الحدث:
أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبيري" في كانون الأول/ ديسمبر 2023 قائمته الجديدة، لأفضل 100 شركة لإنتاج الأسلحة وتقديم الخدمات العسكرية في العالم عن عام 2022. وقد وردت ضمن هذه القائمة أربع شركات تركية؛ حيث احتلت شركة "أسيلسان" المركز الستين وشركة "بايكار" المركز السادس والسبعين، بينما حازت "شركة الصناعات الجوية التركية" على المركز الثاني والثمانين، فيما حلت شركة "روكستان" في المركز المائة. وتزامن صدور التقرير مع نجاح الاختبار الـ13 للطائرة المسيرة "بيرقدارTB3" التي تصنعها شركة "بايكار"؛ حيث حلقت في الجو لمدة 32 ساعة متواصلة على ارتفاع 20 ألف قدم.
الرأي:
قفز تصنيف شركة "بايكار" التركية في قائمة معهد "سيبري" من المركز المائة عام 2021 إلى المركز السادس والسبعين عام 2022، كما زادت مبيعاتها من 730 مليون دولار إلى مليار و420 مليون دولار عام 2022 (بنسبة زيادة بلغت 94%)، لتصبح بذلك جوهرة الشركات التركية الصاعدة رغم أن مبيعاتها لا زالت أقل من مبيعات شركة "أسيلسان" البالغة 2.02 مليار دولار.
كما إن نجاح طائرة "بيرقدار TB2" في استهداف قوات النظام السوري عام 2019 رغم وجود أنظمة دفاع جوي روسية الصنع بحوزتها، ثم تعطيل هجوم قوات "حفتر" على العاصمة الليبية طرابلس عام 2019، ومشاركتها في تحقيق انتصار القوات الأذرية على نظيرتها الأرمينية في حرب كاراباخ عام 2020، كل ذلك أدى إلى زيادة الإقبال على شرائها. فبحسب مدير شركة "بايكار"، سلجوق بيرقدار، فقد صدّرت الشركة بحلول نهاية عام 2023 طائراتها إلى 33 دولة حول العالم من بين 500 طائرة أنتجتها حتى الآن.
بشكل عام، أبرزت الطائرات المسيرة قدراتها العملياتية على تدمير أهداف صعبة في أماكن وعرة، فضلًا عن القيام بمجموعة واسعة من مهام المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية وتأمين الحدود. وتتسم طائرة "بيرقدار TB2" بأنها رخيصة التكلفة؛ حيث يبلغ متوسط تكلفة الطائرة الواحدة خمسة ملايين دولار، فيما يبلغ متوسط المسيرة الأمريكية "ريبيرMQ-9 " نحو 20 مليون دولار على الأقل. كما تعتبر الطائرة أكثر جودة وقدرة على التحمل مقارنةً بالمسيرات الصينية والإيرانية، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية للمشترين، والذين يستفيدون أيضًا من تقديم تركيا لخدمات بيع أكثر أريحية؛ حيث تقدم مدربين لتأهيل المشغلين في بلادهم لمدة عام على الأقل، ولا توجد اشتراطات سياسية مرافقة للبيع بخلاف الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
في السياق ذاته، أتاح الإقبال الواسع على طائرة "بيرقدار TB2" للشركة المصنعة تطوير قدراتها الإنتاجية لتصبح قادرة على إنتاج 200 طائرة سنويًا، فضلًا عن المضي في أعمال البحث والتطوير لإنتاج الطراز الأحدث "TB3"، الذي أبرمت السعودية عقدًا لشراء كمية منه بقيمة ثلاثة مليارات دولار عام 2023، وهو العقد الأضخم من نوعه لشركة "بايكار".
ومن المتوقع ازدياد حجم مبيعات طائرة "بيرقدار" بطرازاتها المتنوعة، وهو ما يمنح أنقرة مزيدًا من النفوذ؛ فبمجرد أن تشتري دولة ما طائرات بدون طيار أو غيرها من المعدات العسكرية، فإنها تعتمد على المورّد للحصول على الذخيرة وقطع الغيار والصيانة، ما يخلق علاقة تبعية ويوفر للدولة الموردة أوراقًا للتأثير السياسي والاقتصادي.