"حزب الله" يرد على مقتل "شكر" بهجوم نوعي محدود خوفًا من الانزلاق إلى حرب إقليمية

الساعة : 16:15
26 أغسطس 2024

الحدث:

شنّ "حزب الله" هجومًا جويًا مُركّبًا أطلق خلاله أكثر من 320 صاروخًا من نوع "كاتيوشا"، استهدفت 11 قاعدة عسكرية ومرابض مدفيعة في منطقتي الجولان والجليل المحتلتين، تزامنًا مع إطلاق 20 مسيّرة انقضاضية أصاب عدد منها قاعدة "غليلوت" الاستخبارية التي تضم مقري "الموساد" والوحدة "8200" الاستخبارية، وفق ما أعلن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وذلك ردًا على عملية اعتيال القائد العسكري في الحزب، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت نهاية الشهر الماضي. بالمقابل، أعلن الجيش "الإسرائيلي" أن نحو 100 طائرة حربية نفذت "هجومًا استباقيًا" استهدف أكثر من 40 منطقة إطلاق قبيل بدء "حزب الله" تنفيذ هجومه، لافتًا إلى أن تلك الضربات "أحبطت هجومًا واسع النطاق للحزب بآلاف الصواريخ".

الرأي:

بعد أكثر من 25 يومًا من اغتيال القائد العسكري، فؤاد شكر، وعقب حركة دبلوماسية لافتة ونشطة تجاه بيروت كانت تحاول ثني "حزب الله" عن الرد أو توجيه رد مدروس لا يؤدي إلى مواجهة أوسع، جاء رد الحزب بشكل منفصل عن الرد الايراني المرتقب على اغتيال "إسماعيل هنية" في طهران، وعلى وقع تعثر جولة مفاوضات الدوحة والقاهرة حول الحرب في قطاع غزة.

وقد بدت عملية الرد "نوعية" من أكثر من جانب؛ ففي ظل حالة الترقب والاستنفار الكامل للجيش "الإسرائيلي" منذ اغتيال "شكر"، تمكن "حزب الله" من اختراق الدفاعات الجوية "الإسرائيلية"، كما اختار التركيز في رده على الأهداف العسكرية واستهدف هدفًا عسكريًا وأمنيًا نوعيًا واستراتيجيًا حساسًا دون مدينة "تل أبيب"، ليصل لأول مرة في عملياته إلى عمق 110كلم عن الحدود اللبنانية داخل حدود الكيان. بالمقابل، حاول الجيش "الإسرائيلي" الترويج لنجاحه في صد أوسع نطاقًا للحزب، من خلال استعراض قدراته الاستخبارية واستعادة صورة الردع المفقود على الحدود، عبر زعمه أنه اكتشف "مُسبقًا" تحركات واستعدادات الحزب والقيام بتوجيه ضربات جوية وصفها بالاستباقية.

وبالنظر إلى ما أعقب العملية من تصريحات، فمن الواضح أن ملف الرد على اغتيال "شكر" يكاد يكون قد أُغلق؛ فقد أعلن الحزب عن انتهاء المرحلة الأول لرده وأنه سينظر إلى رد فعل العدو لينظر في إمكانية استئناف الرد أو الاكتفاء بما تم تنفيذه. في الوقت نفسه، سارعت "تل أبيب" إلى إعلان أنّ العمليّة العسكريّة من جانبها قد انتهت، وأن الأمر يعود إلى "حزب الله"، فضلًا عمّا كشفته مصادر دبلوماسية أن الطرفين تبادلا رسالة رئيسية تعتبر أن تبادل القصف المكثّف قد "انتهى"، وأن أيًّا من الجانبين لا يريد حربًا شاملة.

بناءً على ذلك، فإن المواجهة بين "حزب الله" و"إسرائيل" أصبحت تتجّه نحو رسم قواعد اشتباك تتوسّع شيئًا فشيئًا، من حيث نوعية وطبيعة الأهداف والعمق الجغرافي، لكن دون مستوى الحرب الشاملة. وبالتالي، فإن الوضع على جبهة جنوب لبنان سيستمر على وتيرته هذه في الأجل القصير على الأقل، من خلال مواصلة "إسرائيل" ضرباتها وعمليات الاغتيال، بشكلٍ موازٍ مع استمرار "حزب الله" في عمليات الإسناد دون استبعاد أن تتخلله موجات تصعيد بين الفينة والأخرى.