الحدث:
صعّدت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من قصفها للمناطق الحدودية التركية؛ حيث أصيب سبعة أفراد من الشرطة التركية جراء إطلاق التنظيم صواريخ على منطقة معبر "أونجوبنار" الحدودي مع سوريا بولاية كيليس. كما نفذت عناصر التنظيم الكردي، المدعوم من الولايات المتحدة، قضاء قارقامش بولاية غازي عنتاب الحدودية مع سوريا عشرة هجمات بقذائف الهاون والصواريخ، ما أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة ستة آخرين. بدوره، أعلن وزير التربية التركي، محمود أوزر، تعطيل الدوام في كافة مدارس قضاء قارقامش بولاية غازي عنتاب لمدة أسبوع، بسبب الهجمات من الجانب السوري.
بالمقابل، تواصل القوات المسلحة التركية استهداف مواقع التنظيم شمال سوريا تحت اسم "القصف العقابي"؛ حيث قالت مصادر إن الرئيس المشترك لهيئة الدفاع في "قسد"، ريزان كلو، واثنين من مرافقيه قتلوا في قصف نفذته طائرة مسيرة تابعة للقوات التركية، استهدف سيارته عند دوار القرموطي في القامشلي.
الرأي:
تعكس هذه التطورات تدحرج كرة التصعيد بين الجانبين التي أطلقها تفجير شارع الاستقلال في إسطنبول. ويعتبر تنفيذ المقاتلات التركية ضرباتها الجوية في سوريا باستخدام المجال الجوي، الذي تسيطر عليه روسيا والولايات المتحدة للمرة الأولى خلال تنفيذ عملية "المخلب- السيف"، حدثًا لافتًا؛ كون ذلك يتطلب إما تنسيقًا مع الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تنشران أنظمة دفاعية في المنطقة، أو في الحد الأدنى غض طرف الولايات المتحدة وروسيا باعتبار أن تركيا من حقها الرد على الهجوم الذي استهدف أراضيها.
لكنّ ثمة احتمال ثالث، وهو أن تركيا تمضي في استهداف التنظيمات الكردية دون تنسيق كافٍ مع واشنطن، وهو ما قد يشير إليه ما نشرته وكالة أنباء "هاوار" الكردية الثلاثاء الماضي، حول قصف الجيش التركي قاعدة مشتركة بين "قسد" والتحالف الدولي في مدينة الحسكة السورية، ما أدى لمقتل جنديين كرديين، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي تستهدف فيها تركيا قاعدة يتواجد فيها مقاتلون للتحالف الدولي.
مع هذا، ورغم ارتفاع وتيرة تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن تنفيذ عملية برية شمال سوريا، إلا أنه ليس من المؤكد بعد أن بدء هذه العملية أصبح أمرًا محسومًا، في ظل استمرار التحذيرات الأمريكية والروسية لأسباب مختلفة، وهي الاعتبارات نفسها التي دعت الرئيس التركي سابقا لإعادة النظر في قرار الاقتحام البري.
لكن مع قرب موعد الانتخابات التركية، قد يكون هناك بعد داخلي مهم يتعلق بالتأييد الواسع المتوقع داخل الشارع التركي لهذه العملية بعد تفجير إسطنبول. وهذا اعتبار مهم للحزب الحاكم، لكنه ليس الاعتبار الوحيد المرتبط بالانتخابات؛ إذ إن إثارة التوترات مجددًا مع الغرب سينعكس سلبًا على الأوضاع الاقتصادية التي تمثل أيضًا أولوية انتخابية للحكومة حاليًا، خاصةً وأن القوات التركية وجهاز الاستخبارات يحققون "نجاحًا أمنيًا" يمكن تسويقه للرأي العام الداخلي دون الحاجة لتوغل بري، كما في استهداف وزير دفاع "قسد".