الحدث:
اقتحم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مجمع الشفاء الطبي غرب غزة، منتصف ليل الثلاثاء حتى الأربعاء، بعد حصاره لأكثر من أسبوع؛ حيث نشر آلياته العسكرية في محيط المجمع وداخله بعد تجريف أجزاء من المدخل الجنوبي بالقرب من عيادات مبنى الولادة. وقال جيش الاحتلال إنه ينفذ عملية في مستشفى الشفاء، في محاولة للبحث عن أهداف عسكرية للمقاومة الفلسطينية والأسرى المحتجزين، لكنه فشل بعد مرور أكثر من 36 ساعة من الاقتحام في إثبات أي من تلك الإدعاءات. وفي مساء الأربعاء، أقر مجلس الأمن الدولي قرارًا يدعو إلى "إقامة هدن وممرات إنسانية عاجلة في جميع أنحاء قطاع غزة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن"، وذلك بتأييد 12 عضوًا، بينما امتنعت كل من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا عن التصويت.
الرأي:
عمد الجيش "الإسرائيلي" إلى تكثيف روايته حول المستشفيات شمال قطاع غزة ومنها "الشفاء"؛ حيث روّج أنها تحتوي قيادات عسكرية للمقاومة وأماكن لاحتجاز الأسرى "الإسرائيليين"، كما ادعى أنها تحتوي على غرف القيادة والسيطرة للمقاومة، إضافة إلى وجود أنفاق أسفلها. إلا أنه بعد تنفيذ عملية الاقتحام وعدم كشفه لأي أدلة تثبت تلك الادعاءات، التي ربما تكون استندت بالفعل لتقديرات استخبارية وأمنية "إسرائيلية"، فإن ذلك يمثل فشلًا استخباراتيًا جديدًا للاحتلال، وخطوة زادت من إحراج الداعم الأمريكي الذي تبنى رواية الاحتلال بل وأكدها زاعما أنه يمتلك معلومات أن حماس تستخدم المستشفى في أعمالها العسكرية.
وهناك احتمال آخر بأن اقتحام المستشفى لا يتعلق بمعلومات أو تقديرات أمنية خاطئة، وأنه يأتي ضمن خطوات الاحتلال الممنهجة لتدمير المؤسسات الخدماتية لا سيما المستشفيات شمال قطاع غزة، والتي تمثلت في إجراءات مثل قصف المستشفى المعمداني بالطيران في الـ17 من تشرين الأول/ أكتوبر، ثم لحقها المستشفى التركي والآن الشفاء والقدس والإندونيسي. ويأتي ذلك في إطار مخطط يستهدف تهجير المواطنين من شمال القطاع إلى جنوبه، وهو ما يتطلب تحويل الشمال لمنطقة تفتقر لكافة مقومات الحياة بما فيها المستشفيات، التي لا يقتصر دورها حاليًا على تقديم الرعاية الصحية بل أصبحت أماكن نزوح للنجاة من شدة القصف.
على أي حال، فإن فشل الرواية "الإسرائيلية" يمثل إحراجًا جديدًا للإدارة الأمريكية التي تبنت مزاعم الاحتلال، وقالت إن معلوماتها الاستخباراتية من مصادر متعددة تؤيد الرواية "الإسرائيلية". ومن هنا، فإن تمرير مجلس الأمن الدولي أخيرًا، وبعد أربع محاولات فاشلة، للقرار حول غزة يشير إلى مستوى الضغوط التي تواجهها الإدارة الأمريكية، حتى لو كان القرار ما زال دون سقف وقف إطلاق النار. ويعزز هذا من الضغط الأمريكي على "إسرائيل" فيما يتعلق بالهدن الإنسانية وإنجاز صفقة تبادل النساء والأطفال، ويجعل تحقيقها أكثر احتمالًا في الأيام القادمة.