حجب جزء من المعونة العسكرية عن مصر يشير لضغوط غربية على "السيسي"

الساعة : 15:25
14 يناير 2025
حجب جزء من المعونة العسكرية عن مصر  يشير لضغوط غربية على

الحدث:

قررت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحويل 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان، بهدف دعم الجيش اللبناني لتعزيز أمن الحدود ومكافحة "الإرهاب"، ومتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و"إسرائيل". وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن هذه الخطوة تأتي وسط تزايد الانتقادات داخل الكونغرس بشأن تقديم المساعدات لمصر، بينما اعتبر بعض المشرعين أن تحويل الأموال إلى لبنان "أكثر جدوى".

الرأي:

رغم أن هذه الخطوة تظل رمزية ومكررة ولا تؤثر بصورة ملموسة على المساعدات العسكرية والتعاون الأمني بين مصر والولايات المتحدة، لكنها ترسل رسالة في توقيت دقيق بالنسبة للحكومة المصرية؛ حيث تفسَّر تلك الخطوة بأن القاهرة معرضة لضغوط متزايدة من قبل حلفائها الغربين لتعديل بعض السياسات المحلية المتعلقة بحالة حقوق الإنسان، خاصةً ملف المعتقلين. وتنبع أهمية الرسالة من أنها تأتي رغم استمرار الدور المصري في ملف حرب غزة، ما يرسل رسالة مناقضة للموقف الأمريكي السابق الذي فضّل تخصيص المعونة كاملة، دون أي حجب لاعتبارات الأمن القومي الأمريكي وتقديرًا للدور المصري الحيوي في ملف غزة.

وتتزامن هذه الخطوة أيضًا مع ضغوط أوروبية مماثلة نتيجة اتفاق على حزمة الدعم المقدمة من الاتحاد الأوروبي لمصر، والتي يتطلب إقرار صرف دفعاتها موافقة دورية من الدول الأعضاء، ما يستتبعه ضرورة تلبية القاهرة لبعض الاشتراطات. في ضوء ذلك، تشير المعلومات إلى أن السلطات المصرية أصبحت مضطرة للتغاضي عن دعوة بعض السفارات الأوروبية لناشطين مصرين وسياسيين للنقاش حول الأوضاع المحلية والمشاركة في فعاليات، وهو تطور كان مقيدًا تمامًا في السنوات الماضية.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الداخلية لن تقوى مصر على تجاهل تلك الضغوط، وإن كان من غير المرجح في الأجل القصير أن ينتج عنها تغير جوهري في السياسات الأمنية الأساسية. كما أن هذه الضغوط لا تستهدف الوصول إلى إصلاح سياسي شامل في البلاد، بل التخلي عن بعض الممارسات الأمنية مثل اعتقال سياسيين وناشطين لمجرد الكتابة على صفحات التواصل الاجتماعي. وهذه أمور يمكن أن تستجيب لها السلطات في بعض الحالات دون أن ينتج عن هذا توسيع في هامش الممارسة السياسية، بما يهدد السيطرة الأمنية الشاملة على المجال العام.

ومع هذا، فإن هذه الديناميكية، في المدى الأوسع، تسلط الضوء على بدء تراجع النظام مضطرًا عن بعض الحدود التي تمسك بها في السنوات الماضية، نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة السخط الشعبي وهيمنة أجواء متشائمة إزاء مسار البلاد الحالي، بما في ذلك داخل دوائر سياسية ليست بعيدة عن قاعدة نظام الحكم، وهي علامة تآكل من المؤكد أن تتواصل في الفترة القادمة.