المصدر: جيويش إنستيتيوت فور ناشيونال سيكيوريتي أوف أميركا (JINSA)
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
تمهيد:
نشر "المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي" (JINSA) دراسة حول معضلة محور فلاديلفيا الواقع على الحدود بين مصر وغزة، والتي برزت مؤخرًا إثر سيطرة قوات الاحتلال على ذلك المحور، في مخالفة صريحة لاتفاقية "كامب ديفيد" المبرمة بين مصر و"إسرائيل". وقدمت الدراسة استراتيجية مذيّلةً بتوصيات لتأمين هذا المحور ومعبر رفح كذلك بما يضمن تحقيق مصالح "إسرائيل" الأمنية، وفي الوقت نفسه ضمان عدم إعادة حركة "حماس" تسليح عناصرها واستعادة قوتها في قطاع غزة. وقد قام "مركز صدارة للمعلومات والاستشارات" بترجمة هذه الدراسة بتصرف، مقدِّمًا للقارئ الكريم خلاصتها وما تضمنته من توصيات.
الملخص التنفيذي:
رغم أن أي اتفاق بين "إسرائيل" و"حماس" يُوصف غالبًا بأنه "صفقة رهائن" أو "وقف إطلاق نار"، لكن الاتفاق الحالي يجب أن يفعل أكثر من مجرد تحديد الترتيبات اللوجستية لإعادة الأسرى لدى الحركة في غزة، أو الشروط التي ستسمح بإسكات الأسلحة أخيرًا. كما يجب أن يتضمن أي اتفاق تقبل به "إسرائيل" شروطًا أمنية أساسية تضمن عدم تمكن "حماس" من إعادة تسليح عناصرها واستعادة قوتها في القطاع. وستكون الترتيبات الأمنية الخاصة بمحور فيلادلفيا، المنطقة العازلة التي تمتد حوالي ثمانية أميال على طول الحدود المصرية مع غزة، ومعبر رفح (نقطة التفتيش الرئيسة على الحدود)، والذي استخدمته "حماس" عبر سنوات لتهريب الأسلحة والبضائع، أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق هذا الهدف.
إن الإجراءات الأمنية اللازمة لمنع عودة حماس ستتطلب بالضرورة موافقة ودعم القاهرة، رغم أن مصر، قبل السابع من أكتوبر، فضّلت (في أفضل الأحوال) أن تغض الطرف عن التهريب إلى غزة بدلًا من التعاون علنًا مع "إسرائيل" لوقفه. لذلك، فإن التوصل لاتفاق جيد في غزة والاحتفاظ به لن يعتمد فقط على الضغط على "حماس"، لكنه سيعتمد أيضًا على درجة تعنت أو تعاون مصر.
في هذا الإطار، لا ينبغي اعتبار تصريحات المسؤولين "الإسرائيليين" بأن ممر فيلادلفيا يمثل "تهديدًا وجوديًا" لـ"إسرائيل" مجرد مبالغة؛ فقد صرح نتنياهو، بأنه إذا انسحبت "إسرائيل" من هذ الممر، فإنها "ستواجه ضغوطًا دبلوماسية هائلة من العالم كله لعدم العودة". وبالتالي، دون إجراءات أمنية فعالة تضمن عدم دخول أسلحة وأموال ومواد خام عبر هذا الممر ومعبر رفح، مع السماح بدخول البضائع الإنسانية والتجارية، فإن "إسرائيل" تخاطر بمواجهة جديدة مع "حماس"، وبنجاحها التكتيكي في تفكيك قدرات الحركة المدعومة من إيران. ولضمان ذلك، يجب تأمين الممر من خلال اتخاذ إجراءات مادية وتكنولوجية قوية على الجانبين، مثل تركيب حواجز محصنة فوق وتحت الأرض، وكاميرات، ومجموعات رادار، وأجهزة استشعار، وأبراج مراقبة، وتكنولوجيا متقدمة للرصد والكشف، إضافةً إلى نظام أمني قوي يشمل إشرافًا من طرف ثالث، مثل الولايات المتحدة و/أو الاتحاد الأوروبي، مع دور محدد لـ"إسرائيل".
