الحدث:
أوعزت الفصائل الفلسطينية في سوريا لكوادرها بضرورة "منع" الاجتماعات واللقاءات والتواجد في المكاتب بعد توجيهات تلقتها بتعميم صادر من مكتب الأمن الوطني بذلك الخصوص. حيث تم بموجب التعميم منع المبيت أو فتح المكاتب السياسية والمقرات بعد الساعة الثانية ظهراً، ومنع التجمع خارج المكاتب في أماكن عامة أو خاصة، فضلاً عن منع حمل الأسلحة والذخائر حتى الفردية منها في السيارات. وذكرت الفصائل بأن هذه القرارات جاءت لأسباب أمنية، وخوفاً من أي استهداف "إسرائيلي" لهم، وحرصاً على سلامتهم، كما جاء في تعميم الأمن الوطني.
الرأي:
ينشط في سوريا حالياً قرابة 20 فصيلاً فلسطينياً، بعضها له وجود سياسي وعسكري، ولبعضها الآخر وجود سياسي فقط، وتختلف هذه الفصائل فيما بينها من عدة نواحي منها مصادر التمويل ودرجة الارتباط بالنظام السوري والفاعلية في الساحة الفلسطينية. وبحسب مصادر مطلعة فإن إدارة أمن الدولة أجرت اتصالات خلال الأسابيع الماضية مع قيادات بعض الفصائل والمسؤولين السياسيين، وطمأنتهم بأن تلك الإجراءات التي صدرت عن الأمن الوطني هي لحمايتهم وحماية مقراتهم وتجنب إلحاق الأذى بهم.
لكن من جانب آخر، قد يفسر هذا التعميم كتوجه لتحجيم دور هذه الفصائل وتقييد أعمالها في الساحة السورية، بما يتوافق مع محاولات الضغط على النظام السوري من بعض دول المنطقة لفك ارتباطه بمحور المقاومة وإضعاف النفوذ الإيراني في سوريا من خلال تقييد عمل الفصائل الفلسطينية التي ترتبط بإيران بشكل أو بآخر.
لكن في المحصلة، يأتي هذا القرار متوافقاً مع سياسة النظام السوري التي اتبعها منذ بداية الحرب في غزة بالتزام الحياد وعدم التدخل في المعركة، وفي ظل أن الساحة السورية ظلت بصورة عامة "خاملة" طوال الحرب، ولا توجد مؤشرات عن تجهيزات للفصائل الفلسطينية بخصوص تفعيلها كساحة مواجهة. وبالتالي يمثل هذا القرار خطوة شكلية من خلال إرسال رسالة بأن النظام السوري يحد من نشاط الفصائل الفلسطينية على أرضه للتخفيف من الاستهدافات التي صارت تطال أماكن حيوية ومدنية في قلب العاصمة دمشق وتزداد وتيرتها يوما بعد يوم، وبالمقابل سيستفيد النظام من هذه النقطة في التقرب من الدول العربية التي تضغط عليه بهذا الاتجاه أيضاً.