الحدث:
أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مرسومًا دستوريًا بإعفاء عضو مجلس السيادة "الطاهر أبو بكر حجر" من منصبه، في حين رفض الأخير القرار واعتبره قرارًا غير دستوري لعدم وجود نصاب قانوني للمجلس الذي لم ينعقد منذ بداية الحرب، وأن الوثيقة الدستورية لم تمنح رئيس المجلس الحق في إصدار مراسيم وقرارات بشكل منفرد. ودعا "حجر" أعضاء مجلس السيادة التسعة لعقد اجتماع عاجل لتحمل المسؤولية الوطنية في هذا الظرف التاريخي، واتخاذ قرارات حاسمة تجاه "القضايا الوطنية الكبرى"، وقد يكون من بينها إعفاء "البرهان" من منصبه، حسب وصفه.
الرأي:
بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على ثلاث ولايات في إقليم دارفور من أصل خمس، شهدت مواقف الحركات المسلحة في الإقليم تباينات واضحة بعد أن أصبحت مواقع سيطرتها في مرمى قذائف أطراف النزاع. فقد أعلنت الحركات المسلحة في بداية الحرب الحياد والعمل لدفع الأطراف المتقاتلة نحو التسوية، لكن حركات مسلحة رئيسية في دارفور (موقعة على اتفاق سلام جوبا) أعلنت، الخميس الماضي، انحيازها إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع، ووصفتها بالمليشيا المتمردة التي تخوض حربًا مدفوعة الثمن لتمزيق البلاد. وقد جاء إعلان الحركات خلال مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر شرق البلاد، بمشاركة قادة بارزين من الحركات المسلحة على رأسهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، ووزير المالية، جبريل إبراهيم.
بالمقابل، رفضت أطراف أخرى من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام هذا الموقف، وعلى رأسهم "الطاهر أبوبكر حجر" زعيم تجمع قوى تحرير السودان، الذي رفض قرارًا صدر عن الحركات الأخرى في المؤتمر الصحفي ببورتسودان وأصر على التزامه الحياد، فجاء قرار "البرهان" بإقالته بعد يوم واحد من إعلان موقفه. كما أعفى "البرهان" قبل أسبوعين "الهادي أدريس"، رئيس الجبهة الثورية وزعيم حركة تحرير السودان، الذي أعلن كذلك التزامه الحياد والانخراط في جهود إيقاف الحرب المندلعة في البلاد منذ منتصف نيسان/ أبريل الماضي.
لكن دعوة "حجر" لأعضاء المجلس السيادي للانعقاد على الأرجح لن تلقَى استجابة؛ حيث ينتمي معظم الأعضاء للجيش أو لتيارات ذات ولاء واضح له. إضافةً لذلك، فإن موقف "حجر" يواجه تحديًا آخر هو وجود خلافات داخلية في حركة تحرير السودان نفسها؛ فقد أعلن "عبد الله يحيى" نائب "حجر" الانحياز للجيش السوداني، ما يعد مؤشرًا لانقسام الحركة وعدم قدرتها على إحداث تغيير أو تصدع في المجلس السيادي.