توقعات حول مستقبل لبنان الأمني خلال الأشهر ال6 المقبلة

الساعة : 15:11
4 نوفمبر 2025

المصدر: فيتش سوليوشنز

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

يفترض السيناريو الأساسي في الساحة اللبنانية أنه سيتم نزع سلاح "حزب الله" بحلول النصف الأول من عام 2026، وسيكون ذلك على الأرجح من خلال تكثيف الضغط العسكري الإسرائيلي (باحتمال 55%) بدلاً من الوسائل الدبلوماسية (باحتمال 45%). فقد دفعت الحكومة اللبنانية بخطة نزع السلاح واتخذت تدابير تقيد حرية الحزب في التنقل والوصول إلى التمويل. ومع ذلك، فقد ساهم رفض "إسرائيل" تقديم خطوات متبادلة قبل نزع السلاح بالكامل، في تحوّل موقف الحزب من التجاوب مع المفاوضات إلى موقف أكثر تحديًا.

وفي ظل تقلّص النافذة الدبلوماسية، يبقى التصعيد العسكري "الإسرائيلي" محتملًا، لكن ما زال هناك مجال للتوصل إلى حل دبلوماسي، خصوصًا مع تزايد الدعوات الخارجية والداخلية لإجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع "إسرائيل بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البرية، والتي تستلزم نزع سلاح الحزب وانسحاب "إسرائيل" من الجنوب. رغم ذلك، يبدو أن المجال الدبلوماسي يتقلص، وأن اعتراضات الحزب و"حركة أمل" على مثل هذه المفاوضات، إضافةً إلى إصرار "إسرائيل" على إنشاء منطقة عازلة غير مأهولة على الحدود، قد تُعيق الجهود الدبلوماسية. ومع سريان وقف إطلاق النار الهش في غزة، فإن الولايات المتحدة و"إسرائيل" ستُحوّلان اهتمامهما على الأرجح إلى جبهات أخرى، خصوصًا لبنان، لتحييد التهديدات الحدودية المباشرة، والسماح بالعودة الآمنة لسكان شمال "إسرائيل" إلى ديارهم، وتجريد إيران من أداة تفاوض أخرى.

بالمقابل، فإن الحكومة اللبنانية عاجزة عن المضي قدمًا في نزع السلاح بالقوة الكافية لإرضاء الولايات المتحدة؛ حيث تسعى لتجنب إثارة مواجهة بين الجيش والحزب، وتأجيج السخط بين الشيعة وسكان جنوب لبنان الذين سيشعرون بالتهميش. بدلًا من ذلك، ومع نفاد صبر الولايات المتحدة و"إسرائيل" إزاء بطء تقدم الحكومة، وعدم استعداد الحزب للتنازل دون خطوات "إسرائيلية" متبادلة، من المرجح أن تُعيد "إسرائيل" تكثيف هجماتها خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، للضغط على الحزب للتخلي عن أسلحته وإضعاف قدراته العسكرية. وهذا ما قد يدفعه للرد لكنه سيستسلم في النهاية للضغوط، ويسلم ما تبقى من أسلحته الثقيلة لتقليل خسائره السياسية الداخلية.

ومن المتوقع أن مرحلة ما بعد نزع السلاح ستشمل على الأرجح انسحاب القوات "الإسرائيلية" من لبنان ووقف غاراتها الجوية اليومية، بشرط اعتماد آلية أكثر حزمًا لضمان أمن المنطقة الحدودية. وقد يشمل ذلك نشر قوات دولية وزيادة الدعم المالي والتقني للجيش اللبناني. ومن المرجح أيضًا أن تحتفظ "إسرائيل" بحرية مراقبة أي محاولة من الحزب لإعادة بناء قدراته، وأن يتبع ذلك اتفاقية لترسيم الحدود البرية، على غرار الاتفاقية البحرية الموقعة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، لكن ما زال تطبيع العلاقات بين البلدين مستبعدًا.