كل هذه الإجراءات ستتطلب دعمًا ومشاركة من مصر؛ ولضمان ذلك يجب فهم الديناميكيات المعقدة التي تحرك مصر؛ فالأحداث التي سبقت السابع من أكتوبر تشير إلى أن مصالح واستراتيجية القاهرة لا تتوافق دائمًا مع احتياجات "إسرائيل" الأمنية في ممر فيلادلفيا. ورغم أن مصر، بعد السابع من أكتوبر، أصبحت لديها مصلحة استراتيجية قوية في تأمين حدودها مع غزة، لمنع التهديد الأمني لأراضيها وأي تدفق محتمل لسكان غزة وعودة جماعة الإخوان المسلمين داخل حدودها، لكنها في الوقت نفسه، تخشى بشكل مبرر من إثارة الاضطرابات الداخلية من خلال التعاون العلني مع "إسرائيل"، ما يقوّض صورتها كمدافع عن القضية الفلسطينية.
وللتغلب على هذه المفارقة، ستكون هناك حاجة لأدوات السياسة الأمريكية والقيادة الدبلوماسية لحث مصر على التعاون مع "إسرائيل" لتلبية احتياجاتها الأمنية، وسيتطلب هذا قيادة دبلوماسية أمريكية لضمان تركيب مصر مزيدًا من الحواجز ضد التهريب ومعدات الكشف والمراقبة المزودة بتكنولوجيا متقدمة. كما يجب على مصر أن توقف بشكل حاسم أي محاولات لاختراق الممر، من قبل الميليشيات القبلية أو أفراد الأمن المصريين أو أي جهات أخرى، سواء فوق الأرض أو تحتها لأغراض التهريب أو الأنشطة الإرهابية. وأخيرًا، يجب أن تقدم مصر التزامًا صريحًا بالسماح لحرية عمل "إسرائيل" على الجانب الغزي من الممر، للرد على أي تهديد عبر التهريب أو الإرهاب.
من جهتها، ستحتاج الولايات المتحدة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان موافقة مصر على هذه الشروط، مثل التهديد بحجب المساعدات العسكرية والوعود بزيادة المساعدات الاقتصادية، لضمان تعاونها. كما يجب أن يكون المفاوضون الأمريكيون على دراية بأهمية قدرة مصر على إنكار التعاون المباشر مع "إسرائيل" لتخفيف ردود الفعل الداخلية؛ فقد تقدّر مصر الضغوط العلنية من الولايات المتحدة، ما يمكّن قادتها من الحفاظ على مظهر الإنكار وإلقاء اللوم في ذلك على الضغط الأمريكي. كما إن إشراك أطراف ثالثة، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كوسيط بين "إسرائيل" ومصر في مراقبة الحدود وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار قد يساعد في تخفيف مخاوف مصر من التعاون المباشر مع "إسرائيل". بموازاة ذلك، لا ينبغي اختزال علاقة مصر مع كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل" في قضية ممر فيلادلفيا فقط؛ فرغم أهمية هذه القضية وأولويتها الملحة، فإن تأمين الحدود بين غزة ومصر وتعاون مصر في ذلك يجب أن يكون مرتبطًا بتعزيز دور مصر في الهيكل الإقليمي الأوسع.
تحوّل السياسة المصرية تجاه "حماس"
أعادت مصر تقييم موقفها من "حماس" عام 2017 بسبب تدهور الوضع الأمني في سيناء وتصاعد تهديدات تنظيم"داعش"؛ حيث اختارت القاهرة تحسين علاقتها مع الحركة لاستخدامها في مكافحة الإرهاب وفصلها عن جماعة "الإخوان المسلمين"، كما سعت لتعزيز دورها كوسيط في القضية الفلسطينية وزيادة نفوذها لدى واشنطن. وقد تمثل هذا التحول في إعادة تصنيف "حماس" كـ "حركة مقاومة" والسماح بزيارات رسمية لقيادتها إلى القاهرة، مع تعزيز التعاون الأمني بين الطرفين. كما خففت مصر القيود على نقل المساعدات وسمحت بفتح معبر رفح بشكل منتظم، ما منحها نفوذًا أكبر على "حماس" وحقق مكاسب اقتصادية للبعض.
ورغم أن القاهرة واصلت إنكار دعمها لأي تهريب أسلحة، إلا أن الجيش "الإسرائيلي" اكتشف مئات الأنفاق الممتدة إلى مصر، ما مكّن "حماس" من تهريب الأسلحة وجمع مئات الملايين من الدولارات عبر فرض ضرائب على السلع المهربة. ورغم أن مصر أنشأت تحالفًا من القبائل البدوية لمواجهة "داعش"، لكن هذه القبائل عادت لممارسة التهريب، ما خلق بيئة مؤاتية للفساد المؤسسي بين بعض المسؤولين الأمنيين؛ وعليه فهناك ثلاثة احتمالات لدور مصر في تسليح "حماس":
· عمليات تهريب دون علم الأجهزة الأمنية
· تهريب بتواطؤ مسؤولين فاسدين
· تجاهل مقصود من قبل الأجهزة الأمنية
رغم ذلك، لا يوجد دليل على دعم رسمي مصري لـ"حماس"؛ إذ إن ذلك لا يخدم مصالحها الأمنية، خاصة مع استمرار اعتبار الحركة تهديدًا لمصر. ومن المرجح أن بعض العناصر الأمنية المصرية في مستوى أدنى غضت الطرف عن التهريب، سواءً ضمن تفاهم غير رسمي مع "حماس" أو نتيجة الفساد المؤسسي، ما أتاح للقاهرة إنكار دورها عند التفاوض مع "إسرائيل" والولايات المتحدة.
