سبعة عوامل أطالت أمد الحرب في غزة وحالت دون تحقيق أهدافها

الساعة : 15:25
3 يوليو 2025
سبعة عوامل أطالت أمد الحرب في غزة وحالت دون تحقيق أهدافها

المصدر: ذا ميديا لاين

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

بينما عاد الحديث مجددًا عن وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" و"حماس"، وسط ضغوط أمريكية ودعوات إسرائيلية لوقف الحرب، يلوح سؤال كبير في الأفق، وهو: إذا كانت "إسرائيل" استطاعت تحقيق الأهدافها المرجوة من حربها ضد "حزب الله" وإيران بسرعة، فما الخطأ الذي حدث في غزة، ولماذا طال أمد الحرب دون تحقيق الأهداف، خصوصًا الأهداف الأساسية مثل القضاء على حماس عسكريا وسياسيا؟

وفقًا للخبراء، فإن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في سبعة اختلافات رئيسية بين الحرب في غزة والصراعات الأخرى التي خاضتها "إسرائيل" في الأشهر والسنوات الأخيرة:

1-     أكثر من مجرد أهداف عسكرية:

إن أحد الأهداف المعلنة للحرب في غزة هو تدمير الجناحين العسكري والمدني لحركة "حماس"، وهذا يختلف مع أهداف "إسرائيل" المحدودة في حملاتها الأخيرة ضد "حزب الله" وإيران. فمن جهته، يقول "أدي شوارتز" (من معهد "ميسغاف") إن "هذا الهدف أوسع بكثير" من الأهداف في لبنان أو إيران، والتي تركز فقط على الأهداف العسكرية. أما في غزة، فقد شرعت "إسرائيل" في تفكيك البنية التحتية الحاكمة بأكملها، العسكرية والسياسية، وقد نجحت إلى حد ما في إضعاف "حماس" وصد عملياتها، على غرار ما حققته مع "حزب الله" والقدرات النووية لإيران، لكن على عكس الحالتين الأخيرتين، ما زالت "حماس" تسيطر على السكان في القطاع.

2-     السابع من أكتوبر غيّر كل شيء:

منذ السابع من أكتوبر 2023، أصبح "الإسرائيليون" يفهمون جيدًا التهديد الفعلي الذي تشكله "حماس". وعلى عكس المعارك الأخيرة الأخرى التي خاضتها "إسرائيل"، فإن هجوم السابع من أكتوبر جعل هذه الحرب شخصية ووجودية للغاية؛ وتوضيحًا لذلك قال "شوارتز": "إنها حرب شاملة". وبالتالي، فإن الأمر لا يتعلق بالانتقام فحسب؛ إذ لا يمكن لـ"الإسرائيليين"، خصوصًا أولئك الذين يعيشون في الجنوب، استئناف حياتهم بأي شعور بالأمن حتى يقتنعوا بأن "حماس" لا تستطيع إعادة تنظيم صفوفها وشن هجوم آخر، فما زال هاجس السابع من أكتوبر يسيطر على النفسية الوطنية.

3-     معضلة الأسرى:

منذ اليوم الأول لحرب غزة، اضطرت "إسرائيل" إلى العمل في ظل قيود كبيرة بسبب احتجاز الأسرى في القطاع؛ إذ قال "شوارتز": "كانت هناك أحياء ومدن معينة حرصت إسرائيل على عدم مهاجمتها أو قصفها، لأن الجيش كان يعتقد أن الأسرى محتجزون هناك، وإذا كنا نعرف ذلك فمن الواضح أن حماس كانت تعرفه أيضًا. وهذا يعني أنه يمكنهم التمسك بهؤلاء الأسرى في هذه المناطق حيث يمكنهم مواصلة القتال"، وأشار "شوارتز" إلى أن وجود الأسرى نوع من "الغطاء الأمني" للحركة.

