الحدث:
أعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل أربعة من عناصره خلال اشتباك جرى منذ أيام بين وحدة من لواء "قمر بني هاشم" التابعة له مع ما وصفها بأنها "خلية إرهابية" في منطقة سراوان الحدودية بمحافظة سيستان وبلوشستان، كما أكد فرار المهاجمين إلى داخل الأراضي الباكستانية.
الرأي:
يقع الحادث ضمن سلسلة الهجمات المتزايدة التي تشهدها محافظات إيرانية، وتسارعت وتيرتها في محافظة بلوشستان منذ مقتل 90 مواطنًا على يد القوى الأمنية خلال تصديها للاحتجاجات التي اندلعت في أيلول/ سبتمبر الماضي اعتراضًا على اغتصاب شرطي لفتاة صغيرة. وقد تنوعت تكتيكات الهجمات بين اشتباكات مسلحة قصيرة وعمليات اختطاف وعمليات اغتيال متنوعة، شملت قتل العميد "سيد هاشمي"، مسؤول استخبارات الحرس الثوري ببلوشستان في أيلول/ سبتمبر الماضي، وهذا يدرج الوضع ضمن التمردات منخفضة الحدة، ويغذيه شعور سكان بلوشستان بعدة مظالم، من أبرزها قسوة التعامل الأمني بحجة مكافحة التهريب والإرهاب، وتردي الوضع الاقتصادي، وغياب العدالة، والإحساس بالاضطهاد العرقي، ما يكفل للمجموعات المسلحة الناشطة في المنطقة مثل "جند الله" و"جيش العدل" روافد بشرية جديدة، تمكنهم من مواصلة شن هجمات ضد القوات الحكومية.
من جهة أخرى، فإن إشارة الحرس الثوري إلى فرار منفذي الهجوم الأخير إلى باكستان تعيد للواجهة الاتهامات الإيرانية للسلطات الباكستانية بإيواء عناصر بلوشية مسلحة على أراضيها، وهو ما كان محلًا للمباحثات في شباط/ فبراير الماضي خلال لقاء جمع وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، مع نظيره الباكستاني في قاعدة نورخان الجوية بباكستان. رغم ذلك، فقد نشر "جيش العدل" فيديوهات لتدريب العشرات من عناصره في المناطق الحدودية بين باكستان وإيران، وهو ما يشير إلى استفادته من وعورة المناطق الحدودية للإقليم، وإصراره على مواصلة نشاطه المسلح، والذي تقول السلطات الإيرانية إنه يحظى بدعم من أطراف إقليمية.
ولمواجهة ذلك، أشار موقع "إنتليجنس أونلاين" في الـ16 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري إلى سحب الحرس الثوري لبعض عناصره من سوريا، وكذلك مجموعات كاملة من "لواء زينبيون" المكون من ميليشيات باكستانية، و"لواء فاطميون" المكون من الهزارة الشيعة الأفغان، ونشرها في محافظة سيستان بلوشستان في محاولة لبسط السيطرة الأمنية ومواجهة الاضطرابات.
في السياق أيضًا، جاء تزايد وتيرة الهجمات المسلحة في بلوشستان وارتفاع وتيرتها، تزامنًا مع الانتقادات التي وجهها العالم السني البلوشي البارز، مولوي عبد الحميد زاهي، لتعامل السلطات الإيرانية مع سكان المحافظة خصوصًا، ومع الاحتجاجات التي تشهدها إيران عمومًا، وهو ما يشير إلى فشل طهران في امتصاص الغضب الشعبي بين المواطنين البلوش، وعدم نجاح سياسة العصا في فرض الاستقرار في منطقة حساسة قد تتحول إلى بؤرة استنزاف خطيرة تضعف قبضة السلطات الإيرانية، التي تعاني في مواجهة الاحتجاجات الشعبية في عموم البلاد والاضطرابات في المناطق الغربية ذات الغالبية الكردية.