خطرٌ تحاول واشنطن احتواءه

النووي الإيراني.. التهديدات "الإسرائيلية" الإيرانية المتبادلة تنذر بمواجهة كبرى

الساعة : 15:45
24 مايو 2023
النووي الإيراني.. التهديدات

الحدث:

صعّدت "إسرائيل" مؤخرًا من تهديداتها باستهداف المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية بشكل لافت، وذلك على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والسياسية؛ حيث صدر أبرز هذه التهديدات عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي قال إن "إسرائيل"  تفاجئ إيران دومًا وسوف تفاجئ كل أعدائها. مقابل ذلك، حذرت طهران من أن استهداف منشآتها النووية يعني إشعال حرب واسعة وغير مسبوقة تتحمل "إسرائيل" مسؤوليتها وتبيعتها. من جهته، أكد "حزب الله" اللبناني أنه يمتلك القدرات الكافية لخوض أي معركة تُفرض عليه.

الرأي:

 جاءت تهديدات "نتنياهو" باستهداف المنشآت الإيرانية تزامنًا مع جملة من التهديدات التي أطلقتها القيادة العسكرية والأمنية "الإسرائيلية"؛ حيث أشار قائد الجيش، هرتسي هليفي، إلى أن إيران أحرزت تقدمًا في تخصيب اليورانيوم على نحو غير مسبوق، وأن "إسرائيل" لديها القدرة على ضرب إيران وما تحاول بناءه. كما ذكر رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، أنه سيتم دعم "نتنياهو" لضرب المنشآت الإيرانية، مشيرًا إلى أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% يعدّ خطًا أحمر لكل العالم وليس لـ"إسرائيل" فقط. وقد جاء ذلك بعد مزاعم تقرير اللجنة الدولية للطاقة النووية بأن المرافق النووية الإيرانية وصلت لنسبة 84% في تخصيب اليورانيوم، وهي نسبة تقترب من 90% اللازمة لإنتاج السلاح النووي.

في السياق ذاته، أشارت الأوساط العسكرية "الإسرائيلية" إلى أن إيران نجحت مؤخرًا في تحويل سفنها التجارية إلى سفن عسكرية لديها القدرة على حمل أنظمة هجومية واستخباراتية، وطائرات بدون طيار وأسلحة متطورة جدًا تمهيدًا لتحويلها لقواعد حربية عائمة، وهو ما أصبح يهدد الأمن "الإسرائيلي" بشكل مباشر في ظل تزايد النشاط العسكري البحري الإيراني.

من جانب آخر، تأتي التهديدات "الإسرائيلية" بعد العرض الأمريكي لـ"إسرائيل" بإعداد خطة عسكرية مشتركة لمواجهة المساعي الإيرانية لامتلاك السلاح النووي، الأمر الذي أثار شكوك "إسرائيل" حول دوافع العرض الأمريكي، والتي ترى أن الإدارة الأمريكية قد تسعى لتقييد تحركاتها العسكرية ضد إيران. فمن جهتها، تتعاطى الإدارة الأمريكية بشكل جدي مع التهديدات "الإسرائيلية"، وتخشى من أن تجرها لمواجهة مع إيران وحلفائها في ظل الظروف الدولية والإقليمية المعقدة؛ حيث كثف المسؤولون الأمريكيون زياراتهم إلى "تل أبيب" في الفترة الأخيرة، للتأكد من أن "إسرائيل" لن تقدِم على أي عمل عسكري ضد إيران وحذروها من ذلك، لأن واشنطن ملزمة بالدفاع عن "إسرائيل" في حال تعرضها لهجوم إثر استهدافها لإيران.

إضافةً لذلك، فقد تصاعدت وتيرة هذه التهديدات بعد إجراء "حزب الله" مناورة عسكرية جنوب لبنان، حاكت اقتحام المستوطنات شمال "إسرائيل"؛ حيث تفترض القيادة "الإسرائيلية" أن الدعم الإيراني العسكري للحزب يعود إلى رهانها عليه، للرد على أي استهداف قد تتعرض له منشآتها النووية. وتخشى "إسرائيل" من أن إيران نجحت في تطوير الترسانة الصاروخية للحزب، وأنه أصبح يمتلك صواريخ دقيقة الإصابة  وقادرة على تجاوز الدفاعات الجوية "الإسرائيلية"، الأمر الذي يبقي "تل أبيب" بحاجة للدعم الأمريكي. من جانبه، صرح نائب أمين عام "حزب الله" بأن ما عُرض مجرد عينة مما لدى الحزب وأن الصواريخ الدقيقة لم تعرض بعد، ما يبين أن الحزب على أتم استعداداته لأي طاريء أو مواجهة قد يفرضها الميدان.

أما على الصعيد "الإسرائيلي" الداخلي، فلا يمكن إغفال تعمق الأزمة الداخلية لا سيما بعد تدهور شعبية "نتنياهو"، عقب محاولته تمرير خطة التعديلات القضائية، والحديث عن تآكل قوة الردع "الإسرائيلية" الذي سببتها أزمة التعديلات القضائية والتعامل مع العديد من الجبهات لا سيما جبهة الجنوب.

في النهاية، يمكن القول إن التهديدات "الإسرائيلية" يبدو أنها أكثر جدية من السابق، ولها مبرراتها على مختلف المستويات السياسية والعسكرية، لكن يبقى الدور الأمريكي هو الأهم في إحباط مثل هذه التهديدات، لمنع إنجرار المنطقة لحرب واسعة في حال نفذت "إسرائيل" تهديداتها.