار الاجتماعات الثلاثية لضمان الاستقرار في سوريا والمنطقة.
الرأي:
يأتي هذا اللقاء تتويجًا لمسار الاتصالات واللقاءات على مستوى استخبارات البلدين، وعقب كشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن إجرائه محادثة مقتضبة غير رسمية مع وزير خارجية سوريا على هامش قمة إقليمية عُقدت العام الماضي. كما أعقب الكشف عن هذا اللقاء تصريحات رسمية تركية تؤكد رغبة أنقرة في إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، إلى جانب تأكيد الرئيس "أردوغان" على عدم معارضته إجراء لقاء مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وجاء اللقاء التركي السوري في العاصمة موسكو برعاية روسية كخطوة عملية متقدمة في مسار تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا؛ حيث تهدف تركيا من خلال هذا التطبيع لتحقيق عدة مكاسب أبرزها أمني؛ يتمثل في الحد من تهديد الوحدات الكردية المدعومة من أمريكيًا في الشمال السوري، في ظل معارضة أمريكية وروسية لتنفيذ عملية عسكرية في تل رفعت وعين العرب.
من ناحية أخرى، يشير عقد هذا للقاء إلى تراجع احتمالات القيام بعمل عسكري شمال سوريا كما سبق أن أشرنا؛ حيث يأتي مسار بناء التفاهمات الأمنية بين أنقرة ودمشق بهدف تأسيس معادلة أمنية دائمة شمال سوريا، تلبي الاعتبارات الأمنية التركية دون تدخل عسكري جديد، وتحل فيه قوات النظام السوري محل الوحدات التركية، وهو مسار تدعمه موسكو وستلعب فيه دور الضامن.
إضافةً إلى ذلك، قد يساهم هذا المسار في وضع آلية لحل مشكلة تكدس ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، ولقطع الطريق على المعارضة في الضغط على الحزب الحاكم من خلال هذه الورقة. لكن ليس من المؤكد أن يحدث تقدم ملموس في هذا الملف قبيل الانتخابات المفصلية المقررة في منتصف عام المقبل، في ظل تحديات أبرزها توفر ضمانات للاجئين السورين حول أمنهم الشخصي وعدم تعرضهم لانتقام أجهزة النظام الأمنية.