وساطة الإمارات بين دولة الاحتلال و سوريا قد تفضي لتفاهمات أمنية في انتظار اتفاق تركي "إسرائيلي"

الساعة : 15:38
8 مايو 2025
وساطة الإمارات بين دولة الاحتلال و سوريا قد تفضي لتفاهمات أمنية في انتظار اتفاق تركي

الحدث:

كشف الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي في باريس عن مفاوضات غير مباشرة مع "إسرائيل" عبر وسطاء تستهدف "تهدئة الأوضاع"، فيما نقلت مصادر لوكالة رويترز أن الإمارات أنشأت قناة خلفية للتوسط بين الاحتلال وسوريا، حيث أوضح مصدر أمني سوري ومسؤول استخبارات إقليمي أن الاتصالات التي تركز على مسائل الأمن و بناء الثقة بين الطرفين، بدأت بعد أيام من زيارة الشرع إلى الإمارات. ونقلت الوكالة عن مصدر أمني سوري أن القناة كانت تقتصر بشكل صارم على القضايا المتعلقة بالأمن، مع التركيز على ملفات مكافحة الإرهاب، و أن الأمور العسكرية، و خاصة المتعلقة بأنشطة جيش الاحتلال في سوريا، تقع خارج نطاق القناة. وكشفت المصادر أن مسؤولين أمنيين من الإمارات ومسؤولين سابقين في استخبارات الاحتلال شاركوا في هذه الآلية.

الرأي :

من المرجح أن المفاوضات غير المباشرة تستهدف بصورة أساسية تهدئة المخاوف "الإسرائيلية" إزاء ملفين أساسيين: الأول هو نشاط الفصائل الفلسطينية على الأراضي السورية، وربما تكون اللجنة التي تشكلت لمراقبة عمل الفصائل منبثقة عن نتائج الاتصالات، أو أنها جاءت استجابة للمطالب الأمريكية الصريحة بهذا الخصوص، حيث باتت نشاطات الفصائل الفلسطينية شبه متوقفة باستثناء حركة فتح المركزية التي تقوم بأنشطة جماهيرية، مثل استقبال محمود عباس ووقفات تضامنية ضمن مكاتب الحركة. أما الأمر الآخر، فهو التنسيق الأمني بخصوص أنشطة إيران وأنشطة تهريب حزب الله وخطوط إمداده، وهو أمر يمثل مصلحة مشتركة للجانبين. بالإضافة لذلك فإن الوضع الأمني في الجنوب من المحتمل أن يوضع ضمن دائرة المفاوضات خاصة تواجد القوات التابعة للحكومة السورية، ومسألة الدروز وتمتعهم بحكم ذاتي.

وبينما من المحتمل أن تسفر هذه المفاوضات عن تفاهمات أمنية أولية، إلا أنه من غير المرجح أن تتوقف السياسة "الإسرائيلية" العدائية والتوغلات العسكرية إلا في ضوء التوصل لاتفاق تركي "إسرائيلي" تضمنه الولايات المتحدة، يحدد حدود وطبيعة التواجد العسكري التركي في سوريا، وحدود الدعم العسكري التركي للجيش السوري الجديد، والضمانات التركية الخاصة بالترتيبات الأمنية المستقبلية في المنطقة الحدودية منزوعة السلاح.

من جهة أخرى، تعكس هذه الخطوة مواصلة الإمارات دور عرّاب التطبيع بين كيان الاحتلال ودول المنطقة، إذ على الرغم من شكوك الإمارات إزاء النظام الجديد في دمشق، إلا أنها تحاول لعب هذا الدور في سوريا من خلال إقامة علاقة بين الطرفين تبدأ بقنوات خلفية قابلة للتطور. بالمقابل، تُظهر الإدارة السورية، من خلال طلبها هذه الوساطة من الإمارات، براغماتية إزاء علاقتها مع دول المنطقة، ضمن استراتيجية نسج مصالح تتقاطع مع كافة الأطراف (السعودية وتركيا والإمارات وقطر) بهدف الاستفادة من مصالح الجميع وتجنب الصدام مع أي طرف إقليمي.

ورغم هذه البراغماتية، ما زال احتمال تطبيع العلاقات بين دمشق والاحتلال بعيد المنال؛ حيث سيظل من المستبعد أن تقبل أي قيادة سورية بتوقيع اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال تتضمن التنازل عن الجولان السوري، وفي المقابل، ليس من الوارد في حسابات تل أبيب الانسحاب من الجولان ضمن أي تسوية مستقبلية مع سوريا بغض النظر عن هوية القيادة التي تحكم البلاد. ويظل المرجح أن تقدم دمشق التزامات واضحة إزاء منع استخدام الأراضي السورية في أي أنشطة تهدد أمن "إسرائيل" بما يشمل وقف أنشطة الفصائل الفلسطينية وإبعاد كوادرها الذين يثير تواجدهم قلق الاحتلال، بالإضافة للتنسيق الأمني ضد التواجد الإيراني، وأخيراً القبول بترتيبات أمنية في المنطقة الحدودية تحقق المزيد من الضمانات الأمنية "الإسرائيلية" بما يزيد عن الضمانات التي أقرها اتفاق فض الاشتباك عام 1974.