الحدث
زار رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالن، دمشق للاجتماع مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني ورئيس الاستخبارات حسين السلامة. وتناول الاجتماع تطورات تطبيق الاتفاق مع قسد، وأمن الحدود، ومكافحة داعش، ومسألة السجون والمخيمات التي توجد فيها عوائل عناصر تنظيم داعش.
الرأي
يهدف اللقاء إلى متابعة ترتيبات ما بعد سقوط نظام الأسد، وبالأخص ما يتعلق بالدمج التدريجي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الدولة السورية الجديدة. فتركيا لا تقبل بهذا الاندماج دون ضمانات صارمة تراعي خطوطها الحمراء، لا سيما فيما يتعلق بإبعاد مقاتلي قسد غير السوريين، وعدم منح قسد حكما ذاتيا في مناطق سيطرتها.
يمر اتفاق حكومة دمشق مع قسد بمرحلة حساسة، فبعد تسليم حي الشيخ مقصود في مدينة حلب دون قتال، والانسحاب التدريجي لبعض القوات الأمريكية من شرق سوريا، تعثر إكمال بقية الاتفاق إثر إعلان قسد عدم قبولها العودة إلى الحكم المركزي وتشديدها على ضرورة الفيدرالية ورفض الإعلان الدستوري المؤقت، مما انعكس على عرقلة عملية التسليم التدريجية لأجزاء من الرقة ودير الزور إلى الحكومة السورية. كذلك تعثرت مفاوضات تسليم سد تشرين، وهي ملفات تمثل أهمية مشتركة لأنقرة ودمشق.
بموازاة ذلك، تقدم أنقرة نفسها في المرحلة الانتقالية بسوريا كضامن أمني لسوريا الجديدة، ما يجعلها تهتم بكبح عودة تهديدات عناصر داعش الذين انتشروا قبل سقوط نظام الأسد في البادية ومحيط دير الزور والحسكة، خاصة في ظل مؤشرات عن جهود التنظيم لإعادة تجميع خلاياه. كما تركز أنقرة مع دمشق على تجنب انفلات السجون والمخيمات، وضبط أمن الحدود، وهو ما يتطلب تكثيف التعاون الاستخباري وتبادل المعلومات وتنسيق المواقف المشتركة.
من ناحية أخرى، تشكل السجون والمخيمات، التي تضم عائلات وعناصر داعش، تهديدًا أمنياً في شمال شرق سوريا، إذ لطالما استُخدمت هذه الورقة لتبرير التدخل الدولي وبالأخص الأمريكي في الملف السوري، فضلا عن تبرير الحاجة لقوات قسد. وعليه، يُرجح وجود تفاهم وتنسيق بين دمشق وأنقرة بخصوص ملف السجون والمخيمات حال تسلمه من قسد، بما قد يشمل ترحيلًا تدريجيًا، وربما حتى تسوية قانونية لعناصر غير مصنفة "عالية الخطورة".
كما من المرجح أن تتكرر هذه النوعية من اللقاءات، فهي تمثل قناة تواصل دورية ومنتظمة بين الجانبين لمجابهة المخاطر الأمنية، ومتابعة عملية تفكيك قسد ودمجها في الدولة الجديدة، وملء الفراغ المتوقع في حال توسعت عملية الانسحاب الأمريكي، والتنسيق فيما يخص جهود وقف الاعتداءات "الإسرائيلية" على سوريا.