عملية "مخيمات الصيف" العسكرية "الإسرائيلية" تنذر باندلاع انتفاضة في الضفة وتثير مخاوف السلطة والأردن

الساعة : 15:30
29 أغسطس 2024
عملية

الحدث:

أعلن الاحتلال "الإسرائيلي"، في وقت متأخر من ليل الثلاثاء الماضي، بدء عملية عسكرية واسعة لكافة مناطق ومدن ومخيمات شمال الضفة الغربية من عدة محاور، أطلق عليها اسم "مخيمات الصيف"، فيما أفادت وسائل إعلام عبرية بأن العملية يشارك فيها سلاح الجو وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" وقوات المستعربين، إضافةً للطائرات المقاتلة لمساندة القوات على الأرض. بالمقابل، قرر رئيس السلطة، محمود عباس، قطع زيارته إلى السعودية والعودة لمتابعة آخر تطورات العدوان على شمال الضفة؛ والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 18 فلسطينيًا وإصابة واعتقال العشرات، وفرض الحصار على مخيمات نور شمس وجنين والفارعة، والتدمير الممنهج للبنى التحتية بها وقطع الكهرباء والإنترنت عنها.

الرأي:

تأتي عملية "مخيمات الصيف" بعد تحذيرات شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" من أن الوضع في الضفة يتجه إلى التصعيد، وربما بحجم انتفاضة ستتخلله عمليات تفجيرية داخل "إسرائيل". وقد سبق تحذير "أمان" تحذيرات من قبل جهاز "الشاباك" بأن الوضع الأمني في الضفة يتجه للتدهور منذ السابع من أكتوبر، على خلفية سياسة حكومة "نتنياهو" تجاه الفلسطينيين وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وقراهم. وبذلك فإن كل التقديرات الأمنية والاستخباراتية كانت تشير إلى مثل هذه العملية العسكرية الواسعة، لمنع تشكيل أي نواة لاندلاع انتفاضة جديدة قد تصل إلى داخل الخط الأخضر.

ولا شك أن صدمة الفشل الأمني والاستخباراتي في التنبؤ بعملية "طوفان الأقصى" قد ألقت بظلالها، على تقديرات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية "الإسرائيلية" التي اتجهت للتحذير من حدوث عمليات شمال الضفة تستهدف المستوطنات، على غرار هجوم السابع من أكتوبر، ومن ثم تحوّل الضفة لجبهة ثالثة رئيسية بموازاة الجبهتين الجنوبية والشمالية.

من جهة أخرى، فإن تطوير المقاومة لأساليبها في التصدي لاجتياح قوات الاحتلال الروتيني للمناطق الفلسطينية، دفع الاحتلال نحو رفع القيود على استخدام سلاح الجو في استهداف المقاومين في المخيمات. وبالتالي، فإن هذه العملية ترفع من مستوى التصعيد إلى درجة غير مسبوقة، ربما يفوق عملية "السور الواقي" عام 2002 التي نفذها الاحتلال لاستهداف المقاومة في الضفة. ويسعى الاحتلال من خلال هذا التصعيد إلى فرض وقائع أمنية جديدة على الضفة، وربما إعادة احتلال بعض المناطق، ومن المرجح أن تنتقل العمليات إلى أماكن جديدة داخل الضفة، سواء وسطها أو جنوبها في ظل توسيع الاحتلال لهجومه على شمالها.

كما تستهدف العملية "الإسرائيلية" ممارسة العقاب الجماعي للحواضن الاجتماعية شمال الضفة، على غرار حرب الإبادة التي يقوم بها الاحتلال في غزة؛ لذلك لجأ لتدمير البنى التحتية بشكل ممنهج وكبير شمال الضفة والأغوار، وفرض حصار على المخيمات والعمل على إخلاء السكان من تلك المناطق لمناطق أخرى يدّعي أنها إنسانية، وهو ما صرح به علنًا وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، أي محاولة تكرار نموذج غزة في ضرب واستهداف الحاضنة الشعبية.

على جانب السلطة الفلسطينية، فإن هذه العملية تضعها أمام مفترق طرق مجددًا؛ في ظل ضعف قدرتها على مواجهة الاحتلال أو هجمات المستوطنين. كما إنها ستزيد من التوترات بين "إسرائيل" والعديد من الدول، خصوصًا الأردن نظرًا للخشية من سيناريو التهجير التي تسعى لتنفيذه حكومة "نتنياهو"، والذي سيكون على حساب الأردن كوطن بديل.