الحدث:
قررت السلطات الكويتية إيقاف عمل مؤسسات عمل خيرية، وما يترتب على ذلك من إيقاف جميع التحويلات الخارجية والداخلية وتجميد الاستقطاعات التي كانت موجهة لدعم العمل الخيري، وإيقاف الإعلانات والروابط والأنشطة المرتبطة بذلك. وبحسب تقارير صحفية، فإن القرار صدر من قبل لجنة وزارية ثلاثية، تشمل وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية، فيما لم تعلن بعد الضوابط الجديدة التي ستنظم العمل الخيري. وأطلقت بلدية الكويت حملة لإخلاء مقرات الجمعيات الخيرية والمبرات في السكن الخاص والنموذجي في كافة المحافظات.
الرأي:
على الرغم من أن هذه الإجراءات جاءت عامة دون تقتصر على جمعيات وأنشطة بعينها محسوبة على الإسلاميين، إلا أنه من المرجح أنها تأتي ضمن تحركات إقليمية ترتبط بإجراءات تستهدف ما تعتبره الولايات المتحدة أنشطة غير مباشرة لدعم حركة حماس، خاصة وأن دولاً إقليمية تنظر للكويت باعتبارها ساحة الإسلاميين النشطة في منطقة الخليج.
وقد أعدت مؤخراً مجموعة خبراء تابعة للجنة الدولية لحقوق الإنسان تقرير تحذيرياً كشف عن خطة وضعتها الإدارة الأمريكية لضرب ومحاصرة مؤسسات "الإسلام السياسي" في المنطقة، خاصة في مصر والأردن والكويت والسودان، حيث تمارس إدارة ترامب ضغوطاً على تلك الدول لاتخاذ إجراءات تقول إنها ضرورية لنبذ "التعاطف مع الإرهاب الفلسطيني" والتيارات الإسلامية. ويشير اختيار هذه الدول بصورة خاصة إلى أولويات ليست بعيدة عن دول خليجية، خاصة الإمارات، التي تتبنى بصورة أكثر وضوحاً أجندة العداء الإقليمي ضد الإخوان، خاصة في السودان والكويت، وهو ما يدفع للترجيح أن الخطة الأمريكية ناتجة عن تقييم مشترك مع حلفاء واشنطن بالمنطقة.
ومع هذا، فإن استجابة دول المنطقة لتلك الضغوط من المرجح أن تتباين وفق المعادلة والأولويات الداخلية لكل دولة، وهو الأمر الذي ميّز سابقاً استجابة دول المنطقة لضغوط السعودية والإمارات عقب الانقلاب العسكري في مصر، والتي اتخذت نفس المقاربة المتشددة ضد الإسلاميين، في حين أن دولاً مثل العراق والجزائر والأردن والكويت غلّبت اعتباراتها الداخلية على الاعتبارات الإقليمية آنذاك.
عموماً، ليس من المؤكد بعد إن كانت الإجراءات الكويتية ستقتصر على تجميد عمل الجمعيات وإعادة ضبط أنشطتها وفق إجراءات أكثر تشدداً، أم أنها ستتطور إلى ملاحقات قضائية بحق أشخاص ومؤسسات، وهو احتمال يظل قائماً في ظل الضغوط الخارجية من ناحية، والمناخ الداخلي الذي يشهد تصاعداً في المحاكمات ذات الطابع السياسي بحق نواب معارضين ومغردين، فضلاً عن إجراءات سحب الجنسية. بالإضافة لذلك، فإنه من المرجح أن تتواصل الحملة الأمريكية على المستوى الدولي بما يشمل المؤسسات الإسلامية في الغرب، وستظل الأولوية لمراقبة الملف المالي باعتبار أنه يمثل حجر الزاوية في وقف أنشطة الشبكات الداعمة لحماس من وجهة النظر الأمريكية.