الحدث
شنّت فصائل المعارضة السورية في شمال غربي سوريا هجوما واسعا على قوات النظام السوري والقوات الإيرانية الداعمة له، محققة تقدما ملحوظا على محاور القتال في ريف حلب الغربي، ولا تزال خرائط الاشتباك مشتعلة على وقع تواصل المواجهات واستمرار فصائل المعارضة التي تتصدرها "هيئة أحرار الشام"، في إصدار بيانات متتالية للكشف عن القرى والبلدات التي سيطرت عليها، حيث شهدت المحاور انهيارات سريعة في دفاعات قوات النظام على محاور ريف حلب الغربي، مما أدى لسيطرة المعارضة على كل أكثر من 20 قرية جميعها غربي حلب. وفي المحور الثاني الذي فتحته قوات المعارضة شرقي إدلب، تمكّنت الفصائل من السيطرة على قريتي داديخ والترمبة على مقربة من مدينة سراقب الاستراتيجية. ولا تزال قوات المعارضة تخوض معارك قوية في قرية كفربطيخ، بهدف قطع الإمداد عن سراقب من جهة الجنوب، لتسهيل السيطرة على المدينة.
الرأي
يعتبر هجوم السابع والعشرين من نوفمبر هو الأول من نوعه منذ مارس 2020، عندما تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا، التي تدعم النظام السوري، وتركيا، التي تدعم الفصائل المعارضة، والذي أدى إلى توقف المواجهات العسكرية في آخر معاقل المعارضة في شمال غرب سوريا. وتكتسب المناطق التي تم السيطرة عليها حتى الآن في ريف حلب الغربي مكانتها الاستراتيجية من كونها البوابة الغربية لمدينة حلب، كما أنها بسبب جغرافيتها المرتفعة كانت تعد منطلقاً لعمليات هجومية من قبل قوات النظام وروسيا على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. أما التقدم في محور ريف إدلب الشرقي، فيكتسب أهميته في حال السيطرة على مدينة سراقب التي تتقاطع فيها الطريقين الدوليين "أم 4" وأم 5" وتضم أعداداً كبيرة لقوات النظام، وهو ما يمنح قوات المعارضة ميزة لوجيستية مهمة.
وقد استغلت قوات المعارضة الظرف الإقليمي، في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة بعد الهجمات الإسرائيلية التي أضرت بشكل كبير بالقوات الموالية لإيران في سوريا، وانشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا. إضافة لذلك، فإن حالة الهدوء التي سادت لأكثر من ثلاث سنوات وتردي الوضع الاقتصادي بشكل كبير في جيش النظام أسفر عن ضعف واضح في الإرادة والعزيمة القتالية لدى هذه القوات، ما يفسر انهيار المحاور الدفاعية بشكل متسارع وعدم وجود مقاومة حقيقية لتقدم قوات المعارضة. وتكمن أهمية الهجوم من زاوية أخرى أنه قد يعيد التأكيد للنظام السوري حاجته للقوات المدعومة من إيران للدفاع عن مناطقه، وهو ما يحقق مصلحة إيرانية في ظل التشكيك في دمشق بحاجة النظام لاستمرار الشراكة مع طهران.
وبينما أعلنت إدارة العمليات المشتركة في أول بيان لها بعد العملية أن الحملة العسكرية تهدف إلى "توسيع المناطق الآمنة"، دون ذكر تفاصيل أخرى، لكن من الواضح أن العملية حتى الآن سقفها هو السيطرة على مدينة حلب، بينما أهدافها النهائية ستخضع للتطورات الميدانية المتسارعة. من جهة أخرى، سيكون الموقف الروسي حاسماً في تحديد إلى أي مدى ستواصل المعارضة هجومها، حيث مازال من المشكوك فيه أن تتجاهل موسكو مدينة حلب والسيطرة على الطرق الدولية المؤدية إليها.