احتياجات "إسرائيل" الأمنية على الحدود بين غزة ومصر
لقد أسهم التهريب عبر الحدود المصرية، فوق الأرض وتحتها، في تمكين "حماس" من تجهيز نفسها وتمويل عملياتها استعدادًا لهجوم السابع من أكتوبر، لذلك تسعى "إسرائيل" لضمان القضاء بشكل كامل ونهائي على هذه القنوات. وقد فتحت إنجازات "إسرائيل" في غزة وخارجها، خاصة ضد "حزب الله" وإيران، فرصة لفرض ترتيبات أمنية جديدة على طول محور فيلادلفيا ومعبر رفح، لضمان عدم إعادة تسليح "حماس". ولتحقيق ذلك، يتعين على الولايات المتحدة ممارسة ضغوط دبلوماسية على مصر لضمان تبنيها تلك الترتيبات الأمنية التي تلبي احتياجات "إسرائيل"، وينبغي أن تشمل الاستراتيجية الشاملة تدابير أمنية مستقبلية لممر فيلادلفيا ومعبر رفح، إضافةً إلى ضبط الوضع الأمني في سيناء. ويرى أحد مؤلفي هذا التقرير، الذي عمل لسنوات مع نظرائه العسكريين المصريين في قضايا الأمن، أن قوة هذه الترتيبات أو ضعفها ستكون عاملًا حاسمًا في تحقيق سلام دائم وإبقاء غزة منزوعة السلاح.
ممر فيلادلفيا:
قد تنعكس الإنجازات "الإسرائيلية" في غزة سلبًا بمرور الوقت إذا لم يحدث تحوّل جذري في الترتيبات الأمنية السابقة، التي جعلت ممر فيلادلفيا معبرًا شديد الخطورة فوق الأرض وتحتها. كما تخشى السلطات "الإسرائيلية" من إمكانية استغلال الممر من قبل الإرهابيين للتسلل إلى مصر ومن ثم إلى جنوب "إسرائيل" لتنفيذ هجمات مشابهة لهجوم السابع من أكتوبر. ووفقًا لتقرير صادر عن فريق "Gaza Futures Task Force" في شباط/ فبراير 2024 بعنوان "اليوم التالي: خطة لغزة"، فإن "تفكيك القدرات العسكرية لحماس بشكل دائم لا يمكن أن ينجح دون تعزيز الجهود بشكل كبير لوقف تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية من مصر إلى غزة".
ولتلبية الحد الأدنى من المتطلبات الأمنية "الإسرائيلية" لممر فيلادلفيا، يجب تنفيذ الإجراءات التالية:
· إشراك أطراف خارجية لضمان الأمن، مثل الولايات المتحدة أو شركاء أوروبيين.
· وجود إشراف "إسرائيلي" مباشر أو غير مباشر.
· ضمان حرية "إسرائيل" في التحرك على الجانب الغزي من الحدود حال وجود أي تهديد، عبر اتفاق رسمي مع مصر والولايات المتحدة.
· تعزيز التحصينات المادية؛ مثل بناء جدار أو تركيب مستشعرات متطورة فوق وتحت الأرض.
· استخدام التكنولوجيا المتقدمة للكشف عن الأنفاق، بما في ذلك مستشعرات قادرة على رصد تغيرات التربة والموجات الصوتية الناتجة عن الحفر.
معبر رفح:
يتطلب منع إعادة بناء قوة "حماس" اتخاذ تدابير جديدة لمنع تهريب المواد والأفراد عبر معبر رفح؛ وينبغي أن تشمل الترتيبات المطلوبة:
· تعزيز الشفافية من خلال تدابير رقابية صارمة، مثل وصول البيانات والصور إلى مركز مراقبة مركزي.
· إشراف "إسرائيلي" مباشر على عمليات تفتيش البضائع.
