قلق يسود مجتمع الاستخبارات الأمريكي خوفاً من توجه ترامب لإعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات وإحكام قبضته عليها

الساعة : 15:09
12 نوفمبر 2024
قلق يسود مجتمع الاستخبارات الأمريكي خوفاً من توجه ترامب لإعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات وإحكام قبضته عليها

شكّلت أجهزة الاستخبارات هاجسًا رئيسيًا لدى الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا، دونالد ترامب، خلال ولايته الأولى، وسوف تكون أيضًا في قلب أجندته الجديدة؛ إذ إن التحول السياسي نتيجةً لفوزه سيمنحه الوسائل اللازمة لأن يغيّر بشكل جذري تلك البيروقراطية التي كان يعتبرها معادية له. بالمقابل، وداخل مجتمع الاستخبارات الأمريكي، فإن الشعور بالصدمة من فوز "ترامب" في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لا يقل عن القلق الناتج عن ترشيح رجل وعد بتخصيص فترة ولايته الثانية "للانتقام" من أعدائه.

وقد تجلى ذلك من خلال تعبئة أكثر من ألف مسؤول كبير سابق من المدنيين والعسكريين، من قطاع الأمن القومي في جمعية قادة الأمن القومي لأمريكا، ضد ترشيح "ترامب". كما دعا العديد من المديرين التنفيذيين السابقين من وكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي، ومكتب الاستخبارات الوطنية، ووكالة الاستخبارات الجغرافية الوطنية، ومكتب الاستطلاع الوطني، إلى انتخاب "هاريس" معتقدين أن خصمها الجمهوري غير لائق للحكم.

إصلاحات راديكالية

ورغم أن "ترامب" لم يتعرض للاستخبارات بشكل مباشر أثناء حملته الانتخابية، لكنها تعتبر إحدى القضايا ذات الأولوية التي يعتزم الرئيس الـ47 للولايات المتحدة معالجتها. وقد يعتمد العائد إلى البيت الأبيض على خطة الإصلاحات الجذرية التي تم وضعها كجزء من "مشروع 2025"، الذي يتبناه مركز التفكير المحافظ "مؤسسة التراث"، والذي كتبه "داستن كارماك" (وهو شخصية بارزة في الحزب الجمهوري). والمحور المركزي لهذا المشروع، وهو جزء من الأيديولوجية الجمهورية لتبسيط عمل أجهزة الدولة، هو تعزيز سلطات إدارة مدير الاستخبارات الوطنية على جميع وكالات الاستخبارات الـ18، بهدف إعطاء مدير الاستخبارات الوطنية الوسائل اللازمة للعمل كناطق رسمي فعال للرئيس، لتمكينه من إحكام قبضته على البيروقراطية التي ينظر إليها على أنها معادية.

وقد يلعب "كارماك"، الذي يشغل حاليًا منصب المدير الإقليمي للسياسة العامة في شركة "ميتا"،  دورًا مؤثرًا نظرًا لخبرته؛ فقد كان رئيسًا لموظفي "جون راتكليف" عندما كان الأخير مديرًا للاستخبارات الوطنية في الأشهر الأخيرة من ولاية "ترامب" الأولى. كما إن السيناتور عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، الذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات وهو مؤيد نشط للغاية لترشيح "ترامب" في الأسابيع الأخيرة من الحملة، من بين المسؤولين الذين من المرجح أن يحصلوا على مسؤوليات جديدة في مجال الأمن القومي.

فرصة للتطهير

إن الفوز الرئاسي الكبير الذي حققه "ترامب"، إلى جانب الأغلبية الواضحة لحزبه في مجلس الشيوخ، يمنح الرئيس المستقبلي حرية التصرف في تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى لمجتمع الاستخبارات. كما إن تعزيز صلاحيات مدير الاستخبارات الوطنية الذي يتصوره "كارماك" من المرجح أن يأتي على حساب وكالة الاستخبارات المركزية ومديرها، الذي سيظل بعيدًا عن المكتب البيضاوي. وقد يكون تراجع نفوذ وكالة الاستخبارات المركزية واضحًا في مجالات مثل التحليل الاستراتيجي والمصادر المفتوحة.

ومن المرجح أن تشكل قضايا الموارد البشرية تحديًا كبيرًا على مدى الأشهر المقبلة، وفي هذه النقطة يشير "مشروع 2025" بوضوح إلى رغبة المعسكر المحافظ في تطهير الإدارة، بما يتجاوز بضعة آلاف من المعينين "السياسيين"، مع مراعاة التقلبات التي تطرأ على الإدارات المتغيرة. ومن جهته، يرى "كارماك" أن هناك حاجة إلى نزع الطابع السياسي عن مجتمع الاستخبارات، من خلال مكافحة ما يسميه "ثقافة الاستيقاظ" وتنويع القوى العاملة، بهدف تعزيز "النزاهة التحليلية" للوكالات وجعلها أكثر فعالية ضد الهدف الرئيسي، الصين، في وقت وعد فيه الرئيس المنتخب مواطنيه بولاية جديدة تتسم بالسلام العالمي.