من جانبه، وافق الجنرال (احتياط)، أمير أفيفي، من منتدى الدفاع والأمن "الإسرائيلي"، على ذلك، وقال إنه كان هناك توتر مستمر بين هدفين رئيسيين: إعادة الأسرى والقضاء على "حماس"، مضيفًا أنه في بعض الأحيان كانت هذه الأهداف في صراع مباشر، بالضبط للأسباب التي وصفها "شوارتز". ومع ذلك، قال "أفيفي" إنه إذا كان وقف إطلاق النار المؤقت يمكن أن يعيد أكبر عدد ممكن من الأسرى، فيجب على "إسرائيل" اغتنام هذه الفرصة، حتى لو أطالت المهمة العسكرية ضد "حماس"، طالما تم الحفاظ على هذا الهدف. كما أوضح "أفيفي": "الفكرة هي أن يبقى الجيش في موقعه، ولا يتراجع، فلدينا وقف لإطلاق النار ثم نواصل، إذا تراجعنا وأعادوا تجميع صفوفهم في المناطق التي سيطرنا عليها بالفعل، فهذه مشكلة".

4-     الأنفاق ثم الأنفاق ثم الأنفاق:

تختلف محاربة "حماس" اختلافًا جوهريًا عن شن غارات جوية على إيران أو حتى شن غزو بري ضد "حزب الله"؛ فأحد الأسباب الرئيسية هو نظام أنفاق "حماس" المعقد وواسع النطاق. فقد بنت الحركة أكثر من 200 ميل من الأنفاق تحت الأرض، كثير منها معزز بالخرسانة والحديد، ما أدى لإنشاء ساحة معركة خفية أدت لتعقيد عمليات "إسرائيل" بشكل كبير.

بدوره، أوضح "أفيفي" أن هذه الأنفاق قد استُخدمت لأغراض متعددة؛ مثل إخفاء الأسرى وتخزين مئات الصواريخ وقذائف "آر بي جي" والعبوات الناسفة، وتوفير غطاء لمقاتلي الحركة. كما حيدت الأنفاق العديد من مزايا ساحة المعركة للجيش "الإسرائيلي"؛ مثل جمع المعلومات الاستخبارية والغارات الجوية الدقيقة ووحدات القتال المدرعة المتقدمة؛ فقد ذهب العدو حرفيًا تحت الأرض، ما جعل من الصعب استهدافه وهزيمته.

5-     لا دولة ولا قواعد:

من التحديات الأخرى في غزة غياب أي شريك شرعي؛ ففي لبنان إذا كان حوالي ثلث السكان شيعة ويؤيدون "حزب الله"، فإن ثلثًا آخر مسيحيون، وثلثًا مسلمون سنة، وهذا التنوع يسمح بمستوى معين من التوازن السياسي الداخلي. كما إن "هناك حكومة في لبنان تحاول"، على حد قول "شوارتز"، الذي يضيف: "لا نعرف بعد إذا كانوا سينجحون أم لا، لكن على الأقل لديك شخص تعمل معه داخل لبنان لمحاولة كبح عمليات حزب الله". على النقيض من ذلك، لا تتوفر في غزة مثل هذه الفرصة؛ كما يوضح "شوارتز": "في قطاع غزة، لديك ما يقرب من 100% من السكان مؤيدون لحماس أو على الأقل يشاركونها في الأيديولوجية".

علاوةً على ذلك، وعلى عكس لبنان أو إيران، لا تقاتل "إسرائيل" دولة؛ بل تقاتل جيبًا ساحليًا يحكمه كيان لا يلتزم بقواعد الحرب. وكما قال الباحث في مركز "موشيه ديان"، هاريل تشوريف: "هناك فرق كبير بين الحرب ضد دولة والحرب ضد منظمة؛ فمنذ البداية، أخطأ الناس في مقارنة حرب يوم الغفران عام 1973 أو حرب الأيام الستة بالحرب في غزة؛ فهذه ليست حربًا تقليدية تحارب فيها دبابات ضد دبابات أو مشاة ضد مشاة."