· إنشاء مجموعة عمل تشمل، على الأقل، مصر و"إسرائيل" والولايات المتحدة، وربما مسؤولين أوروبيين وفلسطينيين، لوضع بروتوكولات واضحة لحل أي مشكلات أمنية.
شبه جزيرة سيناء:
إن التركيز على أمن الحدود المصرية-الغزية ضروري، لكن يجب ألا يكون على حساب ضبط الوضع الأمني في سيناء بشكل عام؛ فبغض النظر عن الطرف المسيطر على الحدود ومعبر رفح، ينبغي على المؤسسة الأمنية المصرية احتواء أي عناصر مارقة داخل أجهزتها (المخابرات العامة، قوات حرس الحدود، وزارة الداخلية)، ومنع الميليشيات البدوية من إعادة إنشاء اقتصاد التهريب غير المشروع. كما يجب أن تترافق الإجراءات الأمنية المشددة على ممر فيلادلفيا مع جهود مصرية حقيقية، وليس مجرد وعود، للقضاء على البنية التحتية للتهريب في سيناء؛ إذ إن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى عودة التهريب عبر الحدود كما كان الحال في السنوات السابقة.
المعضلة الأمنية الجديدة: التوازن الحساس لمصر بعد 7 أكتوبر
لم تتغير الحسابات الأمنية المصرية كثيرًا بعد هجوم السابع من أكتوبر، لكنها أصبحت تواجه معضلة جديدة؛ تحقيق توازن بين التعاون الأمني مع "إسرائيل" لتأمين الحدود المصرية-الغزية وبين الخوف من إثارة اضطرابات داخلية بسبب التصورات الشعبية بأن الحكومة متعاونة أكثر من اللازم مع "إسرائيل". وهذا التعقيد قد يعرقل جهود التوصل لاتفاق أمني في غزة يخدم مصالح "إسرائيل"، ما لم تتدخل الولايات المتحدة لدعم هذه الجهود دبلوماسيًا. وتتثمل إحدى المخاوف الرئيسية لمصر في التدفق المحتمل للاجئين الفلسطينيين، والذي قد يهدد اقتصادها الهش، كما حدث في كانون الثاني/ يناير 2008 عندما اجتاح مئات الآلاف من الفلسطينيين الحدود إلى مصر، ما أدى لاضطرابات واسعة في سيناء وارتفاع التضخم ونقص الغذاء والوقود. كما تخشى مصر من أن يؤدي تعزيز "حماس" إلى تنشيط جماعة "الإخوان المسلمون" داخل أراضيها؛ فأي تدفق للاجئين الفلسطينيين، خاصة إذا كانوا من أنصار الإخوان، قد يشكل تحديًا سياسيًا كبيرًا لنظام "السيسي".
وبسبب هذه المخاوف، عززت مصر إجراءاتها الأمنية في الأشهر الأولى من الحرب؛ فأنشأت جدارًا حدوديًا جديدًا ومنطقة عازلة على جانبها من الحدود. ومع ذلك، فإن الحكومة المصرية تخشى أن يُنظر إليها على أنها تتعاون بشكل مفرط مع "إسرائيل"، ما قد يضر بعلاقاتها الإقليمية ويدفعها لتجنب أي تحركات قد تؤدي لردود فعل داخلية سلبية. بالمقابل، تشير بعض التقارير إلى أن الموقف المصري المعلن قد يكون موجّهًا للاستهلاك المحلي وأنه لا يعكس بالضرورة موقفه الحقيقي؛ حيث أظهر مسؤولون مصريون استعدادهم للتعاون مع الولايات المتحدة لبناء حاجز تحت الأرض في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار، كما قيل إنهم وافقوا نظريًا على تركيب مستشعرات مراقبة على الحدود.
لكن التناقض بين المواقف العلنية والرسائل الخاصة من القاهرة قد يعكس انقسامات داخل الأجهزة الأمنية المصرية حول أفضل السبل للتعامل مع الوضع؛ فبعض العناصر داخل المؤسسة الأمنية المصرية سهلت ضمنيًا عمليات التهريب التي عززت "حماس" في السنوات الست التي سبقت السابع من أكتوبر، وهؤلاء لديهم مصلحة في استئناف عمليات التهريب في أي سيناريو مستقبلي. ولضمان منع إعادة تسليح "حماس" تحتاج الولايات المتحدة و"إسرائيل" للتأكد من أن العناصر الأمنية المصرية الراغبة في العودة إلى الوضع السابق لا تحقق غايتها، وذلك عبر تشجيع القاهرة (بوسائل مختلفة) على التعاون مع الاحتياجات الأمنية "الإسرائيلية"، مع توفير حلول دبلوماسية تمكّن مصر من الحفاظ على إنكار مقبول وتجنب الإضرار بصورتها الداخلية.
