قراءة في مستقبل الوضع الأمني في تركيا خلال العام 2024

الساعة : 15:30
15 مارس 2024
قراءة في مستقبل الوضع الأمني في تركيا خلال العام 2024

المصدر: دراجونفلاي إنتيليجنس

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا

ستظل تركيا على الأغلب بيئةً آمنة ومستقرة لمجال الأعمال خلال هذا العام، رغم الانتخابات المحلية المثيرة للجدل المقرر إجراؤها في الـ31 من الشهر الجاري، لكن من المحتمل خروج تجمعات كبيرة ستكون غالبًا سلمية في جميع أنحاء البلاد في الأسابيع المقبلة. وفي حالة احتمال ظهور نتائج متنازع عليها في بعض المناطق، فسيتبع ذلك مزيد من الاحتجاجات العنيفة، خصوصًا في إسطنبول والمناطق التي يسكنها الأكراد جنوب شرق البلاد. ومع ذلك، سيظل الإرهاب على الأرجح مصدر القلق الأكبر بالنسبة للسياح؛ فمن المرجح أن تستخدم الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم "داعش" والأفراد المتطرفين، الحرب في غزة كذريعة لشن هجمات ضد المصالح والمواقع الدينية الأمريكية و"الإسرائيلية".

مخاطر الاضطرابات المدنية لا تزال مرتفعة

من المتوقع أن تخرج تجمعات أسبوعية كبيرة وإن كانت سلمية حتى الـ31 من آذار/ مارس، وأن يستمر آلاف الأشخاص في حضور هذه الفعاليات في جميع أنحاء تركيا حتى إجراء الانتخابات البلدية. فقد بدأت معظم الأحزاب بالفعل مسيرات استعدادًا للانتخابات التي ستجرى في 81 مدينة و922 منطقة، وقد يتم إغلاق الطرق وتأخير وسائل النقل العام خلال هذه الأوقات، لكن يبدو أن السلطات مستعدة لإدارة هذه الأمور؛ وغالبًا ما تطبق إجراءات أمنية مشددة، خاصةً وأن الرئيس "أردوغان" سيحضر بعض هذه التجمعات.

وإن كان الاحتمال ضئيلًا لحدوث اضطرابات مدنية واسعة النطاق حول الانتخابات المحلية، لكن هذا التصويت حساس للغاية لعدة أسباب، منها أن حزب الرئيس (العدالة والتنمية) يعتزم استعادة السيطرة على إسطنبول وأنقرة، إضافةً إلى مشاركة كيان سياسي كردي جديد. وقد تمت إقالة المسؤولين المنتخبين الأكراد من المجالس عام 2019، ما أدى لاحتجاجات في المناطق التي يسكنها الأكراد استمرت عدة أيام، وحظرت السلطات بحكم الأمر الواقع حزبهم عام 2021 بدعوى ارتباطه بـ"حزب العمال الكردستاني" (الذي تصنفه تركيا جماعة إرهابية). وفي حال ظهور نتائج متنازع عليها، من المتوقع خروج تجمعات كبيرة من قبل كل من "حزب العدالة والتنمية" والحزب الكردي بعد التصويت.

ومن المحتمل أيضًا أن تخرج احتجاجات أسبوعية على الأقل في النصف الثاني من هذا العام، خصوصًا في المدن الكبرى مثل إسطنبول؛ فلا يزال معدل التضخم مرتفعًا (عند 65%)، الأمر الذي سيؤدي على الأرجح إلى استمرار الزيادة في أسعار السلع الأساسية الرئيسية في الأشهر المقبلة. وقد شارك عدة مئات من الأشخاص في احتجاجات شهرية سلمية إلى حد كبير حول هذه القضية في المدن الكبرى خلال العام الماضي، وأصبحت هذه الأمور أكثر تكرارًا حال حدوث ارتفاع مفاجئ في التضخم، كما حدث في آب/ أغسطس الماضي.

