الحدث:
تصاعد إرهاب وعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق منذ عملية "طوفان الأقصى"؛ فوفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون االإنسانية "OCHA"، دفعت موجة العنف الحالية للمستوطنين أكثر من 1100 فلسطينيًا من 15 تجمعًا رعويًا إلى ترك منازلهم وقراهم. كما أشارت بعض المجموعات الناشطة والمعارضة للحكم "الإسرائيلي" في الضفة مثل "بتسليم" و"سلام الآن" إلى نزوح حوالي 965 فلسطينيًا من 16 تجمعًا في الضفة، فيما نوهت منظمة "يش دين" إلى وقوع أكثر من 185 هجومًا من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين في أكثر من 84 بلدة وقرية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الأمر الذي حوّل بعض القرى الفلسطينية إلى قرى مهجورة.
الرأي:
تصاعدت حدة عنف المستوطنين مستغلين التركيز على الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ودخول "إسرائيل" في حالة حرب؛ حيث أدى ذلك إلى سحب كتائب من جيش الاحتلال من الضفة والدفع بها نحو القطاع وعلى الحدود الشمالية مع لبنان. وقد دفع ذلك الجيش "الإسرائيلي" لتشكيل ست كتائب دفاعية إقليمية تطوعية للمساعدة في حماية أمن المستوطنات بالضفة، اعتمد في تشكيلها على متطوعين من المستوطنات نفسها إضافةً لمن خضعوا لتدريبات الجيش في السابق من داخل "إسرائيل".
وقد أدى ذلك إلى طمس الخط الفاصل بين المستوطنين والجيش، ومكّن المستوطنين المتطرفين من استخدام وضعهم العسكري الجديد لشن هجماتهم ضد الفلسطينيين وقراهم ومنازلهم؛ حيث أشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن أكثر من تسعة فلسطينيين قتلوا برصاص المستوطنين في الأسابيع الأخيرة غير الذين قتلوا برصاص الجيش. إلى جانب ذلك، فقد قام الوزيران المتطرفان، بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، باستغلال حالة الحرب لتوزيع الأسلحة على المستوطنين بدعوى الدفاع عن النفس، ما ساعدهم على شن هجماتهم الممنهجة ضد الفلسطينيين.
في ظل هذه الأجواء، تتجه الأمور إلى تصاعد التوترات والاشتباكات بين المستوطنين والفلسطينيين، خصوصًا مع اتجاه المستوطنين لمهاجمة المناطق الفلسطينية ذات الكثافة السكانية الأعلى من المناطق الريفية، وعدم جدية حكومة "نتنياهو" في ضبط سلوكهم، ما قد يدفع الأمور للخروج عن السيطرة في الضفة الغربية رغم حرص السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" على إبقائها خارج دائرة الحرب. ولا شك أن سلوك المستوطنين يزيد من السخط الأمني على السلطة الفلسطينية، كونها تظهر عاجزة عن حماية الفلسطينيين وممتلكاتهم، ويفتح المجال للمقاومة لتنفيذ عمليات في الضفة ردًا على تلك الممارسات.