استنتاجات وتوصيات:
· ضرورة المشاركة الأمريكية الفعلية
يجب أن تتعامل أي صفقة لوقف إطلاق النار والترتيبات اللاحقة فيما يتعلق بقطاع غزة مع المخاوف الأمنية المشروعة لـ"إسرائيل" بشأن ممر فيلادلفيا؛ حيث سيكون التفاعل الأمريكي الثابت، بما في ذلك المشاركة بدور على الأرض، ضروريًا لضمان خلق واقع يمنع "حماس" من إعادة بناء نفسها كما حدث بعد اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة. ويتطلب ذلك من صناع السياسة الأمريكيين الاعتراف بمجموعة من المبادئ الرئيسية والأدوات السياسية لإقناع مصر، أو إجبارها إذا لزم الأمر، بالامتثال الكامل لنظام أمن الحدود بينها وبين غزة الذي يلبي متطلبات "إسرائيل" الأمنية ويمنع "حماس" من إعادة التسلح، وتشمل هذه الأدوات:
- تعزيز العلاقات العسكرية لخلق ظروف تُفضي إلى مزيد من التبادل المعلوماتي
- فهم حاجة مصر لموازنة قراراتها مع ردود الفعل الداخلية
- إعادة تقييم مستويات المساعدات الخارجية الأمريكية لمصر
- ضمان إنهاء أي تواطؤ مصري في التهريب عبر الحدود
- الحفاظ على تركيز الاهتمام على ممر فيلادلفيا في الكونغرس والإدارة الأمريكية.
· البناء على الأسس السابقة
- لا تحتاج كل من مصر والولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى البدء من الصفر في ترتيبات الحدود المستقبلية؛ حيث توفر الاتفاقيات السابقة بين مصر و"إسرائيل"، مثل معاهدة السلام لعام 1979 واتفاقية عام 2005، أساسًا يمكن البناء عليه. كما إن الاتفاقية الموقعة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 سمحت لمصر بزيادة وجودها العسكري على الحدود، ومع ذلك يجب أن تشمل الترتيبات المستقبلية إشرافًا دوليًا قويًا لمنع التهريب.
- بموازاة ذلك، يُعتبر كل من ممر فيلادلفيا ومعبر رفح عنصرين لا غنى عنهما لنزع سلاح غزة وتحقيق أمن "إسرائيل"؛ وعليه فإن الترتيبات القادمة يجب أن تشمل التزامات قوية من مصر مع إشراف دولي، لمنع "حماس" من إعادة بناء قوتها، كما يجب أن تتجاوز هذه الإجراءات منع تهريب الأسلحة، وأن تشمل فحصًا دقيقًا لما يدخل غزة من بضائع وأشخاص.
· ترتيب إجراءات مادية وتكنولوجية ودبلوماسية
- يجب على مصر، بدعم من التكنولوجيا "الإسرائيلية" والإشراف الأمريكي، تركيب حواجز فوق الأرض وتحتها وأجهزة استشعار وكاميرات ورادارات على طول ممر فيلادلفيا، كما يجب أن تشمل هذه الإجراءات زيادة عدد أبراج المراقبة ونقل بيانات الكاميرات إلى مركز عمليات مشترك بين مصر والولايات المتحدة. كما يجب أن يسمح أي اتفاق مستقبلي لـ"إسرائيل" بالتدخل العسكري إذا تم اكتشاف أنفاق أو قنوات تهريب؛ ويمكن أن يتم ذلك من خلال ترتيبات سرية، مثل رسالة جانبية لاتفاق وقف إطلاق النار، تؤكد دعم الولايات المتحدة لحرية عمل "إسرائيل".
- من ناحية أخرى، يجب على الولايات المتحدة الضغط على مصر لدعم إنشاء محطة دولية في معبر رفح تحت إشراف طرف ثالث مثل الاتحاد الأوروبي، مع دور استخباراتي "إسرائيلي" خلف الكواليس، بحيث تشمل الترتيبات إجراءات واضحة لمنع دخول المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى غزة.
- من جهتها، يجب أن تشارك مصر في الهيكل الأمني الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة، بما في ذلك مكافحة هجمات الحوثيين على الشحن البحري وتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع "إسرائيل". كما يجب أن تعمل الولايات المتحدة مع مصر و"إسرائيل" لوضع ترتيبات أمنية طويلة الأجل لممر فيلادلفيا ومعبر رفح، لضمان استقرار الحدود وحماية المصالح المشتركة.