محاولة اغتيال الرئيس الإيراني تؤكد الاختراق الاستخباري "الإسرائيلي" العميق في إيران

الساعة : 14:24
15 يوليو 2025
محاولة اغتيال الرئيس الإيراني تؤكد الاختراق الاستخباري

الحدث:

كشفت وكالة أنباء "فارس" المقربة من "الحرس الثوري الإيراني" عن تفاصيل هجوم "إسرائيلي" استهدف اجتماعًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، عُقد في 15 يونيو/حزيران، بحضور رؤساء السلطات الثلاث وكبار المسؤولين في أحد المباني المحصّنة غرب طهران. ووفق الوكالة، فقد تمّ استخدام 6 قنابل أو صواريخ لاستهداف مداخل ومخارج المبنى، في محاولة لشلّ حركة الحاضرين وعرقلة تهوية الطوابق السفلى في تكرار لعملية اغتيال أمين عام حزب الله السابق، حسن نصر الله، ولكن المجتمعين نجحوا في إخلاء المكان عبر مخرج طوارئ جرى تجهيزه مسبقًا، فيما تعرض بعضهم لإصابات طفيفة، وفي مقدمتهم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان. ويجري التحقيق في فرضية وجود اختراق أمني داخلي، نظراً لدقّة المعلومات التي استند إليها الهجوم.

الرأي:

تشير محاولة استهداف الرئيس الإيراني وبقية رؤساء السلطات القضائية والتشريعية إلى طبيعة الأهداف "الإسرائيلية" وقواعد الاشتباك التي باتت سائدة، إذ لم تكتف "تل أبيب" خلال الحرب بضرب البنية التحتية النووية أو مراكز "الحرس الثوري" أو القادة العسكريين والعلماء النوويين، بل استهدفت القيادة السياسية العليا، بما في ذلك المنتخب منها. وينطوي هذا على رسالة مفادها أن "إسرائيل" باتت ترى رأس الدولة الإيرانية جزءًا من منظومة "العدو المقاتل"، ولا تفرّق بين العسكر والمدنيين داخل دائرة القرار، ولذا حاولت شلّ القيادة الإيرانية ميدانيًا وسياسيًا منذ اللحظات الأولى من  الحرب.

كما يكشف الهجوم عن حجم تطور اختراق المنظومة الاستخباراتية "الإسرائيلية" للمفاصل الداخلية للدولة الإيرانية، وقدرتها على الوصول إلى معلومات شديدة الحساسية، مثل توقيت ومكان اجتماع مغلق للمجلس الأعلى للأمن القومي، مما يشير إلى إما اختراق بشري في مستويات عليا من جهاز الدولة، أو تفوق في الوسائل التقنية (مثل التنصت الفضائي أو اختراق الأنظمة المشفرة). وفي كلتا الحالتين، تُطرح أسئلة حرجة حول كفاءة الأجهزة الأمنية، لا سيما وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري، ومدى تغلغل "خلايا نائمة" أو مُجندة ضمن دوائر القرار الإيراني، وهو ما يعمق من التوجّس المتبادل بين الأجهزة المختلفة.

ويُرجّح أن إعلان إيران عن محاولة الاستهداف يعكس مزيجًا من الضرورات السياسية والأمنية. فمن جهة، يسمح الإعلان للنظام بتعزيز رواية "العدوان الإسرائيلي الواسع" وتقديم نفسه كضحية لصراع وجودي، مما يبرر تعبئة داخلية أوسع واتخاذ إجراءات أمنية استثنائية وصارمة في البلاد. ومن جهة أخرى، يكشف الإعلان عن العملية، دون إقرار بفشل أمني صريح، عن محاولة استباق رواية "إسرائيلية" محتملة أو تسريب خارجي، عبر إعادة صياغة الحدث في إطار "بطولي" يركّز على نجاة القادة واستعدادهم المسبق، فضلًا عن أن الإعلان يمنح غطاءً سياسيًا لحملات تطهير مرتقبة داخل أجهزة الدولة، تحت عنوان "مكافحة التغلغل الاستخباراتي".