التهديد الإرهابي لا يزال عاليًا في المدن الكبرى

يبدو أن الصراع الدائر في غزة يحفز الجماعات والأفراد المتطرفين على شن هجمات أو الانخراط في أعمال عنف؛ ففي الأول من شباط/ فبراير الماضي قام عامل سابق في مصنع مملوك لشركة أمريكية في منطقة جيبزه، بالقرب من إسطنبول، باحتجاز عدة أشخاص كرهائن احتجاجًا على الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل". كما يواصل تنظيم "داعش" دعوة مؤيديه إلى استهداف "اليهود والمسيحيين في كل مكان"، وأعلن مسؤوليته عن هجوم على كنيسة في إسطنبول في الـ28 من كانون الثاني/ يناير الماضي، أدى إلى مقتل شخص واحد، ومن المرجح أن يستمر هذا المستوى من الهجمات خلال هذا العام.

بدورها، اعتقلت السلطات التركية في الأسابيع الأخيرة عشرات من المشتبه في انتمائهم لتنظيم "داعش"، بسبب مزاعم بالتحضير لهجمات، ما يدل على أن مستوى التهديد الإرهابي سيكون مرتفعًا في جميع أنحاء البلاد وشديدًا في مدينتي إسطنبول وأنقرة. لكن هذا لا يرجع فقط إلى نوايا وقدرات التنظيم أو الجماعات المتطرفة؛ إذ لا يزال من المرجح أن تقوم الجماعة الانفصالية الكردية "حزب العمال الكردستاني" بشن هجمات أيضًا، والتي ستكون أهدافها الرئيسية الدولة التركية، خصوصًا قوات الأمن.

ومن المرجح أيضًا أن يحاول أعضاء "داعش" أو أفراد متطرفون استهداف المواقع اليهودية أو المسيحية، إضافةً إلى المصالح الدبلوماسية الأمريكية و"الإسرائيلية"، مثل القنصليات في إسطنبول والسفارات في أنقرة. رغم ذلك، واستنادًا إلى القدرات المحدودة للجهاديين على تنفيذ هجمات بالقنابل في تركيا، فمن المحتمل أن يكون الشكل الأكثر ترجيحًا للهجوم هو الطعن أو إطلاق النار، من قبل جهة فاعلة داخل موقع ديني أو دبلوماسي أو بالقرب منه. ورغم وقوع هجمات خلال الأشهر الأخيرة، لكن السلطات التركية لا تزال قادرة على إحباط المؤامرات والحد من عدد الضحايا عند وقوع لهجمات.

تزايد المشاعر المعادية للغرب تدفع إلى تبني المقاطعة

قد تكون المشاعر المعادية للغرب أيضًا مصدر قلق للشركات هذا العام؛ فقد اكتسبت حملة مقاطعة المنتجات الغربية في تركيا بعض الزخم خلال الأشهر الأخيرة؛ كما انطلقت عدة دعوات عبر الإنترنت لمقاطعة العلامات التجارية الغربية التي يُنظر إليها على أن لها مصالح أو روابط مع "إسرائيل". وحظر البرلمان التركي في تشرين الثاني/ نوفمبر العلامات التجارية الأمريكية من قوائم الطعام داخل مقره، كما تظهر مقاطع فيديو على الإنترنت متظاهرين يرددون في كثير من الأحيان شعارات مناهضة للولايات المتحدة ومعادية لـ"إسرائيل"، خلال المسيرات المؤيدة لفلسطين. ومع ذلك، لم تظهر حتى الآن بوادر مضايقة للغربيين المسافرين إلى البلاد، وقد يرجع ذلك إلى أن هذا العداء يبدو أنه يركز على الحكومات والاقتصاد.

مخاطر الجريمة المعتدلة

تعتبر الجرائم الصغيرة وغير العنيفة شائعة في جميع أنحاء البلاد وستظل كذلك على الأغلب خلال هذا العام؛ حيث لا تزال عمليات النشل وخطف الحقائب منتشرة في كل من إسطنبول وأنقرة، خصوصًا في المناطق السياحية المزدحمة، وفقًا لتقارير إخبارية محلية. وتعتبر مناطق "دولابديريه" و"تارلاباشي" و"جراند بازار" من أكثر المناطق المتضررة من ذلك في إسطنبول، لكن يبدو أن خطر التعرض لتهديدات خطيرة بالعنف آخذ في التضاؤل؛ فقد انخفض عدد جرائم القتل من 3216 جريمة عام 2012 إلى 2279 جريمة عام 2022، بحسب الإحصاءات الرسمية، وعليه فيمكن تصنيف هذا العام بالنسبة لمخاطر الجريمة على مستوى البلاد بأنه معتدل.