6-     معايير مزدوجة:

جادل "شوارتز" بأن "إسرائيل" خضعت لمعايير مختلفة عن الدول الأخرى في حربها ضد الفلسطينيين في غزة؛ حيث أُجبرت على توفير الغذاء والماء والكهرباء لمنطقة تسيطر عليها منظمة تحاربها، وبالتالي دعمت "حماس" عن غير قصد. وأكد "شوارتز": "لقد طُلب من إسرائيل، بخلاف أي دولة أخرى في العالم، إمداد العدو. إن إسرائيل تتعرض لضغوط هائلة لتقديم المساعدة وإطالة أمد الحرب، بينما يعتبر فرض حصار على منطقة ما أداة تقليدية ومشروعة للحرب".

في السياق ذاته، قال "شوارتز": "لم أسمع قط عن جيش أو دولة تحاول كسب حرب وفي الوقت نفسه تقدم هذه الإمدادات للعدو"، وأضاف أنه بدلًا من الاستسلام للضغوط الدولية، كان ينبغي على "إسرائيل" تنفيذ سياسة أكثر وضوحًا. فكان من الممكن نقل المدنيين الراغبين في الاستسلام بأمان إلى منطقة إنسانية مخصصة جنوب القطاع، حيث كانوا سيحصلون على الطعام والماء والمأوى، وكان من الممكن إعلان الأراضي المتبقية منطقة حرب دون مثل هذه القيود. ووفقًا لما يعتقده "شوارتز"، فإن الفشل في إدارة هذا الوضع بشكل فعال نابع من عاملين: الضغط الدولي المستمر وافتقار الجيش "الإسرائيلي" إلى خطة ملموسة للتعامل مع مثل هذا السيناريو.

7-     حرب على جبهات متعددة:

منذ بداية الحرب، تم سحب "إسرائيل" في اتجاهات متعددة؛ إما أن تفرض الإدارة الأمريكية قيودًا شديدة على الجيش، أو كان مطلوبًا منها تحويل الموارد لمحاربة أعداء آخرين. فبعد الصاروخ الأول الذي أطلقه "حزب الله" في الثامن من أكتوبر 2023، كان على الجيش نشر أعداد كبيرة من الجنود على الحدود الشمالية والانخراط في القتال في لبنان لاحقًا. وبعد ذلك بوقت ليس بالطويل، تسبب سقوط نظام "الأسد" في حالة من عدم الاستقرار على الحدود السورية، ما تطلب قوات إضافية.

ثم جاءت تهديدات جديدة من الحوثيين وإيران، ما تطلّب مزيدًا من الاهتمام والموارد. وقال "أفيفي": "لأول مرة في هذه الحرب يتجه مركز الثقل بالكامل إلى غزة؛ أعتقد أنه بتمكّن الجيش من تحييد المحور؛ حيث أصبح كل من حزب الله وسوريا وإيران والعراق والحوثيين جميعًا ضعفاء للغاية، يمكننا حقًا التركيز على غزة الآن. وفي ظل هذا الواقع الجديد قال "أفيفي": "سنكون قادرين على تحقيق المهمة؛ لا يوجد شيء لا يمكننا فعله بمجرد أن نركز تفكيرنا عليه"، ويتفق الخبراء على أن "النصر هو الخيار الوحيد".

في هذا الصدد أيضًا، قال "تشوريف" إنه لن يكون أحد على استعداد للعيش في مجتمعات غلاف غزة إذا لم يتم القضاء على "حماس". علاوةً على ذلك، فإن ترك الحركة في السلطة سيشكل خطرًا ليس فقط على "إسرائيل"، بل على المنطقة بأكملها، كما أكد كل من "شوارتز" و"أفيفي". فقد قال "شوارتز": "أي سيناريو يترك حماس في قطاع غزة هو كارثة، وستكون الرسالة مدمرة: إذ يمكن أن تكون منظمة إرهابية متطرفة وإخوانية جهادية، حتى لو كانت صغيرة وضعيفة، تشن حربًا ضد إحدى أقوى الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط، وتنجو... لا يمكننا السماح بحدوث ذلك."