على الصعيد الإقليمي، سيؤدي نزع سلاح "حزب الله" إلى تحسّن في العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، والأهم من ذلك أن السعودية سترفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها إلى لبنان، فضلًا عن فتح الدعم المالي والاستثمار حتى لو لم يتم تنفيذ الإصلاحات المالية بالكامل. كما إن ضعف الوجود الإيراني في لبنان وسوريا والمخاوف بشأن تزايد النفوذ التركي تعتبر عوامل إضافية قد تشجع على إعادة مشاركة الخليج مع لبنان بقيادة السعودية. وسيؤدي هذا إلى تسارع النمو في لبنان من 3% عام 2025 إلى 6% عام 2026.

داخليًا، سيؤدي تصعيد الهجمات "الإسرائيلية" إلى زيادة رد الفعل الشعبي ضد "حزب الله"، ما سيؤدي لتصاعد التوترات الداخلية، والتي من المرجح أن تتفاقم حول الانتخابات التشريعية في أيار/ مايو 2026 وتستمر حتى النصف الثاني من عام 2026. وستزداد هذه التوترات إذا استلزم اتفاق ما بعد نزع السلاح وجودًا "إسرائيليًا" طويل الأمد في الجنوب.

من جهة أخرى، ستُشكّل مرحلة ما بعد نزع السلاح، وانتقال "حزب الله" إلى حزب سياسي تحدياتٍ أخرى للدولة، التي سيتعين عليها توفير مصادر دخل بديلة لآلاف المسلحين، واستبدال دور الحزب في إعادة الإعمار والأمن وتوفير الخدمات في الجنوب، لكن رغم هذه التحديات من المتوقع أن يتم تشكيل حكومة جديدة سريعًا بعد الانتخابات. فمن المتوقع أن تُحفّز الحاجة المُلِحّة إلى إتاحة التمويل الأجنبي لإعادة الإعمار بعد الحرب جميع الأحزاب السياسية، بما فيها "حزب الله"، على تسريع الإصلاحات المالية.

لكن رغم ذلك، ما زالت النتائج العكسية واردة؛ فإذا استمرّ التصعيد العسكري حتى النصف الأول من عام 2026، بما يتجاوز التوقعات آنفة الذكر، فمن المُرجّح أن يُؤخّر ذلك الإصلاحات والانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في أيار/ مايو 2026، ما سيعطل الوصول إلى الدعم المالي الخارجي اللازم للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار. حتى لو استمرّ الوضع الراهن ولم تلجأ "إسرائيل" إلى حملة عسكرية لنزع سلاح "حزب الله"، فإن وتيرة الإصلاحات ستكون بطيئة وبالتالي يظل احتمال تأخير الانتخابات واردًا.

وما زال من غير المرجّح أن يتم إقرار "قانون الفجوة المالية" (المُثير للجدل لتسهيل تعويضات الودائع) قبل الانتخابات، بسبب الحساسيات السياسية، كما يُحتمل أن تُوافق الأحزاب السياسية على تأجيل الانتخابات. فعلى سبيل المثال، قد يسعى المعسكر المناهض لـ"حزب الله"، بما في ذلك القوات اللبنانية (المستفيد الأكبر من ضعف الحزب)، إلى تأجيلٍ لمدة عامٍ واحدٍ لتمديد ولاية البرلمان القادم حتى عام 2031، تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما تُعزز الخلافات المستمرة حول قواعد تصويت المغتربين احتمال التأجيل.

وفي نتيجةٍ أقل ترجيحًا، قد يُجبر "حزب الله" "إسرائيل" على تقديم تنازلاتٍ من خلال ضرباتٍ مؤثرة، ويخرج من هذه الجولة من الحرب أقوى، لكن هذا سيعرّض لبنان لمواجهة عزلةٍ إقليميةٍ أعمق مع انسحاب دول مجلس التعاون الخليجي مجددًا، ويمنع الوصول إلى التمويل الذي تشتد إليه حاجة البلاد، ويُعيق الانتعاش الاقتصادي أكثر.