تطورات الأجهزة الأمنية
مع بداية عمليات ردع العدوان التي قامت بها الإدارة العسكرية، أكد مصدر مقرب من الفصائل العراقية أن "الأسد اتصل هاتفياً بمسؤول عراقي رفيع المستوى دون ذكر هويته، وطلب منه تقديم المساعدة العسكرية بهدف إيقاف تمدد المسلحين"، لكن تقارير أكدت أن رئيس الوزراء العراقي رفض أي تدخل عراقي في سوريا. فيما طمأنت المجموعات المسلحة في سوريا، الحكومة العراقية، بأنها "لن تكون مصدرًا للقلق أو التوتر للعراق، وأنها ملتزمة وبتطوير وتعزيز علاقات التعاون الأخوي مع العراق لضمان استقرار المنطقة وتحقيق المصالح المشتركة للشعبين". وقد ترأس رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، بحث فيه مجمل الأوضاع الأمنية والمستجدات في المنطقة، خاصة ما يتعلق من أحداث في سوريا.
من جانبها، علّقت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، على رسائل الإدارة العسكرية السورية بالقول، إن "العراق لم ولن يتعامل مع أي جهة إرهابية ولا حوار وتواصل معهم بأي طريقة كانت مباشرة أو غير مباشرة". لكن بذات الوقت، أكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، عدم وجود أي نية للعراق بإرسال أي قوة عسكرية رسمية إلى سوريا.
في المقابل، كشف مصدر مطلع عن طلب أمريكي "غير معلن" من العراق، بتفادي استقبال أو تأمين مأوى لرموز النظام السوري السابق في ظل قناعة أمريكية بأن 70% منهم لايزالون في الأراضي السورية ". كما كشف المصدر عن تقديم الولايات المتحدة تعهد ضمني للعراق، لتبديد مخاوفهم من طبيعة المتغيرات المتسارعة في سوريا ودفعهم إلى عدم الانخراط بها بشكل يؤدي إلى تصادم ناري مباشر.
بموازاة ذلك، قام وفد عراقي برئاسة رئيس جهاز المخابرات "حميد الشطري" بزيارة العاصمة السورية دمشق للقاء الإدارة السورية الجديدة، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من تكليفه برئاسة الجهاز من قبل "السوداني"، الذي قام كذلك بتكليف "عمر الوائلي" برئاسة هيئة المنافذ الحدودية. يذكر أن حميد الشطري سبق أن شغل رئاسة جهاز الأمن الوطني.
من جهته، التقى مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، السفير الفرنسي في بغداد، باتريك دوريل لبحث الأوضاع في سوريا ومخيم الهول، كما قام الأعرجي بزيارة إلى المغرب التقى خلالها وزير الخارجية المغربي وعدد من المسؤولين هناك للتباحث حول جملة من الملفات المشتركة وآخر التطورات التي تشهدها المنطقة. أما وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، فقد وصل إلى العاصمة التركيَّة، على رأس وفد رفيع، تلبيةً لدعوة رسمية من نظيره التركي علي يرلي قايا، لإجراء مجموعة من اللقاءات والاجتماعات لتعزيز العمل الأمني المشترك بين البلدين الجارين، ومناقشة تنفيذ تطبيق مذكرة التفاهم الأمنية بين البلدين.
وعلى صعيد التنقلات في المناصب الأمنية والداخلية، تسلَّم اللواء عدي سمير مهامه مديراً عاماً لمديرية المرور العامة من اللواء الحقوقي رعد مهدي عبد الصاحب، كما باشر اللواء عمار حيال مهام عمله مديراً لحماية الشخصيات بدلاً من اللواء محمد نعمة بالتزامن مع قرب إحالتهما للتقاعد لبلوغهما السن القانونية.
مستجدات الإجراءات الأمنية
· قامت أنقرة بنشر منظومات لردع "أسلحة الحرب الحديثة" في 6 مواقع داخل العراق، في إشارة إلى استخدام المسيرات من قبل مقاتلي حزب العمال.
· أغلقت السفارة العراقية مقرها في العاصمة السورية دمشق ونقلت موظفيها إلى لبنان، نتيجة الأحداث الأخيرة.
· أمر وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، بإيقاف التنقلات في تشكيلات الوزارة لغرض استقرار الملاكات.
· قررت "تنسيقية المقاومة العراقية" إغلاق ملف تواجدها داخل الأراضي السورية بشكل كامل، بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على سوريا.
· تلقت قيادة الأحزاب الكردية وحكومة إقليم كردستان تهديدات صريحة من التحالف الدولي، خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بضرورة توحيد قوات البيشمركة، حيث تضمنت التهديدات إيقاف التمويل عنها.
· أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن ما يزيد عن 2500 جندي أمريكي يتواجدون في العراق، وهو العدد الذي جرت العادة بالإعلان عنه، بالإضافة إلى بعض القوات "المؤقتة الداعمة"، ناهيك عن 2000 جندي أعلن عنهم في سوريا.
· كشفت وزارة الدفاع عن تغيير زي الجيش العراقي في ذكرى مرور 104 أعوام على تأسيسه في السادس من كانون الثاني 2025.
أبرز الأحداث الأمنية
· اجتاز الحدود العراقية السورية، أكثر من 2000 عنصر بين منتسب وضابط من الجيش السوري إلى العراق عبر منفذ القائم الحدودي، بعد عملية ردع العدوان. وبعد أيام قليلة، أعادت السلطات العراقية، 1950 منهم إلى سوريا، فيما فضَّل 130 البقاء بالعراق لأسباب غامضة.
· قامت قوة من أمن الحشد الشعبي بإغلاق مكتب لقوات "أبو الفضل العباس" التابعة لأوس الخفاجي، في منطقة الكرادة وسط بغداد، بسبب إطلاق استمارة تطوع للقتال خارج العراق.
· حدث إطلاق نار وفوضى في مقر فوج حماية رئيس البرلمان السابق (محمد الحلبوسي) وذلك بعد أن جاءت قوة من بغداد للبدء بإعادة هيكلة الفوج ومن ثم إرسالهم الى فوج مهمات. لاحقا، وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بتشكيل مجلس تحقيقي بحقهم.
· اعتقلت شرطة ديالى، شخصا قام بتمزيق صور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني السابق، قاسم سليماني، والنائب السابق لرئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس.
· اعتقلت الأجهزة الأمنية أشخاصاً قاموا برفع الأعلام الداعشية وكتابة عبارات مؤيدة للتنظيم في 3 حوادث في الأنبار وكركوك بالإضافة إلى العاصمة بغداد في الآونة الأخيرة.
· قُتل المدعو " أبو براء" وثلاثة من عناصر خليته في تنظيم داعش، بقصف من طائرات الـF16 في وادي الشاي بمحافظة كركوك، واثنان في منطقة حمرين في محافظة ديالى، أحدهما كان يرتدي حزاماً ناسفاً.
· تم اعتقال مسؤول في هيئة توزيع بغداد التابعة للشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية، بسبب انتمائه لجماعة "القربان" في محافظة النجف.
المؤشرات والاتجاهات الأمنية
· على الرغم من ميل بعض الفصائل العسكرية للتدخل لدعم النظام السوري، والضغوط الإيرانية على رئيس الوزراء العراقي، إلا أن السوداني استطاع مع أغلب الفصائل توحيد الموقف العراقي بتجنب التدخل، على الرغم من المخاوف المرتبطة بتداعيات هذا التغيير المفاجئ على العراق فيما يتعلق بإمكانية استفادة داعش.
· يشير كذلك موقف الفصائل العراقية المنضوية تحت الحشد الشعبي إلى المخاوف من أن تنتقل الضغوط الأمريكية على النفوذ الإيراني إلى استهداف المجموعات العراقية بعد حزب الله وإخراج إيران في سوريا. ولذلك، من المرجح أن تواصل الفصائل العراقية تجنب أي تصعيد يستفز الولايات المتحدة أو "إسرائيل"، خاصة في ظل حديث كبير عن ضغوط أمريكية بضرورة حل الحشد الشعبي والميليشيات الأخرى.
· الزيادة في عدد الجنود الأمريكان في العراق وسوريا تكشف مستوى الاستنفار الأمريكي في المنطقة على خلفية طوفان الأقصى والتصعيد بين إيران و"إسرائيل". وليس من الواضح إن كانت هذه التعزيزات ستتواجد لفترة أطول أم أنها ستبدأ بسحبها تدريجيا في الأجل القصير، كما أن هذه الزيادات ليس من الواضح إلى أي مدى تتعارض مع الاتفاقية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة.
· سجل نشاط داعش العسكري تراجعا خلال هذا الشهر بالتزامن مع الأحداث المشتعلة في سوريا. لكن مازال من المبكر قياس تداعيات التغيرات في سوريا على مجمل نشاط التنظيم في العراق وسوريا، وإن كان من المرجح أن الإدارة السورية الجديدة ستتعاون مع العراق والتحالف الدولي فيما يتعلق بالتصدي لخلايا داعش.