الحدث
أعلنت النيابة العامة في إسطنبول، أمس الثلاثاء، بالتنسيق مع جهاز المخابرات التركية ومديرية الأمن إلقاء القبض على 3 أشخاص بتهمة العمل لصالح الاستخبارات الإماراتية، حيث استخدموا رقماً تابعاً لشركة اتصالات تركية لإنشاء حسابات وهمية والتواصل مع شخصيات تعمل في مواقع حساسة داخل قطاع الصناعات الدفاعية، إضافة إلى هاتف مخصص لوزارة الخارجية التركية، وعدد من مسؤولي دول أجنبية، بهدف جمع بيانات وسير ذاتية عن موظفين في مواقع حساسة. ومن ثم أُلقي القبض على 3 أشخاص، فيما صدر قرار توقيف بحق مشتبه رابع لوجوده خارج تركيا. لاحقا، حذفت النيابة العامة اسم دولة الإمارات من البيان واكتفت بالإشارة إلى "دولة أجنبية"، كما أصدرت في اليوم التالي تنويها ينفي صلة الإمارات بالمشتبه بهم في القضية.
الرأي
لا شك أن إعلان اسم الإمارات رسمياً في القضية، والذي على الأرجح لم يكن مجرد خطأ، ثم حذفه لاحقا، يوضح طبيعة العلاقات بين البلدين التي بالرغم من تطورها خلال السنوات الماضية إلا أنها مازالت تستند إلى رصيد كبير من تراجع الثقة والعداء، ولا يمنع من استمرار تباين المصالح في عدة ملفات.
ويرتبط توقيت الإعلان مع تواتر أنباء عن دعم الإمارات لقوات سوريا الديمقراطية للنكاية في الحكومة السورية الجديدة وابتزازها لتسليم المعارض الإماراتي جاسم الشامسي المحتجز في دمشق بطلب من الإنتربول، وهو ملف تعتبره أنقرة تهديدًا لأمنها القومي لارتباط قسد بحزب العمال الكردستاني. وبالتالي يمثل الإعلان رسالة لأبوظبي بأن تخطيها للخطوط الحمراء التركية سيؤدي إلى رد خارج الإطار المعتاد.
كذلك يبعث الإعلان عن ضبط الخلية رسالة واضحة بأن الأجهزة الأمنية التركية تتعامل بدقة وحزم مع حماية قطاعها الدفاعي. ومن المرجح أن تسجيل محاولة اختراق لقطاع تركي حساس سيجعل أنقرة أكثر حذرًا في التعامل مع أبوظبي، خاصة بخصوص نقل التكنولوجيا العسكرية، وقد تعمل على إعادة تقييم وتيرة التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين، وإن كان هذا لا يبدو مرجحاً، خاصة بعد أن احتوت النيابة العامة المسألة ونفت صلة الإمارات بالقضية برمتها لمنع تطور المسألة إعلامياً أو دبلوماسياً، وبالتالي من المرجح أن تكتفي أنقرة بالقنوات الخلفية غير المعلنة.